الاتحاد الاشتراكي و التحذير من الانتظارية السياسية القاتلة

علي الغنبوري

لا اخفيكم سرا ، ان ما يدفعني لكتابة هذة المقال ، هو البلاغ القوي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، الذي كشف من خلاله عن وجود تعثر واضح في مسار الاصلاح السياسي ، المرتبط اساسا بالعملية الانتخابية و التحضيرات المصاحبة لها .

عبارات الاتحاد الاشتراكي كانت واضحة و غير قابلة لاي لبس ،فالحزب يؤكد عن تعثر او تلكأ في بسط مخرجات المشاورات الوطنية حول الاصلاحات الانتخابية و قوانينها التنظيمية و كل ما يرافقها من ترتيبات و مواعيد مظبوطة لانجازها ، كما أن الحزب حدد بدقة الجهة المسؤولة عن ما اسماه بالتراخي المؤسساتي ، فهو توجه بشكل صريح الى رئيس الحكومة باعتباره من اشرف على المشاورات ،و الى وزير الداخلية باعتباره هو من فوض له داخل الحكومة بتدبير هذا الملف .

بلاغ الاتحاد الاشتراكي ، كشف كذلك أن هناك ، لعبة شد حبل بين طرفين ، طرف يمثله رئيس الحكومة و خلفيته السياسية التي ترفض بشكل علني التوافق الوطني الواسع حول الاصلاحات السياسية ، و طرف آخر تمثله الإدارة الترابية المترددة في الدفع بنتائج المشاورات الوطنية إلى العلن .

هذا الوضع الملتبس ، هو ما يرفضه الاتحاد الاشتراكي ، باعتباره فاعل سياسي متجدر و تاريخي في الحقل السياسي المغربي ، فلا يمكن بأي حال من الأحوال ، ان تتوقف عجلة الاصلاح السياسي و المؤسساتي بالبلاد ، على اعتاب الإرادة السياسوية و الانتخابوية لمكون وحيد و معزول ،يريد ان يفرض شروطه على الجميع .

فالاتحاد الاشتراكي يرفض ، ان يتم رهن الزمن السياسي المغربي ، في ظرفية مصيرية داخليا و إقليميا و دوليا ، داخل إطار تسويات سياسية عقيمة لن تعمل الا على تكريس الوضع السياسي المختل ، و لن تساهم الا في تعطيل الخطة الإصلاحية الطموحة التي يقودها جلالة الملك .

ما طرحه الاتحاد الاشتراكي اليوم ، هو دق لناقوس الخطر ، حول الانتظارية القاتلة التي يحاول البعض فرضها على المنظومة السياسية المغربية برمتها ، من خلال التمطيط و التلكؤ ، لجر الجميع الى توافقات مبنية على تنازلات غير ديمقراطية و غير وطنية ، تعرقل المسار الاصلاحي الذي عبرت عنه مختلف مكونات المغرب.

دعوة الاتحاد الاشتراكي الأغلبية الحكومية الى الاجتماع ، هي دعوة لكافة مكوناتها ، بضرورة تحمل مسؤولياتهم ، للخروج من حالة الانتظارية القاتلة التي يفرضها رئيس الحكومة و خلفيته السياسية على الجميع ، و هي كذلك إشارة واضحة بان عمل الحكومة هو عمل مؤسساتي و سياسي بامتياز ، تشكل مختلف مكوناتها اساس القرار الجماعي المتخذ من طرفها .

المغرب مطالب اليوم اكثر من اي وقت مضى ، بالحسم مع كل الاختيارات و التوجهات ، الرجعية و الفردانية ، الخارجة عن الاجماع الوطني للبناء المؤسساتي الديمقراطي ، المبني على اشراك الكل و مساهمته في الدينامية السياسية ، التي تولدت من القناعة الوطنية الجماعية ، بضرورة مواكبة التطلعات و الرهانات الاستراتيجية الكبيرة للمغرب .

ما يطالب به الاتحاد الاشتراكي اليوم هو جوهر العملية الديمقراطية ،و هو المسار السليم الذي من المفروض ان يحتكم اليه مختلف الفاعلين السياسيين بالبلاد ، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم تعطيل و تجميد الاجماع الوطني حول الأجندة الإصلاحية ، و خضوعه لمنطق أحادي و فردي ، لا يرى الا مصالحه الحزبية الضيقة ، و لو على حساب الوطن و قضاياه الاستراتيجية و المصيرية .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *