أزمة مشروع سد النهضة بين جهود الأمم المتحدة و فشل مفاوضات المنظمات الإقليمية


محمد البغدادي (باحث في مركز الدكتوراه في تخصص القانون الخاص كلية الحقوق بطنجة)

من الواضح جدا أن أزمة مشروع سد النهضة بين مصر والسودان أمام التعنت الإثيوبي بشأن تفعيل اتفاق إعلان مبادئ بتاريخ 23 مارس 2015 الذي أنشأته دولة إثيوبيا سنة 2011، يأتي في سياق جهود وتطورات الأمم المتحدة الأخيرة و في ظل مشاورات مشروع القرار التونسي الخاص بسد النهضة بتاريخ 8 يوليوز 2021 من خلال جلسة قمة مجلس الأمن الدولي استكمالا للعديد من الجولات والمحطات وموائد مستديرة بشأن إيجاد الحل السياسي المبني على الواقعية والتوافق في ظل فشل مفاوضات ومحادثات الاتحاد الأوروبي و الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية ،وفي إطار استعداد إثيوبيا لبدء المرحلة الثانية لملء السد العملاق مع بدء موسم الأمطار في يوليوز 2021 ، وسط اتهامات مصرية وسودانية بمحاولة فرضها سياسة الأمر الواقع والانتهاء من السد بشروطها، وهو ما سيخلّف آثارا سلبية عميقة على البلدين اقتصاديا واجتماعيا على المستويين المتوسط والطويل، وسيؤدي إلى تراجع حصتيهما التاريخية من مياه النهر، الأمر الذي جعل من مصر والسودان في التفكير في الدخول في التهديدات العسكرية مع دولة إثيوبيا التي رفضت المبادرة المصرية السودانية التي تقضي بتشكيل رباعية دولية لقيادة مفاوضات حول سد النهضة في شخص الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة الأمريكية وأكدت أنها لن تتعامل إلا مع الوساطة الإفريقية المتمثلة في الاتحاد الأفريقي. وترفض أيضا الالتزام بأي اتفاق يقيّد حقّها في إتمام عملية الملء.

وتجدر الإشارة إلى أن دولة إثيوبيا تطالب بما تسميه الحقوق الجغرافية باعتبار أن نحو 80% من مياه النيل تنبع من أراضيها.

وترفض بنود اتفاقيتي 1929 و1959 حول تقاسم مياه النيل، وخصوصا الموافقة المصرية المسبقة على مشاريع الري بدول المنبع، كما تصر أديس أبابا على أن تكون فترة ملء بحيرة السد خلال 7 أعوام على أقصى تقدير، وأن يستمر التخزين طوال أشهر السنة، وترى أن 40 مليار متر مكعب من مياه السد التي تطلبها مصر سنويا ستعرقل قدرتها على ملء السد في الوقت المحدد وإنتاج الكهرباء، هذا فضلا عن رفض إثيوبيا وجود خبراء مصريين أثناء عملية ملء السد، أو الإدارة المشتركة له، وكذلك وضع فتحات أخرى في السد.

وفي هذا السياق، فإن السؤال الكبير والعريض الذي يثار بشدة هو: إلى أين سيؤدي تعنت دولة إثيوبيا بشأن تقاسم مشروع سد النهضة مع مصر والسودان في ظل التوجه المصري نحو الخيارات العسكرية؟ وبعبارة أخرى ما مآل رفض دولة إثيوبيا الالتزام بالاتفاقيات الخاصة بالمياه الدولية المشتركة ؟

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *