ليلى قوام- المنصورية
نظم منتدى الشباب المغربي للألفية الثالثة بالمنصورية في النسخة الخامسة من مقهى الشباب لقاء تواصليا تحت عنوان « الشباب و التحولات الثقافية الرقمية »بتأطير من الإعلامية فاطمة الإفريقي ،و ذلك يوم الجمعة 28 من فبراير الجاري بمقهى » كاراميلا 2″.
6525 هم عدد الأشخاص الذين توصلوا بالدعوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لحضور أشغال هذه الأمسية الثقافية ،و400 شخص هو عدد المتفاعلين مع النقاش على تطبيق الفايسبوك عبر تقنية « اللايف ».
استهل اللقاء على الساعة 16:21 بكلمة افتتاحية يونس غازي عضو في المنتدى والذي رحب بالحضور و بالدكتورة المحاضرة و الإعلامية فاطمة الإفريقي، ليعطي الكلمة بعدها لعبد العالي بونصر منسق الشباب المغربي للألفية الثالثة إقليم بنسليمان ليعبر هو الآخر عن امتنانه و شكره لكل الحضور و لفاطمة الافريقي، كما تقدم بالشكر لمنسقة اللقاء رقية أشمال دكتورة و باحثة في مجال الشباب.
« هل التحول الرقمي غيرنا أم أننا كنا في طريق التغيير؟ »سؤال انطلق من شفاه السيدة فاطمة الإفريقي ليصل إلى آذان كل الحاضرين و يرسم على ملامحهم علامات الاستفهام و التعجب، لتكمل القول أن ما يشغل كل الشباب و يؤثر فيهم يشغل جميع الأفراد على حد سواء؛ و أغنت حديثها بالوقوف على مجموعة من القواطع و الفواصل التي خلقتها التقنية الرقمية بين العالم الافتراضي و الواقع.
الإفريقي أكدت على التراجع الذي صارا معاشا على مستوى التواصل الحقيقي و المباشر، ثم أضافت القول أن كل الأفراد أصبحوا ناشرين للمحتوى بدون رقابة، لتوضح فيما بعد أن العالم الافتراضي جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية، حيث أصبح المجتمع عاريا، شفافا و مفرطا جدا في التواصل و أصبحت تحكمه سلطة « اللايكات »،ما أثر على هوية و كينونة الإنسان وخصوصياته، إلا أن التقنية لها قدرة هائلة على فهم الإنسان و تزويده بكل المعلومات و المعطيات أو تخزينها له، فقد وضعت حدا للاحتكار الإعلامي و الثقافي.
و في السياق نفسه توقفت الإعلامية فاطمة الإفريقي عند مجموعة من سمات التقنية الرقمية حيث أشارت إلى الحياة الافتراضية أصبح يعيشها معظم الناس موازاة مع حياتهم الواقعية؛ هذه الحياة التي تعاش عن بعد في الزمان من حيث تقنية « اللايف » و في المكان من حيث تقلصه إلى شاشة هاتف أو كومبيوتر اللذان أصبحا مكتظان بالتطبيقات التي تخلق علاقات و صداقات افتراضية، في فضاء متاح و مجاني و بهذا يكون الناس في غنى عن ذاك التواصل الحقيقي.
« حرمتنا الإنترنيت أن نكون وحدنا عندما أوهمتنا أننا وحدنا » هو استشهاد الإعلامية فاطمة الإفريقي لما أحدثته كثافة التواصل عن بعد من تأثير في التواصل الحقيقي، حيث ضيعت فرصة الاختلاء بالذات و أفقدت الناس هويتهم ككائنات و ذوات إنسانية، فأصبح هناك إفراط في التواصل و استهلاك في الكلام بعدما كان حاجة إنسانية لغاية معينة، فصار الإنسان يعيش في مسرح كبير للوهم و الخداع و التضليل يخلق مغالطات بين كل ما هو حقيقي و مزيف.
وتوقفت السيدة فاطمة الإفريقي على التأثيرات التي أحدثتها التقنية في المؤسسات الثقافية التي أصبحت تطالب بالرقابة نظرا لما أصبح يعيشه الإنتاج الثقافي من وفرة على حساب الجودة، و لم تبقى خصوصية المعلومة للمؤسسة وحدها، فأصبحت الثقافة سلعة و ذلك لسهولة وحرية الولوج التي توفرها التقنية الرقمية.
وعبرت ءات المتحدثة، عن قلقلها اتجاه التفكك الأسري الذي أحدثته التقنية الرقمية، وتنبأت لمستقبل ضبابي صامت يفتقد للتعددية اللغوية، وأمراض كثيرة سيعيشها الأفراد نظرا للهيمنة التي أحدثتها هذه التقنية عليهم.