أبودرار يكتب: سرية اللجن الدائمة .. حينما لم يوفق فقهاء الدستور

جمعني قبل أيام عشاء عمل مع وزير الدولة الاستاذ الرميد والدي يتحمل اليوم مسؤولية العلاقة مع البرلمان ، لمناقشة سبل الرقي بالعمل النيابي خاصة في ظل ضعف اهتمام الرأي العام بمتابعة أشغال البرلمان .
ومن بين النقط الأساسية التي من شأنها الرفع من انتاجية المجلس وجاذبيته ، كان هناك اجماع على أن أهمية أشغال اللجن تستدعي رفع السرية عنها ، مع بعض الاستثناءات ، إسوة بالكثير من الدول … لذلك فتعديل هده المادة من الدستور لها راهنيتها …
ونحن نعيش هده الأيام أسبار مناقشة مشروع قانون المالية ، وما يتخللها من نقاش حاد ومستفيض ، يعطيه الحضور الوازن للنواب ، اضافة لمختلف المدراء المركزيين دات الصلة بوزارة المالية … نكهة خاااصة ، وطعم مميز لا تخطأه جوارح المتعطش للمعرفة ..
الانخراط الجدي للنواب في مناقشة وتحليل المواد ، كل من خلفيته ، السياسية ، المهنية ، والمعرفية ، كل بأسلوبه ، تعطي للمناخ العام نكهة خاصة ، تجعلنا نتلدد بالاستفادة من الكم الهائل من المعلومات التقنية والسياسية لهكذا مواضيع .
حرارة النقاش الممتد بالساعات الطوال ، بعضها من التاسعة صباحا الى ما بعد منتصف الليل ، جعلتني اتحسر ، وغصة تكاد تخنقني، وأنا اتسائل :
ما المغزى من فرض السرية على أشغال هده اللجن ؟
كيف اباح فقهاء الدستور بث اسئلة شفوية من بضع ثوان بالجلسة العامة ، لا تغني سائلها لتوضيح الفكرة فمابالك بممثل الحكومة ، الدي بالكاد يفتح المكروفون للأجابة حتى يأتيه رد رئيس الجلسة بعبارة : انتهى الوقت السيد الوزير …و بالمقابل منعوا ذلك عن اجتماعات اللجن …
إن رفع السرية عن اجتماعات اللجن الدائمة ، والعمل على بثها مباشرة سواء عبر التلفاز او عبر الانترنت ، ليس من شأنه فقط اطلاع الرأي العام على مجريات التشريع البرلماني ومآل مناقشة مختلف النصوص القانونية والقضايا التنموية ، بل هي أيضا مناسبة لمعاينة الطاقات الكبيرة التي يزخر بها المجلس ودورهم الأساسي كممثلي الأمة ، خاصة في ظل هدا التقزيم والتبخيس الممنهج ضدهم …
إن أهمية مشاريع قوانين المالية ، ودورها الأساسي لتنظيم جميع مناحي تدبير البلاد ، لا يستقيم و مناقشتها في مكاتب مغلقة … وكأننا نناقش معلومات تخص الأمن القومي للبلاد …
فإدا كانت وثائق مشروع قانون المالية منشورة للعموم ،
ومناقشة التعديلات والتصويت على موادها يبث مباشرة تلفزيا ، فمالجدوى من فرض السرية على مناقشتها داخل اللجن ؟؟؟
لذلك اعتقد أن الفصل 68 من الدستور الدي فرض سرية جلسات لجان البرلمان فيه مساس بمبدأ الحصول على المعلومة المحددة في الفصل 27 منه , هدا دون نسيان الجانب الديمقرطي …
فسرية أشغال اللجن يجب أن تكون استثناء … وليس قاعدة …

محمد أبودرار رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *