الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي في مؤسسة الفقيه التطواني .. الحكامة الأمنية 4/5

عبد السلام المساوي

مساء الأربعاء 21: ابريل 2021 ، الأستاذ إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، حل ضيفا على مؤسسة الفقيه التطواني ضمن حلقات رمضان بعنوان  » الأحزاب السياسية بين الرهان الانتخابي وانتظارات المجتمع « 

وقد ارتأينا تأمل أجوبة _ خطاب الكاتب الأول ؛ قراءة حمولته الفكرية والسياسية ، والقضايا التي قاربها ، وسنقارب في هذا المقال مسألة الحكامة الأمنية ومسألة الحقوق والحريات ..

يقول الأستاذ إدريس لشكر  » أنا اليوم اطلعت على تقرير  » مراسلون بلا حدود  » ، وألمني جدا المرتبة ( مرتبة 136 ) التي وضعتنا فيها هذه المنظمة ، وكان التعليل مؤسسا على هذه القاعدة ؛ اعتقال صحفيين أو ثلاثة صحفيين !!! طبعا انزعجت وقلقت …وبصراحة قلت ماكان ينبغي أن يحدث هذا وبلادنا كان بامكانها التجاوز ….لكن راجعت نفسي ، لما تبين لي أن افغانستان التي ينتفي فيها حتى الحق في الحياة بالنسبة للصحافي …رتبت أحسن منا !!! ؛
وأن برمانيا الغارقة في القتل وعرفت الانقلاب مؤخرا …رتبت أحسن منا !!!؛

وأن دولا عربية أعرفها جيدا وزرتها مرارا ؛ دولا قبلية عشائرية بدون تعددية ، بدون حريات وبدون حقوق ، الجرائد فيها بوق يردد صوت وكالة الأنباء الرسمية …رتبت أفضل منا !!!

وأن دولا إفريقية كالموزمبيق …كانت بالأمس القريب تخضع لهيمنة وجبروت الحزب الواحد …رتبت أحسن منا !!!

استنتجت ان المعايير والمقاييس مختلة ولا يجب أن يعتد بها ، من هنا وجب علينا ان نتعامل بيقظة وحذر مع كل ما يصدر عن هذه المنظمة وأشباهها من المنظمات  » الإعلامية  » و » الحقوقية  » …حتى لا نكون بوقا لأعداء المغرب ..

أنا _ يؤكد الأستاذ إدريس لشكر _ مناضل حقوقي ، مناضل بمرجعية حقوقية ، لا أدعي بأن كل شيئ بخير ولا أقبل أية مزايدة في هذا الشأن ، فالتاريخ سجل ويشهد من كان مناضلا من أجل مغرب حر وديموقراطي ، من كان يناضل من أجل تأسيس معالم دولة الحق والقانون ببلادنا ، ومن كان يتفرج بل كان يحاربنا سرا وعلانية ويطاردنا بتهم ملغومة…

أنا _ يضيف الأستاذ إدريس لشكر _ مناضل حقوقي وأنتمي الى حزب ناضل من أجل الحقوق والحريات ، ناضل من أجل مشروع مجتمعي حداثي وديموقراطي ، مجتمع العدالة الاجتماعية ، مجتمع يحمي فيه القانون حريات وحقوق الأفراد والجماعات …وقدم حزبنا في مساره الشاق والعسير التضحيات الجسام ؛ اعتقال باختطاف ، سجن باغتيال ، اخفاء باعدام….ولائحة هيئة الانصاف والمصالحة كشفت عن لائحة تضحيات الاتحاديات والاتحاديين…

نعم نسجل الان بان هناك تجاوزات ، لكنها تجاوزات فردية …ولكن ايضا نسجل بقوة فأقول فيما يتعلق بالحكامة الأمنية : اننا بخير .

والاتحاد الاشتراكي هو من جعل من الحكامة الأمنية موضوعا وأتى بالمحكمة الجنائية الدولية إلى البرلمان ، وهو من أنتج كل هذه المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بحقوق الإنسان ، هو الحزب الذي أسس لثقافة حقوقية بالمغرب .

اذن ، هذه قضايانا ، أسسنا لها وناضلنا من أجلها ودفعنا الثمن غاليا …ناضلنا من أجلها في وقت لم يكن أحد يجرؤ على طرحها ، بل ان طرحها من طرفنا كان يعتبر في نظرهم تهمة نستحق ان نعاقب بسببها !!!
وللأمانة والتاريخ _ يقول الأستاذ إدريس لشكر من باب التذكير والتنبيه _ لما كنت رئيسا للفريق الاشتراكي بالبرلمان ، ولما قمت بيوم دراسي حول موضوع الحكامة الأمنية ، واستدعيت خبراء دوليين في هذا الشأن ، قامت الدنيا ولم تقعد !!!

هذه قضايا الاتحاد الاشتراكي . فمن ادخل تقرير الخمسينية إلى البرلمان ؟! ومن أدخل تقرير المجلس الوطني للانصاف والمصالحة إلى البرلمان ؟!
كنا دائما وسنبقى صدى وتعبيرا عن كل المنظمات الحقوقية ..

نحن واعون بحجم المكاسب التي حققها المغرب في موضوع الحقوق والحريات ، ولكن هذا لا ينفي وجود تجاوزات ، تجاوزات يجب مواجهتها بنفس الشدة التي نواجه بها أي خرق للقانون … »

قراءة وتعليق في السياق

1_ الحكامة الأمنية واحدة من ثمرات المسار الاصلاحي المغربي ؛

التدبير الأمني ( أو الحكامة الأمنية ) للبلاد اصطبغ بالمفهوم الجديد للسلطة حتى أضحى من روافده ومن مؤشراته ومن تجسيداته ، المفهوم الجديد للسلطة ، مشحون بطاقات الاختيار الديموقراطي ، الذي سيتحول في الدستور الحالي الذي أجمعت عليه كل فعاليات البلاد الى رافعة استراتيجية ، مبدئية ثابتة وموجهة لتدبير المشترك الوطني للمغاربة .

ان الوقائع تكاد لا تنقطع يوميا عن اثبات أهمية الحكامة الأمنية ببلادنا ونجاعتها وضرورتها ، فهي واحدة من ثمرات المسار الاصلاحي المغربي ، مسار سرع من حركيته وعمق نوعيته خطاب 9 مارس 2011 .

ان الأجهزة الأمنية اندمجت في الديناميكية المغربية المعاشة منذ تحمل الملك محمد السادس الحكم .
إن أجهزة الأمن هي غير ما كانت عليه قبل قرابة 25 سنة من اليوم ، تلك الأجهزة التي عبرت جلسات وتوصيات هيئة الانصاف والمصالحة وقد تخلصت من جلدها الذي لفها سنوات الجمر والرصاص حقنها العهد الجديد بالمفهوم الجديد للسلطة ، وجهها الملك محمد السادس ، في سياق استراتيجيته المجددة لروافع ودوافع النظام السياسي ، نحو مواكبة المسار الديموقراطي والتنموي المغربي .

تلك المهمة حاولت قيادات أمنية من العهد السابق القيام بها ولكنها لم تفلح ؛ الأمر تعلق بمصالحة الأجهزة مع مجتمعها وتيسير اشراكها في منجز التطلعات الديموقراطية الجديدة والنوعية وأيضا بتطويرها وتنمية ثقتها في ذاتها . المهمة تحملتها وباقتدار نخبة من رجال العهد الجديد ؛ السياق يستدعي أن نذكر منهم محمد ياسين منصوري في مدير عام  » الدجيد  » ، الشرقي أضريس مدير عام الإدارة العامة للأمن الوطني ، آنذاك ، وعبد اللطيف الحموشي آنذاك مدير عام  » الديستي  » وحاليا مديرا ايضا لإدارة الأمن الوطني . لقد توفر لتلك الأجهزة من هم مهيئون لبلورة الإرادة الملكية في تجديدها .

لقد أضحى اليوم المنجز الأمني فاعلا داخليا في صيانة الاستقرار وفي مساحات تأمين التدافع الديموقراطي وفي التشجيع على تنمية الاستثمار الداخلي والأجنبي في البلد ، وفي نفس الآن باتت القدرات الأمنية المغربية مؤثرة في مأل علاقاتنا الخارجية ، بارزة ( اذا لم تكن حاسمة ) في تبادل المنافع بيننا وبين دول من نوع فرنسا ، اسبانيا ، الولايات المتحدة الأمريكية ، دول الخليج العربي ، و…..

وان الحاجة إلى المساهمة الوطنية مع الأجهزة الأمنية في القيام بمهامها ، تمليها تعدد أنواع ومصادر الأخطار الأمنية وهي المتفاعلة مع الخطر الارهابي بشكل مباشر أو غير مباشر .

ان الفعالية الأمنية تستدعي يقظة شمولية تراعي مولدات وتداخل الإنحرافات والنزوعات الإجرامية ؛ تلك المتصلة بالطبيعة الإنسانية او الناجمة عن الكيمياء الاجتماعية ، أو ذات المنشأ التصفوي السياسي والايديولوجي الموجه عن بعد ، من خارج ثوابت تاريخ المغرب ومن خارج مميزات جغرافيته الطبيعية والانسانية .

التحديات اليومية امام بعد التدبير الأمني للشأن العام الوطني هي المتصلة بتأمين شروط الممارسة الفردية والجماعية للحريات وللحقوق بكل أشكالها ( سياسية ، اقتصادية ، إجتماعية ) ، وقبل كل ذلك وبعده ومن أجل ذلك …تمنيع الوطن ، وهو المجال الحيوي لحياة المغاربة ؛ حياة يطمحون الى تجويدها في وطن يتوسلون بالديموقراطية صيانة تقدمه ، امانه ، وحدته وكرامته .

2_ لا نظام بدون حريات ولا دولة بدون أمن يحميها ضد المخاطر الداخلية والخارجية .

للأسف ابتلينا بشلة من المعارضين والحقوقيين والصحافيين عشاق التضليل الإعلامي والاستقواء بالخارج ، من هؤلاء الذين كلما داس لهم أحد على مصلحة ذاتية أو وجدوا أنفسهم تحت المتابعة القضائية بسبب فضائح أخلاقية ومالية صرخوا قائلين :

سنشكوكم لأمريكا وسنفضحكم في اوروبا ، وسنؤلب عليكم هيئات حقوق الانسان وكأنهم يتكلمون عن بلد لا يحملون جنسيته وكأنهم لا تربطهم أي علاقة بوطنهم . مثل هؤلاء الذين يفرحون ببيان من مؤسسة حقوقية ينتقد بلدنا أو يطعن في مؤسسات الدولة المغربية ، أو الذين يهللون لعناوين الصحف الأجنبية التي تتنبأ بخراب المغرب مستقبلا ، هم في حاجة إلى جلسات فورية للعلاج النفسي من داء الحقد ، هم في حاجة إلى التمييز بين مسار المعارضة المطلوبة في أي نظام سياسي من أجل تجويد أدائه ، ومسار هجومهم على الوطن ذاته فقط لأن مصالحهم المادية والمالية تعرضت للمساءلة والمحاسبة .

نقولها وبدون مواربة ، الدولة موجودة والحريات مضمونة والحاجة إلى توسيعها مطلوبة لكن ليست هناك علاقة خصومة بين الأمن والمواطن كما يحاول البعض ايهامنا ، ولن نقبل أن يتم ضرب المؤسسة الأمنية وعزلها عن المجتمع وتحميلها خيبات السياسيين والحقوقيين ، فلا نظام بدون حريات ولا دولة بدون امن يحميها ضد المخاطر الداخلية والخارجية ، والأمن بضمانات الملك محمد السادس في خدمة الدولة وحماية المؤسسات لا في خدمة أي جهة سياسية ولا يهدف لتحقيق أجندة سياسية ، وكل محاولات اقحام المؤسسة الأمنية في معركة سياسية لا تعدو أن تكون تضليلا وتدليسا لحجب فضائح أخلاقية .المغرب قرر لنفسه مسارا خاصا واستثنائيا ومتفردا ، ولن يضيع فرصة واحدة لاثبات هذا التفرد وسط عديد النماذج المتهالكة التي تحيط بنا والتي تحاول تقديم نفسها لنا باعتبارها ضرورية الاحتذاء …

المغرب ، عبر تاريخه العريق ، لم يقلد بلدا ولا أحدا ، كان نسيج وحده ، وسيظل هكذا ، لذلك يستطيع دوما أن يبهر حتى العاجزين عن الانبهار ، ولذلك يستطيع كل مرة ان يقدم لمن يريدون ان يلقنوه الدروس دروسا مضادة يتلقونها صفعات على الخد الأيمن ولا يستطيعون تقديم الخد الأيسر الا حين الضرورة والاحتياج لذلك فعلا …

المغرب تخلص من عقدة الخوف من منظمات تدعي الدفاع عن حرية الصحافة والإعلام ،ومن منظمات تدعي أنها صنعت للدفاع عن حقوق الانسان …
المغرب تخلص من عقدة الخوف من هاته المنظمات الكاذبة منذ سنوات عديدة ، بعد أن اقتنع وامن بأن اقناع ذوي النيات السيئة بنيتك الحسنة أمر مستحيل ، وأن هاته الهيئات التي تدعي أنها حقوقية أو تهتم بحرية الاعلام هي عبارة عن  » شركات  » هدفها الربح المادي أو المعنوي …

يكفينا هنا في المغرب أن نواصل على المنوال ذاته من الايمان بحقنا في العيش الكريم ، وفي إصلاح أخطائنا ، وما على المستقوين علينا بالأجنبي ، الا ان يواصلوا هذا الاستقواء ، فقد أسمى أجدادنا من كان يضع يده في يد المعمرين قديما  » الخونة  » ، ولن نشذ عن هاته القاعدة التي ورثناها عن الأجداد الذين حرروا البلاد ، ولن نغير سنة الله التي لن نجد لها تبديلا ….

اليوم صدق المغاربة والمغربيات . اليوم تحققت نبوءات من سكنهم المغرب قبل أن يسكنوه . اليوم الكل يقول شكرا جلالة الملك .

هو المغرب الذي يسري في العروق مسرى الدماء . وحين العروق وحين الدماء لا يمكنك ان تكذب أو تنافق او تكتب تحت الطلب مثلما يدعي الكئيبون ، حين الحب الحقيقي لا يمكنك التمثيل ، ويشهد الله اليوم أننا جميعا نحس بها هاته الأيام : المغاربة لا يمثلون حين حب المغرب ، هم يحبونه وانتهى الكلام…لا عقد لنا مع التاريخ ، فالتاريخ ملكنا ، ولا عقد لنا مع الجغرافيا فهي الأخرى منحتنا ترف الانتماء لأفضل وأشرف وأرفع مكان يوجد على سطح هاته البسيطة وهو المكان الذي يسمى المغرب .

لا نصفي عقدنا لا مع التاريخ ، ولا مع الجغرافيا ، ولا مع الالتباسات الأخرى الموجودة في الأذهان الصغيرة ، بكل بساطة لأننا لا نعاني من أي عقد . نواصل النضال الحقيقي ، اليومي ، الشاق ، الذي يقوم به المغاربة كلهم دونما خطب ودونما شعارات ، لأجل أن يكون لهذا المغرب صوته الذي يستحقه ، ومكانته التي يستحقها ورفعته التي هو قمين بها ، وسطوته التي هو جدير بها وأكثر .

نبني البلد مع ملك البلاد ، ومع الحقيقيين الذين يؤمنون بالبلد …ان الانتماء الأول والأخير هو للوطن ….
نقولها بالصوت المغربي الواحد …لنا نحن هذا الوطن الواحد والوحيد ، وهاته البلاد التي ولدتنا وصنعتنا وصنعت كل ملمح من ملامحنا ، والتي تجري فيها دماء أجدادنا وابائنا وأمهاتنا ، والتي تجري دماؤها في مسامنا وفي العروق .

نفخر بهذا الأمر أيما افتخار ، ونكتفي أننا لا ندين بالولاء الا للمغرب . وهذه لوحدها تكفينا ، اليوم ، وغدا في باقي الأيام ، إلى أن تنتهي كل الأيام ….

لا بد من الانطلاق من كون الأمر يتعلق بوطن . والوطن هنا ليس مجرد رقعة جغرافية لتجمع سكني ، بقدر ما يعني انتماء لهوية ولحضارة ولتاريخ . والمرحلة تاريخية سيكون لها ما بعدها . سواء بنجاح ينخرط فيه الجميع ، او بتفويت ، لا قدر الله ، لمناسبة زمنية سيحاسب فيه الجميع في المستقبل القادم .

هو المغرب الذي نريده والذي نرغب في أن يقوم على قيم واضحة للجميع انطلاقا من مجتمع الديموقراطية وحقوق الانسان . ديموقراطية تنتفي فيها القبلية والدموية والمحسوبية والبيروقراطية القاتلة ، ويحتكم الناس الى القانون . ديموقراطية تكون فيها القوانين مسايرة لتطور المجتمع ولتطورات العصر . وحقوق الانسان كما هي متعارف عليها دوليا انطلاقا من المرجعيات الدولية الموجودة في هذا الصدد .

المغرب الذي نريده ؛ دولة المؤسسات ودولة الديموقراطية التشاركية ، لكن انطلاقا من قيم الديموقراطية كما هي معروفة ، وليس ديموقراطية صناديق الاقتراع الشعبوية ( توظيف الدين والمال ) .

المغرب الذي نريد ؛ يعيش فيه الناس باختلاف وتسامح وبحقوق مضمونة . لكن أيضا بتنمية تحقق للمغرب مكانته الوطنية والاقليمية والدولية .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *