الخوف من اعتراف قسري وبراغماتي لفرنسا بسيادة المغرب على الصحراء يجنن شنقريحة وأصحابه

*سعيد جعفر

يتخوف الجنرالات الجزائريون من اعتراف ممكن لفرنسا بمغربية الصحراء لتأثيره على المسلسل ككل، ولهذا فهم يقومون بالمستحيل لوقف أو على الأقل تعطيل هذا الإعتراف.

في الأسبوعين الأخيرين وقع كل ما يفيد حالة الاستثناء في الجزائر:

-خلق جبهة حزبية داخلية توحد فيها الجميع خلف العسكر للدفاع عن حق الشعب الصحراوي! في تقرير مصيره! والتحذير من التحركات الإقليمية في الصحراء وذلك مباشرة بعد زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكي للجزائر وخطابه الصادم للجنرالات وللطبقة السياسية.

-قيام الجيش الجزائري بمناورات عسكرية في ثلاث مناطق جزائرية تندوف وبشار وحاسي الرمل وتكثيف نشر تفاصيل هاته المناورات عبر الإعلام الرسمي.

لقد كان مقررا أن تكون هذه المناورات مشتركة مع فرق فرنسية بناء على طلب وزير الدفاع إبان زيارة ماكرون للجزائر غير أن ما وقع بالكركرات وما تلاه من اعتراف أمريكي بمغربية الصحراء جعل فرنسا تتخلى عن الأمر.

ولم يكن مستبعدا أن تكون قوات تركية طرفا لولا أن الحكومة التركية اليوم في مواجهة تحولات جيو استراتيجية جديدة تجعلها في لحظة دفاع وهدوء.

إقالة رئيس المخابرات الجزائرية وتعيين جنرال جديد ونا صاحبه من تصفية لتركة الجنرال المغتال صالح قايدي بما في ذلك مسلسل أنهاء الحكم المدني الشكلي بإحالة تبون على الإحالة على التقاعد لأسباب مرضية.

واليوم كان هناك جرعة جديدة في التأزيم عبر تصوير منطقة الكركرات وبير الكندوز منطقتي حرب وذلك مباشرة بعد مناورات الجيش الجزائري بتندوف وبشار وحاسي الرمل.

مناورات الجيش الفرنسي ثم خلق حالة تأزيم إعلامي عبر سلسلة إشاعات وتهديدات بالحرب المعني الأول بها هو فرنسا.

لماذا؟

إعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء هو أصعب وأخطر على الجزائر من اعتراف أمريكا لسببين. لكون فرنسا هي صاحبة المشكل ولكونها المعنية الأولى به، وبالتالي فاعترافها بمغربية الصحراء يعني نهاية الملف.

ما الذي حدث إذن في المطبخ الفرنسي ليمر الجنرالات الجزائريون إلى السرعة القصوى ويتخلون عن الأوراق السياسية والديبلوماسية؟

هذا الأسبوع زار رئيس غرفة التجارة الفرنسية ووفد من كبار المهنيين وأصحاب الرساميل الفرنسيين وأعضاء من لجنة الانتاجية والبنيات التحتية بالغرفة الأولى بفرنسا منطقتي بير الكندوز والكركرات والتقوا رئيس جهة الداخلة وادي الذهب الخطاط ينجا.

هذه ليست زيارة مجاملة أو استكشاف، يمكن للمخابرات الجزائرية أن تتعامل معها كنوضوع لتقرير أمني استخباري.
لا. هذه بداية تنفيذ لمخطط العمل الموقع بين غرفة التجارة الفرنسية وجهة الداخلة وادي الذهب على هامش مؤتمر المال والأعمال بين 23 و25 أكتوبر 2019.

تضمن هذا الاتفاق التزام غرفة التجارة الفرنسية بتهيئة وتدبير منطقتين للتجارة والتدبير على مساحة 30 هكتار لكل منهما بمبلغ 160 مليون أورو، يتم إحداث مدرسة عليا للإدارة والتدبير ومركز لتكوين مهنيي التجارة والصيد البحري والصناعات المرتبطة به، والعمل على استقطاب مقاولات فرنسية ودولية للاستثمار في هاتين المنطقتين ببير الكندوز و الكركرات على التوالي.

هذه أول مرة تطأ فيها أقدام مسؤول فرنسي ممثلا للحكومة وللدولة الفرنسية أرض الكركرات في الحدود مع موريتانيا ومباشرة بعد الاعتراف الأمريكي والعملية العسكرية.

هذا مؤشر سياسي وسيادي دال من نظام فرنسي رفض لتوه الاعتراف للنظام الجزائري بجرائمه ويقدم اعتذاره كما طلب تبون والجنرالات بهدف التنفيس الداخلي.

في يونيو 2018 كان المنتدى الأول للأعمال بين المغرب وفرنسا بالعيون، وقد نجح البوليساريو في التشويش على أشغاله ومخرجاته بدعوى مخالفة انعقاده والاتفاقيات المتولدة عنه لقرارات محكمة العدل الأوربية لسنتي 2016 و2018 وهو ما زكته المحكمة الأوربية وخلق أزمة سياسية بين المغرب والاتحاد الأوروبي لم تنته إلا بعد ضغط مغربي كبير وتهديد بوقف عدد من الاتفاقيات الفلاحية والتجارية والخدماتية.

المشاريع التي خصص لها غلاف 460 مليون أورو والتي ستهم منطقتين للتجارة والتصدير ببير الكندوز والكركرات و منطقة صناعية تجارية بمدينة المرسى (20 كلم جنوب العيون) بتوطين كبريات شركات التأمين و الأبناك الفرنسية كالبنك الوطني لباريس وباريس المنخفضة والشركة العامة والقرض الفلاحي وأكسا للتأمين وشركة التأمين للتجارة الخارجية وهي شركة تقوم بتأمين مخاطر تعاملات الأبناك وشركات التأمين، ليست مجرد مشاريع عادية وظرفية.

أولا فهي تتم ليس فقط في العيون أو في محيط العيون (المرسى) بل تستهدف بير الكندوز والكركرات وهناك احتمال ترتيبات في مراحل لاحقة لتصل مناطق أخرى لها حساسية خاصة لدى الجوار الإقليمي.
وثانيا أنها تتميز بطابع الديمومة قياسا على إحداث فرع لشركة تأمين التجارة الخارجية وهو ما يقوي وضعية المغرب السيادية على الصحراء.

*رئيس مركز التحولات المجتمعية والقيم في المغرب وحوض المتوسط

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *