علي الغنبوري
من بين الاشياء الغريبة التي باتت تطبع مشهدنا النضالي اليوم ، هو هذا الاصرار لدى البعض على الخلط العمدي بين النضال و بين الجرائم ، و محاولة الباسها ثوب الاستهداف و المضلومية ، و ربطها بشكل مباشر بالمواقف السياسية و الحقوقية لمن يرتكبها .
و الحالة هنا تتعلق بتهمة تطوق الناشط « الحقوقي » المعطي منجب ، اساسها تبييض الاموال ، المتحصل عليها من نشاطات « مشبوهة » ، تطرح اكثر من سؤال حول مصداقية عمله السياسي و الحقوقي ، فالرجل يجر ورائه ملفا ثقيلا من الممتلكات و الاموال ، التي لا تتناسب مع مداخيله الشرعية و المصرح بها .
و بدل ابراء الذمة المالية ، و الاجابة الصريحة عن هذه الاتهامات ، و سلك المساطر الشرعية و القانونية ، لاثبات نزاهته و تفسير مصادر المداخيل المتعددة التي يتوفر عليها ، تم اللجوء الى الطريق المختصر ، و الركوب على موجة النشاط الحقوقي و المواقف المعارضة التي يريد ان يجعلها اساس هذه المتابعة .
لا احد اليوم يناقش او يجادل حول نضالية المعطي منجب و مواقفه الشخصية من عدد من القضايا السياسية و الحقوقية بالبلاد ، لكن اليوم الكل ينتظر اجابات واضحة و صريحة ، حول الاتهامات الموجهة اليه ، فالامر يتعلق بالاغتناء غير المشروع ، و بتبييض الاموال و توظيفها في انشطة سياسية و حقوقية .
فمواقف المعطي منجب السياسية و الحقوقية ، لا يمكنها باي حال من الاحوال ، ان تشكل درعا واقيا من المتابعة القانونية ، كما لا يمكنها ان تعطل تطبيق القانون ، و تلغي دور المؤسسات الوطنية في المتابعة و السهر على امن و سلامة البلاد .
النضال من اجل الحقوق و الحريات ، و المواقف السياسية المعارضة مهما بلغت شدتها ، لا يمكنها ان تمنح لصاحبها ورقة بيضاء ، تعطيه حق « التبوريد » في البلاد و فعل ما يحلو له ، بدون حسيب او رقيب ، بل بالعكس فهذه المواقف و القناعات يجب ان تجعل منه مثالا لاحترام القانون و للنزاهة الاخلاقية و المالية .
المعطي منجب اليوم مطالب بتوضيح هذه الاتهامات و تفسير كيف تمكن من مراكمة هذه الثروة الهائلة و هذه العقارات المترامية الاطراف التي يمتلكها ، خاصة و ان الرجل ، و كما دأب على التصريح به ، لا يملك الا راتبه من وظيفته العمومية و مداخيل بعض الانشطة التأطيرية التي يقوم بها ، و التي لا يمكنها باي حال من الاحوال، ان تمكنه من هذا الثراء .
لا مجال اليوم في حالة المعطي منجب ، للحديث عن الجانب الحقوقي و السياسي ، و المزايدة بهما ، و محاولة الخلط و التمويه و الدفع بالالتباس ، كحل لورطته ، فهو متهم جنائيا و بادلة دامغة و ملموسة ، تقوض كل الادعاءات و المواقف التي سبق و ان تبناها و دافع عنها فيما سبق .
الدفاع عن حقوق الانسان و المعارضة السياسية ، تقتضي النزاهة المالية اولا ، فلا يمكن ان يكون صاحبها مدنسا او مطعونا في ذمته المالية ، فمن يريد محاربة الفساد يجب ان ينظف نفسه اولا ، و الا تحول الامر الى مجرد مزايدات و ضغوطات نضالية من اجل المصالح الذاتية و الانانية .
ما يجب ان يفهمه اليوم المصرون على الخلط الحقوقي بالجرائم ، ان الاستمرار في هذا الطرح و هذه المقاربة ، لن يعمل الا على تحطيم المنظومة الحقوقية ، و لن يدفع الا الى مزيد من فقدان المصداقية في النضال الحقوقي و السياسي ، و لن يخدم الا مصالح المتربصين بهذه المنظومة .
ما نحتاجه اليوم داخل المغرب، هو ايمان عميق بالوطنية كاساس متين لاي عمل سياسي و حقوقي ، فالانتصار للذاتيات و الانانيات و الاجندات الخارجية المؤدى عنها ، لن يؤذي ثمنه الا الوطن و وحدته و تماسكه و مناعته و قوته .