التجمعيون مستاءون من إقصاء رموز حزب الحمامة من “حكومة الكفاءات”

سليمان الخشين

يتساءل العديد من مناضلي حزب التجمع الوطني للأحرار، ولا سيما في جهة طنجة تطوان الحسيمة، عن سبب إقصاء أحد رموز الحزب من تشكيلة “حكومة الكفاءات” (أو حكومة سعد العثماني الثانية)، ويتعلق الأمر برشيد الطالبي العلمي، خاصة وأن الرجل قد أبان عن قدرات تدبيرية وأخرى تنظيمية لا ينكرها أحد.

رشيد الطالبي العلمي يعتبر أحد أكبر المؤثرين في مسار حزب “الحمامة” سواء من خلال صياغة قوانينه الأساسية والداخلية، أو الإشراف على خارطة طريقه الانتخابية، أو هندسة تحالفاته السياسية، كان أكبر الغائبين عن افتتاح الدورة التشريعية الأخيرة، حيث ظل تواجده بمجلس النواب متواصلا لمدة تناهز 17 عاما (2002 ـ 2019) سواء بصفته الحكومية أو بصفته النيابية. إلى أن تم افتقاده خلال افتتاح السنة التشريعية مساء أمس الجمعة.

إلى جانب ذلك فالطالبي العلمي، من رجالات الدولة القلائل الذين تولوا مسؤوليات متنوعة، بل ترك فيها بصمات واضحة، سواء الحكومية مثل التجارة والصناعة (2002 ـ 2004) أو الشؤون الاقتصادية والعامة (2004ـ 2007) أو الشبيبة والرياضة (2016 ـ 2019) أو على رأس مجموعة من المؤسسات المنتخبة مثل جماعة تطوان (2003 ـ 2009) ومجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة (2009 ـ 2015) ومجلس النواب (2014 ـ 2016).

مناضلو حزب “الحمامة” يرون أن الطالبي العلمي، وإلى جانبه محمد أوجار يعتبران آخر الرجال اللذين لم ينزلا على الحزب من فوق بواسطة “مظلة”، بل إنهما تدرجا في المسؤوليات الحزبية منذ بداية نشاطهما السياسي. ويتساءلون هل الأمر يتعلق بسياسة جديدة ينهجها رئيس الحزب “أخنوش” من حيث إغراق الحزب بتقنقراط (ولا سيما من الميدان الاقتصادي والمالي) ولا يجمعهم بالسياسة سوى “الخير والإحسان”، فإذا كان هذا هو رهان رئيس الحزب الجديد، فإن المناضلين يرون بأن مصيره لا بد أن يكون هو الفشل، حيث أدت العديد من التجارب التي نهجتها بعض الأحزاب (التي كانت تنعت بالأحزاب الإدارية) في هذا الإطار إلى النتيجة المذكورة، لأن التقنقراط غالبا ما يفتقرون إلى التقاط الإشارات السياسية، كما أنهم لا يملكون أية خبرة أو دربة في خوض غمار الانتخابات، التي تحتاج إلى ملكات خاصة. (غير ملكة تحليل الإحصائيات المالية والاقتصادية).

وهناك تيار آخر داخل حزب “الأحرار” يرى بأن “حكومة الكفاءات” تشبه إلى حد كبير “حكومة التقنقراط” التي كان قد عينها المرحوم الحسن الثاني سنة 1996 بقيادة المرحوم عبد اللطيف الفيلالي للإشراف على الانتخابات التي ستجري سنة 1997 والتي كانت مقدمة لفصل أحزاب “الوفاق” عن تدبير الشأن الحكومي في أفق إسناد هذه المهمة لأحزاب “الكتلة الديمقراطية” التي ستقود حكومة التناوب التوافقي سنة 1998 برئاسة ذ. عبد الرحمن اليوسفي. الشيء الذي قد يوحي بأن المغرب مقبل على توجهات سياسية جديدة، وأن السنتين المقبلتين ستكونان حاسمتين، سواء في تحديد ملامح البرنامج التنموي الجديد، أو في تشكيل نوعية وطريقة والخطوات التي يجب على الحكومة المقبلة أن تسير على هديها في أعقاب استحقاقات 2021.

وفي هذا الإطار يرى أصحاب هذه الفرضية أن إخراج أصحاب الدربة والتمرس السياسيين مثل الطالبي وأوجار، يهدف بالأساس إلى منح الوقت الكافي لهؤلاء للتفرغ للحملة الانتخابية المقبلة، التي لا شك أن ستبدأ في تصاعدها المستمر مع بداية الدخول السياسي الحالي. وإن غدا لناظره قريب.