الاصرار على قتل المصالحة !!

علي الغنبوري مناضل اتحادي

لن يختلف اثنان على ان قرار المصالحة داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، هو جرعة امل كبيرة كان الحزب بامس الحاجة اليها ، لنفض غبار سنوات طويلة من الصراعات و المطاحنات التنظيمية الهدامة التي افقدت الحزب كثيرا من وزنه السياسي و التنظيمي .

و اذا كانت المصالحة هي فعل تنظيمي جديد داخل الساحة الحزبية ، فان التفاعل معها و تقبل مخرجاتها ، يقتضي اولا الايمان بالاتحاد الاشتراكي و بضرورة استمراره كأداة مناسبة لحمل الفكرة و المشروع الديمقراطي ، ثم الاقتناع بالتجاوز الايجابي لكل الممارسات السابقة لجميع الاطراف المعنية بها ، في افق البناء المستقبلي للحزب .

فالمصالحة لا تعني التعويض عما سبق ، و لا تعني الامتياز عن الاخرين ،و لا تعني المقابل ، و لا تعني الخضوع و القبول الاعمى ، و لا تعني الابتزاز و المساومة ، و لا تعني الغالب و المغلوب ،ولا تعني كذلك التستر امام الذرائع و الانانيات للرفض ، بل هي تأسيس جديد لافق جديد يجعل من الحزب بيتا لجميع ابنائه يعتزون به و يعتز بهم .

للاسف ما وقع داخل الاتحاد الاشتراكي هو ان جزء من الموجودين داخل جسمه التنظيمي لم يقبلوا هذه المصالحة او بمعنى اوضح لم يريدوا هذه المصالحة ، بل سعوا الى تقويض اركانها و ضرب جوهرها ، و خلعوا انفسهم من اي التزام اتجاهها.

و كما يقول المثل الدارج  » العزاية صبروا او موالين الدار كفروا »، فبوادر هذا الرفض بدأت من اليوم الاول لطرح فكرة المصالحة ، حيث تابعنا كيف خرج البعض لمعارضهتها علنا ، و من قاطع جولاتها و احتفالاتها ،و من البسها لبوس الشك ، و من حاول إثقالها بشروط غير قابلة للتحقق.

حيث شكلت هذه المصالحة و المضي قدما في انجاحها و تنزيلها الى الواقع ، ارضية صلبة لظهور بعض الانانيات المكتومة ، و ما كان يعتمر القلوب من تقية و مهادنة حزبية ، شعارها الاساسي « الاتحاد لنا وليس لغيرنا  » ، لتبدأ رحى مقاومة هذه المصالحة تدور ، لطحن اسسها و تشويه و تسفيه المجهود الحزبي الكبير و المحترم الذي قدم في هذا الصدد.

يمكن للكل ان يبحث على المبررات و الدلائل و الذرائع المكنة و غير الممكنة ،لتبرير ظهور الاختلافات و « الصراعات  » الحالية ،كما يمكنهم الباسها الثوب الذي يشاؤون و يشتهون و تطمئن له قلوبهم و يحفظ دماء وجوههم ، لكن لا يمكنهم حجب الحقيقة الثابتة في هذا الموضوع ، الا و هي ان هذه الصراعات و الخلافات ، لم تظهر ولم تخرج الى العلن الا بعد طرح المصالحة داخل الحزب و السعي الى انجاحها .

توقيت ظهور هذه الخلافات و الصراعات ، لا يحمل الا رسالة واحدة و وحيدة ، « الاتحاد مناسب لنا بشكله هذا، ولا مكان للاخرين بيننا » ، فهم ينطلقون من فكرة اساسية ، مفادها ان رجوع الاتحاديين لحزبهم و تجاوزهم لخلافاتهم و انجاحهم للمصالحة ، سيقلص بشكل كبير هامش الفرص التي سهل عليهم الحصول عليها .

كما ان اقرار المصالحة و الانخراط القوي للحزب و قيادته في انجاحها ، كشف للملأ من يريد نهضة الحزب و تقويته و من لخص الحزب في منافع ذاتية و شخصية ،و من جعل من الابتزاز شرطا قائما لحياة الحزب و استمراره .

ما يزكي هذا الطرح ، هو ان هذه الاختلافات التي ظهرت بعد المصالحة ، لا تحمل اي بعد سياسي او تنظيمي او اخلاقي معقول و موضوعي ، بل هي خلافات مهزوزة و مرتبكة مبنية في جلها على داوفع ذاتية و امور شخصية ، يتم غالبا اقتناص الفرص لاظهارها ، بدون اي تصورات و افاق و بدائل سياسية و تنظيمية .

للاسف ما يقوم به البعض اليوم لا يمكن تفسيره الا انه سياسة للارض المحروقة ، لاشخاص لم يعد لديهم ما يخسرونه بعد ان حصلوا على كل شيء ، يحاولون اليوم هدم البيت باكمله على راس من يسكنه ، فكما يقول المثل ، حمل السلاح يكون في زمن الحرب لا في زمن السلم ، و الا تحول الامر الى تخريب و دمار تحت غطاء الكذب و التزوير و التحريف.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *