الفارسي يكتب: للحرب شروط ثلاثة.. المال ثم المال ثم المال

إلا المال فإنه لما يبدأ في النفاذ، لن تنفعك لا تقية ولا عمامة ولا حلفاء ظرفيون ولا حتى أسلحة الدمار الشامل.

تذكروا ما حدث للاتحاد السوفيتي حينما انهار اقتصاده.

يقول سيمون بوليفار ، قائد حروب التحرير من قبضة الاسبان في أمريكا الجنوبية خلال بدايات القرن التاسع عشر: »للحرب شروط ثلاثة: المال ثم المال ثم المال ».

استخدم دونالد ترامب سلاح العقوبات ضد إيران، وصمدت طهران لسنين، لكن لما تراجعت الاحتياطيات من المال وأجبرت على رفع أسعار المحروقات، انفلت الغضب من عقاله.

اضطرت ايران إلى تهريب كميات من نفطها، مثلما حدث لناقلة النفط العملاقة (Grace 1) التي احتجزت في جبل طارق قبل بضعة شهور. أليس التهريب حيلة الضعيف أو المخالف للقانون؟!.

لما يصرخ المتظاهرون في شوارع مدن إيرانية بأعلى صوتهم: « لا دخل لنا بلبنان أو غزة »، فإنهم يعيدون تذكير حكام طهران بأن الحكومات ومؤسساتها وضعت حصريا، أو بالدرجة الأولى على الأقل، لخدمة شعوبها وفق عقد اجتماعي معين، وضمن حدود جغرافية معترف بها أو على الأقل متعارف عليها.

تمزيق صور خامنئي من قبل متظاهرين يعد بداية استهداف رمزي للمنظومة التي يتربع عليها من يشغل منصب « المرشد الأعلى »، وبداية ساطعة لتلاشي الطابع التقديسي له. لقد سبق أن رأينا هذا في مناطق أخرى غير بعيدة عن إيران، ولحقها فعلا سقوط رجال وأنظمة.
إن إعادة تفعيل البرنامج النووي قد تثير قلق الخارج، لكنها بالتأكيد لن تطعم جياع الداخل.

والأخبار الواردة من الداخل الإيراني تنبئ بأن مستوى الاحتجاج تجاوز الحدود المتحكم فيها منذ عام 1979. والنتيجة لن يتأخر ظهورها كثيرا، فإما أنهار من الدماء، وهذا أمر ليس مستبعدا بالنظر لعقيدة المؤسستين العسكرية والأمنية في ذلك البلد، أو تغيير لجلد الحكم مع ما ينطوي عليه ذلك من صراعات بين أجنحة موغلة في الولاء لفكرة ولاية الفقيه، وأخرى أكثر واقعية وميلا لعقلية البازار. أو صفقة بدرجة 180 تعيد توجيه المؤشر إلى محددات سياسات « شاهنشاه » رضوي.
والسيناريو المستبعد في الوقت الراهن على الأقل، هو اندلاع حرب أهلية. إيران كلمة تضم شعبا فارسيا، وشعوبا أخرى غير ذلك، وهي فخورة بانتماءاتها الأصيلة.

موازين القوى قد لا تجعل هذه المكونات جاهزة للتحرك قصد تحقيق مطالبها القومية، لكن نشطاءها يساهمون بالتأكيد في تأجيج الوضع الاجتماعي عموما.

في كل الأحوال لن تعود إيران كما كانت عليه قبل خروج شباب بغداد إلى ميدان التحرير.

أجل أتحدث عن شرارة شباب بغداد وميدان التحرير في العاصمة العراقية. لأن الأمر يتعلق تحديدا بقطع دومينو تتكيء على بعضها البعض من معبر (إسلام قلعة) إلى مياه شرقي المتوسط..

عبد الرحيم الفارسي
كبير المراسلين بقناة سكاي نيوز عربية

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *