هاشتاغ:
أرقام “صادمة” تلك التي تكشفها مختلف المعطيات المتعلقة بالصحة النفسية في المغرب، حتى إن بعض الجمعيات ذات الصلة، دقت ناقوس الخطر، منذرة بأن القادم قد يكون أسوأ ما لم يواجه الوضع بإجراءات من شأنها تحسينه.
وضع يزيده سوءا، الصورة السلبية التي ينظر بها إلى المرض النفسي في المجتمع المغربي، ذلك أنه أصبح مرادفا لكل ما له علاقة بالجنون والحمق، وصارت بذلك زيارة عيادة نفسية أمرا “منبوذا” ينتقص من الفرد الزائر ومن عائلته… كل هذا، ونسبة المغاربة المصابون بمرض نفسي، تبلغ 49 بالمائة. بعبارة أخرى، نصف المغاربة مرضى نفسيون، وفق دراسة سنشير إلى تفاصيلها لاحقا!
وضعية طبية “كارثية”
لفت وزير الصحة السابق، الحسين الوردي، إلى أن مراكز الصحة النفسية والعقلية جد قليلة بالمغرب، بل وتعد على رؤوس الأصابع؛ ناهيك عن كونها متقادمة وتعاني نقصا حادا في الموارد البشرية بنسبة تتجاوز 45 بالمائة وتوجد فقط في المحور الرابط بين الرباط والدار البيضاء.
الوردي، في جلسة أسئلة شفوية سابقة بمجلس المستشارين، أماط اللثام عن وضعية “كارثية”، بسبب التأخر الذي عرفته السياسة الطبية في بلادنا منذ عقود، إذ كشف أن 160 طبيبا فقط يشتغلون لعلاج 8 ملايين شخص يعانون من الاكتئاب، و3 ملايين يعانون من القلق المستمر، و300 ألف من الفصام.
في حالة إصابة أحد الأفراد بمرض عضوي، يسارع أهله إلى استدعاء الطبيب وينفذون تعليماته بدقة ويقبلون بتشخيصه ويشعرون بتعاطف كبير مع المريض. لكن، إذا أصاب أحدهم مرض نفسي، يتردد أهله في مراجعة طبيب، ويحيطون التشخيص بالتشكيك والارتياب ويحاولون إخفاء المرض.
المسؤول الحكومي السابق اعترف بتقادم النصوص القانونية المنظمة لهذا النوع من الأمراض النفسية، ذلك أن آخرها يعود إلى عام 1959 ولم يتغير إلى الآن.
من جهة ثانية، توصلت نتائج دراسة ميدانية أجراها ائتلاف الجمعيات العاملة لأجل الصحة النفسية، سنة 2016، إلى أن 48.9 بالمائة من المغاربة، يعانون من اضطرابات نفسية أو سبق لهم أن عانوا منها.
الدراسة التي شملت ما لا يقل عن 25 نوعا من الأمراض النفسية التي يرجح أن يصاب بها المغاربة، بينت أيضا أن حوالي 600 ألف مغربي يعانون من اضطراب عقلي حاد.
معطيات تؤكدها من جهة أخرى، الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، إذ تبرز في تقرير لها صدر سنة 2012، أن مستشفيات الأمراض النفسية بالمغرب لا تتوفر فيها أدنى شروط الإنسانية للاستشفاء والعلاج، فضلا عن النقص الحاد الذي تعرفه في بنيات الاستقبال من مراكز صحية وقائية أو أجنحة خاصة في المستشفيات العمومية.