المغرب يعود ليلعب دور الوسيط بين فرقاء الأزمة الليبية

أخيراً دخل المغرب على خط الأزمة الليبية، وهو الذي تراجع اسمه واختفى بعيد إنجاز الاتفاق السياسي على أرضه «منتجع الصخيرات»، وبدا حتى الآن أن المغرب عاد إلى المشهد من باب اتفاق الصخيرات نفسه، وظهر ذلك في استقباله طرفين أساسيين من أطراف الأزمة، هما رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ما يرجح أن يلعب دور الوسيط بين فرقاء الأزمة خلال الأيام القادمة، قد تقوم على التوجه نحو تعديل الاتفاق، مع الأخذ بالمبادرات الأخيرة الصادرة من قبل دول الجوار، وأطراف غربية معنية بالأزمة الليبية، بغرض الوصول إلى إنتاج اتفاقية جديدة ضمن تسارع التنافس الإقليمي غير منفصلة عما عرف بمخرجات مؤتمر برلين.

ولم يكن وجود طرفين أساسيين سبب خلافهما عرقلة تنفيذ الاتفاق السياسي ودخوله، وبالتالي تعقيد الأزمة، محض صدفة، بل جاء ضمن جهود لتقريب وجهات النظر ومساع غير معلنة لجمع الطرفين، خصوصاً أن الرباط أعلنت عدم تقديمها أي مبادرة، ما يعني أن زيارة عقيلة لا تختلف عن جولته في عدد من الدول، آخرها إلى الأردن، بحثاً عن دعم لإعلان القاهرة من مسقط رأس اتفاق الصخيرات، وما هي إلا محاولة لتعديله، بعدما امتدحه بقوله: «إن العيب ليس في الاتفاق وإنما في تطبيقه على الواقع»، رغم قرار مجلس النواب في إحدى جلساته بمدينة بنغازي بإلغاء المصادقة على اتفاق الصخيرات.

وكان ينظر إلى هذا الاتفاق أنه قادر على حل الأزمة الليبية إذا تم تنفيذ جميع أحكامه، خصوصاً تلك المتعلقة بالترتيبات الأمنية، وإنهاء مشكلة الميليشيات، في حين سبق للمغرب أن انتقد حكومة الوفاق لفشلها في الالتزام باتفاق 2015، واعتماد نهج انتقائي في تنفيذ أحكامه، وبعد مرور خمس سنوات تضغط من أجل اتفاقية جديدة قد تكون «الصخيرات 2».

وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، الذي التقى على حدة كلاً من عقيلة صالح وخالد المشري، اعتبر أن المؤسستين الشرعيتين في ليبيا، وهما المجلس الأعلى للدولة والبرلمان الليبي المنعقد بطبرق، هما الطرفان الأساسيان في أي حل مستقبلي في ليبيا، ولهما الإمكانات للاتفاق على حل، بعيداً عما وصفها بـ«الأجندات الخارجية»، معتبراً أن الإيجابي في مبادرة صالح أنها جاءت من الداخل الليبي، مع الأخذ بعين الاعتبار المبادرات الليبية الأخيرة، في إشارة إلى إعلان القاهرة وتفاهمات برلين، مشيراً إلى وجود إجماع على كيفية تعديل اتفاق الصخيرات كونه منتوجاً ليبياً، وبإمكان الليبيين أن يجودوا هذا المنتوج للوصول بليبيا إلى بر الأمان.

وشدد بوريطة، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المشري، على أن القناعة الدائمة للمغرب هي أنه لو ترك الليبيون وشأنهم دون تدخلات، فهم قادرون على صياغة الحلول المناسبة، مستهجناً «كثرة المبادرات».

وفيما أشار رئيس المجلس الأعلى للدولة إلى تقديمه مبادرة قبل سنة، أكد حاجتها إلى التعديل، وعلق على مبادرة عقيلة صالح قائلاً: «من حيث المبدأ تقديم مبادرات سياسية هي نقاط إيجابية يجب تشجيعها، كما أن أي بادرة فيها جوانب إيجابية وأخرى سلبية وما لا يدرك كله لا يترك جله».

لكن المشري أشار إلى أن لب الخلافات في ليبيا هو المناصب السيادية، و«لهذا نحن نعمل على إيجاد الآليات العملية لتعديلات لتلك المناصب». داعياً إلى التئام مجلس النواب بشكل صحيح حتى تكون آليات العمل الصحيحة دقيقة وواضحة لإنهاء هذه المرحلة، وحدد أن القصور في الاتفاق السياسي المعيق للعمل في ليبيا هو حجم المجلس الرئاسي، الذي يتكون من رئيس وستة نواب وثلاثة من وزراء الدولة، وهذا الحجم الكبير وغياب عدد من أعضائه جعل المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب يفكران في آليات لتطوير وتعديل الاتفاق السياسي، وفق تعبيره.

وبدا أن الخلافات بين «الأعلى للدولة» ومجلس النواب تتجاوز تعديل الاتفاق السياسي إلى التدخلات الأجنبية، ففي حين شدد صالح على أن «الحرب فرضت بسبب تدخل الأجانب الذين لديهم مصالح في ليبيا»، موضحاً أن «تركيا تقوم بإدخال المقاتلين والسلاح إلى ليبيا، وذلك مقابل الحظر المفروض على تسليح الجيش الليبي». ورد خالد المشري، بأن «الاتفاقية مع تركيا جاءت لصد عدوان حفتر، ومدتها سنة قابلة للتمديد، ويتحكم فيها من الجانب الليبي، وهي اتفاقية غير مفروضة على ليبيا».

وخلال وجود خالد المشري وعقيلة صالح في الرباط، توجه رئيس حكومة الوفاق فائز السراج إلى أنقرة، حيث التقى حليفه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي أسهم بتدخله في تعديل موازين القوى في ليبيا.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *