أحداث وقعت برمضان وغيرت مسار المسلمين: غزوة بدر الكبرى

يحفل تاريخ الأمة الإسلامية بأحداث ووقائع عظيمة شكلت منعطفات حاسمة في مسار المسلمين بصفة خاصة والبشرية بصفة عامة. وقد شكل شهر رمضان الكريم مسرحا زمنيا للعديد من تلك الأحداث نظرا لمكانته العظيمة في نفوس المسلمين، وتأثيره القوي في الرفع من عزائمهم وتقوية هِمَمِهِم. ومنها غزوة بدر الكبرى:
وقعت غزوة بدر الكبرى في سابع عشر رمضان من السنة الثانية للهجرة (624م). وهي غزوة بين المسلمين بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم و المشركين بقيادة عمرو بن هشام المخزومي القرشي الذي قتل في المعركة.

وقد اشتهرت هذه الغزوة بفضل انتصار ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً من المسلمين على أزيد من ألف رجل من قريش. الأمر الذي مكن المسلمين من تحقيق مكاسب هامة جعلتهم مُهابي الجانب في قريش وأمدَّتهم بالأموال والغنائم وساهمت في رفع راية الإسلام وإعلاء كلمته إلى يومنا هذا.

سبب الغزوة:

رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقطع على قريش طريق قوافلهم التجارية مع بلاد الشام ليضعفهم مادياً، فعلم صلى الله عليه وسلم أن قافلة تجارية بقيادة أبي سفيان ابن حرب قادمة من بلاد الشام تحمل أموالاً عظيمة ويحرسها ثلاثون أو أربعون رجلاً، فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه « هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل اللّه أن ينفلكموها » (2).

فخرج صلى الله عليه وسلم من المدينة ومعه 314 رجلاً من الصحابة ومعهم سبعون بعيراً يتعاقبون ركوبها وَفَرَسان، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو لبابه وعلى بن أبي طالب يتعاقبون على بعير واحد، وكان صلى الله عليه وسلم لا يريد قتالاً.

خبر القافلة:

لما علم أبو سفيان بخروج المسلمين غيَّر طريق سَيْره إلى الساحل وأرسل إلى قريش ضمضم بن عمرو الغفاري يطلب منهم الخروج للمحافظة على تجارتهم وحماية رجالهم، عند ذلك أعدت قريش جيشاً من ألف رجل ومعهم سبعمائة بعير ومائة فرس، ثم أرسل إليهم مرة أخرى يخبرهم بأنه نجا بقافلته إلا أن قريشاً استمروا في سيرهم حتى وصلوا إلى بدر.

الاستعداد للقتال:

عندما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بخروج قريش لقتاله استشار أصحابه إذ أنه لم يخرج للقتال، قال تعالى:{ كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُون} (3).

وقال تعالى: { وإِذْ يَعِدُكُمُ اللّه إِحْدىَ الطَّائِفَتَيْن أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ الله أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ ويَقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرين}(4). فوجد منهم استعداداً للقتال وأنهم باعوا أرواحهم للّه فأخذ صلى الله عليه وسلم ينظم الصفوف ويبشرهم بإحدى الحسنيين النصر أو الشهادة.

بداية المعركة:

في يوم الجمعة السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة التقى الجيشان في بدر، وقد بدأت المعركة بالمبارزة، فقد خرج ثلاثة من المشركين وطلبوا المبارزة وهم: عتبة بن ربيعة وابنه الوليد وأخوه شيبة بن ربيعة، فخرج إليهم من المسلمين: عبيدة بن الحارث وعلي ابن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب رضي اللّه عنهم، فبارز عبيدة الوليد. وبارز حمزة عتبة فقتله، وبارز علي شيبة فقتله، أما عبيدة والوليد فقد ضرب كل منهما الآخر، ثم اجتمع حمزة وعلي على الوليد فقتلاه وحملا عبيدة إلى معسكر المسلمين، ثم التحم الجيشان وأمدّ اللّه المسلمين بالملائكة وكتب لهم النصر.

نتائج المعركة:

1- انتصر المسلمون وهُزِمَ المشركون، قال تعالى: { وَلَقدْ نَصَرَكُمْ الله ببَدْر وأنتُمْ أذِلَّةٌ فَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }(5).

2- اسَتشهد من المسلمين أربعة عشر رجلاً.

3- غنم المسلمون غنائم كثيرة.

4- قُتِلَ من المشركين سبعون. واُسِرَ منهم سبعون وممن قتل أبو جهل، فرعون هذه الأمة.

5- عرف المشركون أن المسلمين أصبحوا قوة عظيمة.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *