أحمد درداري يكتب: أفاق انتخابات 2021 مرهونة بتغيير شامل للحياة الحزبية وللضوابط القانونية (1)

هاشتاغ:
د. أحمد درداري يكتب: أفاق انتخابات 2021 مرهونة بتغيير شامل للحياة الحزبية وللضوابط القانونية.

كثيرة هي الاسئلة المعقدة التي تطرحها الانتخابات والعملية السياسية بصفة عامة وكثيرة هي العراقيل التي تواجه العملية الديمقراطية في المغرب، منها ما يتعلق بتحديد معالم خارطة سياسية جديدة يمكن من خلالها تحقيق توازن سياسي، ومنها ما يتعلق بالأحزاب وأخرى تتعلق بنمط الاقتراع وصعوبة إفراز نتائج تحاكي وتعكس الواقع المجتمعي، و تراعي مستويات حضور الأحزاب الصغرى والكبرى في العملية الانتخابية بالرغم من كون الانتخابات هي من الوسائل القانونية والديمقراطية التي تمنح للأحزاب حق التعبير عن سيادة الشعب أو الأمة في الدولة، ويتم إجراء عملية الانتخابات على رأس كل مدة انتدابية لاختيار مجموعة من الممثلين لعضوية المجالس أو اختيار مرشح لمنصب من مناصب السلطة أو الحكم، فهي تتعلق باختيار اشخاص لتقلد مسؤولية سياسية.

أما طريقة الاقتراع فهي أشمل وأوسع اذ تتعلق باختيار الاشخاص لتحمل المسؤولية التمثيلية وهو ما يتطلب رأي الشعب فيما يطرح عليه للاستشارة الشعبية كأن يتعلق الأمر بنص قانوني أو فكرة، بمعنى أن الاقتراع يشمل الاستفتاء من بين أشكال التعبير العام. اعادة النظر في شروط الترشح والتصويت.

هناك من لا تشملهم الشروط العامة للانتخاب بالنظر إلى المهنة فيستبعد أولئك الذين استثناهم القانون من القيد في اللوائح كالعسكريين ومأموري القوة العمومية مثل الدرك والشرطة والقوات المساعدة…إلخ ، مما يجب الوقوف على امكانية توسيع قاعدة المشاركة ، والذين لهم سوابق قضائية فيتم استبعاد المحكوم عليهم بعقوبات معينة ومحددة، أو المحرومين من حق التصويت بموجب حكم قضائي خلال المدة المحددة في الحكم، والغير المسجلين في اللوائح الانتخابية، إلى غير ذلك من الشروط العامة التي تختلف من نظام إلى آخر تبعا لأوضاع البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وقد تختلف تلك الشروط حتى في الدولة الواحدة عبر مراحل زمنية مختلفة. هل التصويت حق أم واجب؟ تختلف النظرة للتصويت أو الاقتراع، هل هو حق شخصي أم واجب وطني بحسب نوع السيادة المتبع في الدولة، فنجد أنصار نظرية السيادة الشعبية قد اعتبروه حقا شخصيا، يتمتع المواطن بحرية مزاولته ويمارسه بإرادته كحق اختيار لا إلزام فيه ولا تقييد.

أما دعاة نظرية السيادة الوطنية، فقد اعتبروه واجبا وطنيا، لا بد للمؤهلين قانونيا من أدائه، ومن ثم فهو حق إجباري، وهذه الاجبارية قد تكون معنوية عندما ينظر إليها من زاوية المصلحة العامة للبلاد، وقد تكون قانونية عندما تقتضي النصوص القانونية تعريض الناخب الممتنع عن التصويت لعقوبات محددة كأداء غرامة مالية مثلا. ويبقى حق التصويت من الحقوق التي تقرها التنظيمات الدستورية بما يلائم المجتمعات، بمعنى أن هذه المسألة تدخل في اختصاص المشرع الدستوري فيجعله حقا اختياريا أو حقا مطلقا أو مقيدا تبعا لما تقتضيه أوضاع المجتمع وما يلحقها من تطورات.

وعملية الانتخاب أو الاقتراع تقوم أساسا على النصوص القانونية التي تقضي بها وهذه النصوص متنوعة ومتعددة تبعا لاختلاف مجالات تطبيقها كأن يتعلق الوضع بانتحاب مجلس الجماعة أو البرلمان أو رئيس الدولة في الأنظمة الجمهورية وغيرها من المجالات. وتبدأ تلك العملية كقاعدة عامة بإجراءات تمهيدية تتمثل في تقسيم البلاد إلى دوائر انتخابية تبعا لنطاقها الترابي وأيضا ايجاد دوائر خاصة بالناخبين خارج التراب الوطني، وعدد سكانها ثم تحديد اللوائح الانتخابية فتطبيق الأساليب الانتخابية.

ضرورة مراجعة أنماط الاقتراع المتبعة.

أنماط الاقتراع مختلفة، فإذا تعلق الوضع باختيار الأشخاص فإن التصويت الايجابي أو السلبي أو الامتناع عن التصويت يكون له تأثير مباشر على نوعية التمثيل ونسبته، بخلاف الوضع بالنسبة للاقتراع بالاستفتاء إذ يتحدد التصويت على السؤال المطروح بشأن موضوع او مسألة محددة بوضع ورقة بنعم أو لا في صندوق الاقتراع يجري مرة واحدة بشأن ذلك الموضوع مهما كانت النتائج ومهما كان عدد المصوتين، ويعتد بالأغلبية المطلقة، أي بأكثر من نصف الأصوات ولو بصوت واحد، فيكون للتغيب أو إيداع أوراق فارغة أو لاغية في الصندوق بعد قراءة تأويلية وجانبية لهذه المعطيات أثر سياسي سلبي في جانب معين من الرأي العام تجاه موضوع الاستفتاء.

وتعمل السلطات الادارية على نهج أساليب انتخابية مختلفة، باختلاف الأنظمة الانتخابية في مختلف الدول، إلا أن الأساليب الأكثر شيوعا وانتشار في عالمنا اليوم تنحصر في الانتخابات المباشرة وغير المباشرة، الانتخاب الاحادي الإسمي والانتخاب باللائحة، مع اعتماد النظام الأغلبي ونظام التمثيل النسبي في احتساب عدد الأصوات، واعتماد أقوى معدل الذي يكون في صالح الأحزاب الكبرى أو أكبر بقية الذي يكون في صالح الأحزاب الصغرى. بالنسبة للاقتراع المباشر الذي يتم على جرجة واحدة، يكون فيه للشعب صلاحية اختيار نوابه مباشرة بدون وساطة. وبالنسبة للاقتراع غير المباشر أو بالوساطة، فيتم على درجتين أو أكثر.

وهذه الطريقة تقصي الشعب من عملية الانتخاب أو الاقتراع، وتقتصر على ممثلي الشعب المتواجدين في المجالس التمثيلية ليتولوا بدورهم تشكيل مجالس نيابية على درجتين أو أكثر.

والأسلوب المباشر للانتخاب غالبا ما يكون بالنسبة لنظام المجلس النيابي الوحيد، أما الانتخاب غير المباشر فغالبا ما تنهجه الأنظمة ذات الثنائية المجلسية على أساس تطبيقه بالنسبة للغرفة الثانية. بالنسبة للانتخاب الفردي أو الأحادي الأسمى يتم على أساس تقسيم الدوائر الانتخابية تبعا لعدد النواب المطلوب قانونا ليقتصر التنافس الانتخابي على نائب واحد بالنسبة لكل دائرة انتخابية.

أما الانتخاب باللائحة فيتم التقطيع الانتخابي على أساس تقسيم الدولة إلى دوائر انتخابية كبيرة، ويكون لكل دائرة انتخابية عدد معين من النواب يشترط تضمينهم في لائحة انتخابية في هذا المجال لدخول المنافسة الانتخابية، وهنا تطرح مسألة نوع اللائحة هل مغلقة أم مفتوحة.

بالنسبة للوائح المغلقة تمنح للناخب صلاحية اختيار إحدى اللوائح الانتخابية المقدمة إليه بكاملها وكما هي أي بجميع أعضائها دون السماح له بالانتقاء أو التعديل أو التشطيب. وبالنسبة للوائح المفتوحة فهي تخول للناخب حرية اختيار المترشحين الواردة أسماءهم في اللائحة ليعيد ترتيبهم وفقا لتفضيله الشخصي، فيقرر فرز المرشحين في قائمة وفقا لترتيب الناخبين حسب رغبته وليس على أساس الترتيب الذي وضعه الحزب، وهذا ما يسمى باللائحة بالانتقاء.

ويمكن هذا النظام الناخب من حقه في القيام بتقديم قائمة بأسماء المرشحين الذين يختارهم من مختلف القوائم المقدمة للانتخاب، أي يكون له الحق في تكوين قائمة بعدد معين من المرشحين على أساس حريته في الاختيار دون الخروج عن اللوائح المعروضة عليه. وللإشارة فإن نظام الأغلبية في حالة الاقتراع الفردي في دورة واحدة أو الاقتراع اللائحي في دورتين يؤدي إلى إيجاد أكثريات متنافسة ومتواصلة داخل المجالس النيابية ويساعد على إقامة « الثنائية الحزبية » ويعمل على تقليص عدد الأحزاب وحصرها في حزبين رئيسيين يتناوبان على السلطة وفق قاعدة الأغلبية الحاكمة والأقلية المعارضة، مع وجود حزب وسط في بعض الأنظمة من أجل التحالف لتدعيم نظام الأغلبية، فتنبثق عن تلك الأغلبية الحزبية في البرلمان حكومة قوية ومنسجمة تتمتع بالاستقرار السياسي، فضلا عن محاولتها قدر المستطاع تجنب الأزمات الداخلية.

وهذا ما تسعى إلى تحقيقه فعلا بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية حيث يسيطر فيها نظام الحزبين وألمانيا يسيطر فيها نظام الحزبين والنصف وهذا ما أصبح يتجه نحوه المغرب بعد دستور 2011، حيث في ظل نظام التعددية الفوضوي أصبح التحالف ضروري بين الأحزاب سواء لممارسة الحكم أو لممارسة المعارضة بسبب غياب حزب مهيمن. على خلاف الوضع بالنسبة لأسلوب التمثيل النسبي الذي يطبق على أساس الأخذ بنظام اللوائح أو القوائم الانتخابية، فإن الأنظمة التي تعتمد أسلوب الدورة الواحدة يكون غرضها تمكين مختلف التيارات وهو أسلوب ينصف كل الأحزاب، فتوزع المقاعد على الجميع.

يتبع..

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *