إضراب عمال النظافة وتراكم النفايات بجماعة تطوان.. حكاية الرئيس مع الشيك بدون مؤونة

هاشتاغ: تطوان
في ظرف شهرين فقط و للمرة الثانية على التوالي، يضطر عمال الشركتين المكلفتين بجمع النفايات المنزلية لفائدة جماعة تطوان إلى خوض الإضراب عن العمل بعد عدم توصلهم بأجورهم عن شهر نونبر المنصرم، مما جعل مدينة تطوان تغرف في الأزبال المتراكمة في ركن من أركان المدينة، مما يهدد الصحة العمومية الناجمة عن الروائح الكريهة المنبعثة عن النفايات غير المجموعة، وما تفرزه من جراثيم وميكروبات قد تزيد من معاناة مرضى كوفيد 19 التنفسية.

وفي سياق هذه الأزمة المزمنة بجماعة تطوان، سيخرج رئيس جماعة تطوان ببيان للرأي العام، قام بنشره بالصفحة الرسمية للجماعة على موقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك) يعتبر فيه أن إضراب عمال النظافة تشوبه أغراض سياسية، وأن الجماعة قد قامت بتأدية مستحقات الشركتين المالية، بالإضافة إلى التهديد باللجوء إلى تطبيق الجزاءات على الشركتين بكيفية تلقائية في حالة استمرار توقف العمال التابعين لهما عن العمل.

وفي هذا الإطار يمكن القول بأن “نظرية المؤامرة” هي ذريعة تعودت الأحزاب الإسلامية اللجوء إليها كلما وجدت نفسها في ورطة، وغير قادرة على مواجهة الإكراهات التدبيرية. فأية اغراض سياسية ستكون للشركتين المفوض لهما تدبير قطاع النظافة، حتى تدخل في مثل هذا النوع من المؤامرات ضد الجماعة، علما بأن اختيارهما تم من طرف رئيس الجماعة الحالي سنة 2012 وبمبلغ مالي جد مشجع، بعد أن قام بفسخ العقد مع الشركة السابقة التي كانت مكلفة بتدبير هذا المرفق، فهل هناك شركة تجارية يمكن أن تغامر بسمعتها وتتكبد خسائر مالية للدخول في منازعات لا طائل منها مع الإدارة المفوضة؟.

أما فيما يتعلق بزعم رئيس الجماعة أنه قام بصرف مستحقات الشركتين، فالواقع أن الرئيس لم يقم سوى بإجراء إداري ومالي يتمثل في التوقيع على الأمر بالصرف، الذي يخضع لرقابة الخازن الإقليمي للتأكد من توفر الاعتمادات المالية بميزانية الجماعة. حيث تبين بعد القيام بالإجراء الرقابي المذكور عدم توفر الجماعة بالفعل على السيولة المالية، وهو ما يقابله في القانون المدني بما يصطلح عليه بإصدار شيك بدون مؤونة.

أما فيما يخص تهديد الجماعة باللجوء إلى تطبيق الجزاءات بكيفية تلقائية على الشركتين بسبب الإخلال بالبنود التعاقدية، والتي تتمثل في عدم جمع النفايات المنزلية بعدما خاض عمالهما إضرابا عاما بسبب عدم أداء أجورهم، فيمكن القول بأن هذا الإجراء حق من حقوق الجماعة التي يجب أن تقوم بها كلما كان هناك إخلال من الشركتين بالتزاماتهما التعاقدية طبقا لما ينص عليه العقد الرابط بينهما.

ولكن مثل هذه الجزاءات يمكن الطعن فيها بالإلغاء أمام المحكمة المختصة، خاصة إذا أثبت الشركتان إن عدم الوفاء بالتزاماتهما التعاقدية يرجع إلى قوة قاهرة تتمثل في وجود عامل أجنبي خارج إن إرادتها حال دون ذلك، والمتمثل في عدم توافرهما على السيولة المالية الكافية لأداء أجور العمال، بسبب تراكم دائنيتهما في مواجهة الإدارة المفوضة التي تتقاعس عن أداء مستحقاتهما المالية خلال الآجال المتفق عليها في العقود التي تربطهما معها.

والخلاصة أن تدبير جمع النفايات المنزلية بجماعة تطوان قد عرف منعطفا خطيرا منذ سنة 2017، بعدما وصلت الجماعة إلى مرحلة العجز المالي الذي ترتب عنه عدم قدرتها على أداء بعض نفقاتها الإجبارية الناجمة عن التزاماتها التعاقدية، وهو ما اضطر يالسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية إلى التدخل من أجل تغطية هذا العجز، ولكن ذلك لا يتم إلا بعد تضرر الساكنة من تراكم الأزبال بالمدينة.

وأمام هذه الوضعية أصبحت مراجعة أسلوب تدبير قطاع النظافة مسألة ضرورية، وربما تكون الوسيلة الأكثر نجاعة هي تفويت القطاع إلى مجموعة الجماعات الترابية، الشيء الذي سيؤدي إلى تخفيف التكاليف المالية التي تتحملها كل جماعة على حدة جراء تسييرها المنفرد لهذا المرفق، مع ما يتيحه هذا الأسلوب من إمكانية تلقي مجموعة الجماعات من الدعم المالي الضروري لتغطية الإكراهات المالية التي قد تطرأ في المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *