الأمين مشبال يكتب: في زمن الكورونا.. الصحافة بين الاخلاقيات والحماسة الزائدة

امين مشبال يكتب: في زمن الكورونا.. الصحافة بين الاخلاقيات والحماسة الزائدة

لقد كانت الحكومة المغربية صائبة في اختيار الخطة الاستباقية في التعامل مع وباء الكورونا،مستفيدة من الأخطاء التي وقعت فيها بعض الدول كإسبانيا التي تعاملت في البداية مع الموضوع بنوع من الاستخفاف مما جعل وتيرة الانتشار سريعة والتكلفة البشرية والاقتصادية مرتفعة.

فالتدابيرالاحتياطية المتمثلة في إيقاف كافة التظاهرات الثقافية ، ثم الدراسة وإغلاق المقاهي والمطاعم والمساجد تلافيا لتجمعات المواطنين(رغم تكلفتها الاقتصادية بالنسبة لفئات واسعة من المجتمع)، من شأنها التقليل من إمكانيات انتقال الفيروس، بيد أن تلك الإجراءات إذا لم تجد تفهما بل وتفاعلا من طرف عموم المواطنين ،فإنها لا محالة ستفتقد من نجاعتها.

ضمن هذا السياق يؤدي رجال ونساء الإعلام عبر مختلف الوسائط (الرقمية والمكتوبة والمرئية) أدوارا مؤثرة، باعتبارهم وسيطا ما بين السلطات العمومية والمجتمع، في نشر المعلومة الصحيحة للرأي العام دون تهويل ولا تجميل من جهة، ونقل تساؤلات وانتظارات وحتى انتقادات المواطنين لمكامن الخلل التي قد تصاحب تدبير المسؤولين للأزمة من جهة ثانية، مستندين في ذلك على الضوابط والقواعد المتمثلة في أخلاقيات مهنة الصحافة.

كما أن الظروف الدقيقة التي تجتازها بلادنا،تقتضي من رجال ونساء الإعلام التصدي لأطنان من الخزعبلات التي أصبحت تعج بها مواقع التواصل الاجتماعي.فالثورة التكنولوجية بقدرما سهلت تداول الأخبار وقلصت من إمكانيات الأنظمة الديكتاتورية من حجب المعلومة،فإنها في نفس الآن، سمحت لجيش من الدجالين والتافهين والديماغوجيين من إيصال بضاعتهم الفاسدة إلى جمهور واسع من المتلقين الذين يستلذون كل ما قد يتصل بصلة لنظريات المؤامرة،وللبذاءة في الأسلوب والضحالة في المضمون.

هذا الواقع الجديد، يفرض على الصحفيين مسؤولية التصدي لما قد يروجه بعض هؤلاء من أخبار زائفة أو من دعوات لنشر الكراهية والعنصرية واحتقار للمرأة وما إلى ذلك.

وبقدرما تزداد مسؤوليات رجال ونساء الاعلام فإن نسجهم لعلاقات متوازنة،واحتفاظهم بمسافة من كل الأطراف داخل المجتمع،تشكل الضمانة الأولى للحفاظ على مصداقيتهم باعتبارها رأسمالهم الحقيقي، كما أن صحة مجتمع ما وقوة دولة ما تنبني على استقلالية أجهزة الدولة في وظائفها وتكاملها في اغاياتها في آن واحد. من هنا لا يتعين ان يتماهى الصحفيون مع بعض مؤسسات الدولة كالشرطة القضائية والنيابة العامة، أو يظهروا « حماسة زائدة ».

فالصحفي ليس مخبرا ولا قاضيا، بل مهمته الأولى نقل الخبر وتنوير الرأي العام عبر أجناس صحفية مضبوطة وأخلاقيات معروفة.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *