الاتحاد الاشتراكي.. الفعل السياسي الاستثنائي

علي الغنبوري

ما يقدمه الاتحاد الاشتراكي اليوم من فعل تنظيمي و سياسي متواصل و مستمر، يستحق وقفة تأمل و تدبر في هذا المسار الاستثنائي، في ظل ظرفية صعبة و معقدة، ان على المستوى الوطني او الداخلي.

فالحزب الذي اختار طريق التجميع و المصالحة التنظيمية مع ابنائه و بناته، في تجاوز تام لكل عثرات الماضي، جعل شعاره الاساسي، العمل السياسي السليم، المبني على الدينامية و التأطير السياسي و التنظيمي الهادف الى خلق التميز المرجعي و الفكري.

هذا الاختيار، لم يجعله الحزب شعارات فضفاضة، للتداول و السجال الاستهلاكي، بل انزله الى ارض الواقع، عبر دينامية اشعاعية و تنظيمية، متواصلة و متنوعة ، شملت كل تنظيماته و فروعه و امتداداته التنظيمية و السياسية.

قد نختلف او نتفق مع الحزب و قيادته ، لكن لا يمكن باي حال من الاحوال، ان ننكر ان الاتحاد، يعيش نقلة نوعية في مبادراته و مواقفه و ديناميته ، فالحزب تحول الى خلية نحل نشيطة، لا تتوقف عن الانتاج السياسي و التنظيمي و الاشعاعي، على كافة المستويات.

ما يقوم به الاتحاد الاشتراكي ، يستمد استثنائيته ، مما هو معروض اليوم على الساحة السياسية ، التي تشهد انحرافا كبيرا في طبيعتها و في ممارسة الفاعلين داخلها، فهي اليوم رهينة توجهيين اساسيين، يشوهان ملامحها و يطغيان على واجهتها.

فثنائية سلطة المال، و الاستغلال العمدي للدين في السياسة، هما الخطيين الرئيسيين، اللذين باتا يرسمان محددات العمل السياسي، داخل البلاد، و يتحكمان في مستقبله و في معظم الفاعلين به، و وحده الاتحاد الاشتراكي من اختار الخروج عن هذا الواقع الملتبس ، عبر منهجية سياسية واضحة وصريحة،تجعل من التأطير و الفعل السياسي و التنظيمي اساس حركيته و نشاطه.

اختيارات الاتحاد الاشتراكي في ظل هذا الوضع السياسي المأزوم، جسدتها مبادراته و انشطته و مواقفه و مقترحاته و مساهماته المتعددة و المتنوعة ، فالحزب استطاع ان يجسد رغبته في انجاح مبادرته في المصالحة التنظيمية، عبر دينامية اشعاعية و سياسية كبيرة، شكلت قنطرة متميزة لاعادة دمج اطره و مناضليه في جسده التنظيمي، و تقوية مواقفه و مرجعيته الاشتراكية الديمقراطية، ابتداء من احتفاليته الكبرى بالذكرى الستين لتأسيسه ، التي شكلت لحظة تاريخية في مساره، تمكن من خلالها من استرجاع عدد من ابنائه من مختلف الاجيال المتاعقبة عليه ، بالاضافة الى عدد من الانشطة المحلية و الوطنية المتميزة، و من بينها المنتديات الاشتراكية التي عبرت بجد عن عمق اهتماماته السياسية و مواقفه التابثة من القضايا المصيرية للبلاد.

كما استطاع الحزب ان يفرض ايقاعا تنظيميا و سياسيا كثيفا و ثابتا، شمل كافة فروعه و تنظيماته على امتداد الوطن ، تمكن من خلالها، ان يعلن عن نفسه كفاعل سياسي وطني، يساهم بشكل متميز في اعادة الثقة في العمل السياسي الجاد و السليم.

فعل الاتحاد الاشتراكي لم يقتصر على العمل التنظيمي و الاشعاعي، بل امتد الى كافة مناحي الحياة السياسية، حيث شكلت مواقفه داخل البرلمان، و مساهمته في رسم معالم النموذج التنموي الجديد، و مواقفه من عدد من القضايا الوطنية، نقط تميز حقيقية، كرست بشكل تأكيدي لاختياراته السياسية الاستثنائية.

كما اكد الحزب على هذا المنحى التصاعدي، خلال جائحة كورونا، من خلال سبقه و تفرده، في تقديم رؤية واضحة و متكاملة لتدبير هذه الجائحة و لتداعياتها المؤلمة على البلاد، من خلال الارضية التفصيلية و المتكاملة التي تقدم بها كاتبه الاول، بالاضافة الى مقترحاته النوعية في ما يخص القانون التعديلي لقانون المالية، اكدت رؤية الحزب المتبصرة و المتميزة للمجال السياسي و ادوار الفاعلين داخله ، خدمة للبلاد و المواطنين ، انطلاقا من مرجعيته الاشتراكية الديمقراطية، ذات الابعاد الاجتماعية و الوطنية.

و لعل ما يقوم به الحزب اليوم، و في ظل القيود التي فرضتها جائحة كورونا على العمل التنظيمي المباشر، من تعبئة و اشراك لاجهزته الوطنية و المحلية، في اتخاذ القرار الحزبي و السياسي، و الانصات لمقترحات و تطلعات الاتحاديات و الاتحاديين، من خلال اللقاءات الجهويةالجهوية عن بعد التي يشرف عليها المكتب السياسي برئاسة الكاتب الاول، هي تاكيد اضافي على الاختيار الثابت للاتحاد، بمواصلة الدينامية و تاكيد الحضور السياسي المتميز.

ما يقدمه الاتحاد اليوم ، يمكن ان يشكل موضوع اختلاف و نقد لعدد من الفاعلين داخله و خارجه، و يمكن كذلك ان تعتريه مجموعة من النواقص و الاخطاء، لكنه يظل في عمقه فعل سياسي استثنائي، يؤكد رغبة الحزب في تأكيد تفرده و تميزه و اختياره المبني على العمل السياسي الجاد و المسؤول، في ظل وضع سياسي ملتبس، تسيطر عليه اختيارات سياسية منحرفة و مشوهة.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *