القفز على الفضيحة السياسية

علي الغنبوري
المثير في قضية السيد مصطفى الرميد و عدم تصريحه بعامليه لدى الضمان الاجتماعي ، ليس الفعل في حد ذاته ، باعتباره وزيرا لحقوق الانسان ، يتوجب عليه ان يكون مثالا في احترام الحقوق و الدفاع عنها ، بل المثير هو المحاولات المتكررة و المتواصلة للتغطية على هذا الخرق القانوني و الاخلاقي البين ، سواء من قبله او من قبل الحزب الذي ينتمي اليه .

فمنذ تفجر هذا الملف ، و الكل يتابع المحاولات الحثيثة ، لاخماذ نيران هذه « الفضيحة  » التي باتت تحرق اوراق السيد الوزير و حزبه ، بدءا من تحميل المسؤولية للضحية نفسها ، و اعتبارها هي من خرقت القانون و من لطخت سمعة السيد الرميد « الله يهديها  » ، و دفع اسرتها الى تاكيد هذا الامر ، مرورا بتنظيم محاكمة استباقية داخل حزبه في محاولة لاحتواء تدعيات القضية ، سرعان ما بدأت تتسرب نتائجها، التي تعتبر ان استهداف السيد الرميد هو اساس هذه الفضيحة ، وصولا الى التصريحات العديدة لقيادات العدالة و التنمية المساندة للرميد .

هذه الفضيحة كشفت بما لا يدع مجالا للشك ، عن عقيدة و توجه سياسي خطير ، لدى حزب العدالة و التنمية يهدد العمل السياسي ، و يضرب مصداقية المؤسسات ، و يعطل القانون ، و يكرس الفساد الاخلاقي ، كمعطى و محدد رئيسي للعمل السياسي بالبلاد .

فما قام به السيد الرميد، غير قابل للتبرير ، و لا علاقة له بممارسته السياسية ، فهو خرق للقانون و جرم اجتماعي بامتياز ،يجعل ممارسته السياسية في موضع شك و التباس ، باعتباره اولا محامي يعرف معنى القانون و ما يترتب عن خرقه ، و باعتباره ثانيا فاعل سياسي يسعى الى تخليق المجتمع و الدفاع عن قضاياه و حقوقه ، و ثالثا لانه وزير لحقوق الانسان ، من المفروض انه مؤتمن عن هذه الحقوق .

تصريحات بعض قيادات العدالة و التنمية ، التي تحاول ربط هذه الفضيحة بالصراع و التنافس السياسي ، في افق ايجاد مخرج للسيد الرميد ، هي محاولات فاقدة للاخلاق السياسية ، و مكرسة للتعالي على القانون ، تهدف الى زرع الالتباس و خلط الاوراق ، و الهروب الى الامام

و خطورة هذا السلوك الذي يقوم به الرميد و حزب العدالة و التنمية ، تكمن في تبخيس دور المصداقية في العمل السياسي ، و ما يترتب عنها من ضرر على صورة السياسة بالبلاد و الفاعلين بها و انعكاسها المباشر على المؤسسات الوطنية ، و نزاهتها و شرعيتها .

هذا السلوك و للاسف لا يرتبط فقط بحالة الرميد ،بل انه اصبح نهجا يدائب عليه حزب العدالة و التنمية ، مع كل فضيحة يتورط فيها احد اعضائه و قياداته ، بحيث يصر هذا التنظيم السياسي ، على بعث رسالة واضحة مفادها ، نحن خارج القانون و الاخلاق السياسية .

فمع كل فضيحة تتفجر في وسطه ، يشهر هذا الحزب في وجه الجميع ، ورقة الاستهداف ، و المظلومية ، و يوجه سهامه في كل الاتجاهات، و يشكل مظلة سياسية لحماية المتورطين في صفوفه ، في تنافي تام مع كل المبادئ و الشعارات التي يعطي الانطباع بتبنيها .

لا معنى اليوم لما يقوم به حزب العدالة و التنمية ، فالسيد الرميد هو متورط بشكل واضح و لا غبار عليه ، و غير قابل للنكران ، ما يوجب على السيد العثماني ترتيب المسؤوليات حول هذا الملف باعتباره اولا رئيسا للحكومة تورط احد وزرائه في خرق للقانون ، و ثانيا باعتباره امينا عاما للعدالة و التنمية ، تبث بما لا يدع مجالا للشك ان احد قياداته متورط في جريمة اجتماعية .

و كما يقول المثل الدارج  » اللي فرط يكرط  » ، فلا معنى لخطاب الاستهداف و المظلومية ، اذا تبث الجرم ،فممارسة السياسة تقتضي النزاهة و الشفافية ،و اي اختلال في احداهما ، تنتفي معه اي مبررات و تفسيرات ، فالسياسة مصداقية و شرعية اخلاقية قبل كل شيء .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *