أشخاص لم يصابو بفيروس كورونا.. يا ترى لماذا؟

قالت صحيفة « لوفيغارو » (Le Figaro) الفرنسية إن بعض الناس، وإن كانوا غير كثيرين، أقل عرضة من غيرهم للإصابة بكوفيد-19، رغم مخالطتهم أشخاصا مصابين بفيروس كورونا، وذلك بفضل مجموعة من العوامل المحددة للغاية.

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم مايول ألديبير- أن الشابة إيلويز (اسم مستعار) البالغة من العمر 25 عاما، لم تصب قط بالمرض، وهي تقول متعجبة من نفسها « كنت على اتصال عدة مرات بالمرض، وقد أصيب به صديقي الصيف الماضي، دون أن أعير الأمر اهتماما على الإطلاق »، وقد نجا والدها كذلك من الإصابة مع أنه عاش مع زوجته واثنين من أطفاله المصابين في المنزل نفسه.

وتقول الفتاة السعيدة بقوة مناعتها، دون أن تفهم لماذا لم تصب ووالدها بالفيروس، « أجرينا كلانا اختبارات منتظمة، وفي يوليو/تموز الماضي كان اختبار المصل سلبيا، وقد تم تطعيمنا ونحن نتعامل مع المرض بحذر، ولكن لا شيء أكثر من ذلك ».

وتساءلت الصحيفة لماذا لم يصب قط بعض الأشخاص بكوفيد-19 ولن يصابوا به أبدا، رغم استمرار موجة « أوميكرون » (Omicron) في الارتفاع واقتراب السجلات في فرنسا من نصف مليون حالة إيجابية مسجلة في غضون 24 ساعة؟ لتنبه إلى أن كوفيد كغيره من الأمراض، لديه عوامل تزيد من مخاطر تطوره، ولكن له أيضا عوامل تقلل منها.

يقول أستاذ الصحة العامة فيليب أمويل إن « هناك دراسات وبائية للبحث في الخصائص البيولوجية والمورفولوجية لمعرفة ما إذا كانت هذه العناصر مرتبطة بأشخاص لم يصابوا قط بالعدوى »، من بينها فصيلة الدم، مشيرا إلى أن هناك إجماعا على أن الأشخاص من ذوي الفصيلة « أو » (O) تكون مخاطر الإصابة بكوفيد لديهم أقل بنحو 20%، في حين تكون مرتفعة لدى أصحاب الفصيلة « إيه » َ(A) و »إيه بي » (AB)، كما يقول جاك لوباندو مدير الأبحاث في المعهد الوطني للصحة والبحوث الطبية بجامعة نانت.

ويشير هذا الباحث الذي جمع عشرات الدراسات المنشورة في هذا الاتجاه منذ بداية الوباء، إلى أن فصائل الدم لها دور على مستويات أخرى في التعرض لكوفيد-19، مع مقاومة أفضل بالنسبة لأصحاب الفصيلة أو لشدة المرض على وجه الخصوص.

كيف يمكن للأشخاص حمياة أنفسهم من كوفيد-19؟ المصدر: مؤسسة حمد الطبية في قطر، كورونا، إنفوغراف

نزلات البرد

وتعد فعالية جهاز المناعة عاملا آخر في تقليل خطر الإصابة بالعدوى، وهي تختلف باختلاف الأشخاص، يقول فيليب أمويل « بعض الناس يصابون بكوفيد أقل من غيرهم بسبب المناعة الموجودة مسبقا »، كما يوضح مشرفون على دراسة في إمبريال كوليدج أن الإصابة بالمجموعة « أ » من فيروسات كورونا التي تؤدي إلى نزلات البرد، يمكن أن تمنح مناعة ضد الإصابة بالمجموعة « ب »، وهي مجموعة كوفيد-19.

وخلص الباحثون في الدراسة إلى أن الإصابة بنزلة برد يمكن أن تسمح للجسم بتصنيع خلايا تائية « تي » (T) قادرة على التفاعل بسرعة أكبر مع فيروس « سارس-كوف-2 » (SARS-COV-2) المسبب لكوفيد-19، وهذا الاكتشاف يمكن أن يكون أساسا للقاح جديد، بحيث توفر الخلايا اللمفاوية التائية استجابة أكثر دواما من الأجسام المضادة، على عكس اللقاحات الحالية التي تهاجم بروتين السنبلة الذي يميل إلى التحور بسهولة أكبر، وبالتالي إحباط اللقاح الحالي.

عوامل وراثية

إضافة إلى فصيلة الدم والمناعة، تم العثور على عامل آخر يحدّ من مخاطر العدوى في الجانب الجيني، إذ أظهرت العديد من الدراسات أن الجينات لها دور قوي في احتمال الإصابة بنوع حاد من كوفيد-19، يقول مدير المركز القومي لبحوث الجينوم البشري جان فرانسوا دولوز إن « هناك العديد من الأسباب للاعتقاد بأننا يمكن أن نكون أكثر أو أقل حساسية للعدوى بسبب التقاء بين فيروس ومستقبل. وعلى المستوى الجيني يمكن أن نتخيل اختلافات محددة للغاية في التعرف على الفيروس، يمكنها أن تمنع دخوله ».

غير أن إجراء دراسة لإلقاء الضوء على هذه الخصوصيات يتطلب جمع عدد من الأشخاص الذين لم يصابوا قط بفيروس كورونا لتعريضهم للفيروس، ثم قياس مستويات أجسامهم المضادة للبحث عن الاختلافات الجينية، إلا أنه من الصعب للغاية اليوم معرفة ما إذا كان الشخص مصابا بالفيروس أم لا، خاصة وأن التطعيم يمنح الأجسام المضادة لغالبية كبيرة من السكان، كما أنه من الصعب تصور تعريض الناس طواعية لكوفيد-19.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *