المقاطعة والطقوس الاستهلاكية لشهر رمضان

سعيد بنيس، أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس

أمام بطء التفاعل الرسمي مع المقاطعة وعدم فاعليته  هل يمكن أن نستشرف « تسونامي مقاطعة » يهم منتوجات وحقول عدة قد تؤدي إلى شلل اجتماعي أم سيكون لحلول شهر رمضان تأثير على وثيرة ووهج المقاطعة؟

فإقبال أصحاب الدخل المحدود والمتوسط على الاستهلاك الزائد إبان شهر رمضان يمكن توصيفه من خلال جانبين مغايرين جانب طبيعي يحيل على رغبة وتمثلات الفرد في إشباع جوعه وانتظاراته الحيوية بعد فترة من الإمساك عن الطعام وجانب اجتماعي واقتصادي يتيح فرص وأزمنة تسوق لا سيما إذا استحضرنا خاصية التوقيت الرمضاني ووفرة البضائع على اختلاف أنواعها داخل السوق المغربية.

من هذا المنطلق، فاحتمال تكسير ووقف المقاطعة لا يرتبط ب »جوع قديم » أو بذاكرة جماعية عن مغرب الحاجة أو بشعور أو وعي اجتماعي ضعيف ومتذبذب بل يتعلق الأمر بصيغ طقوسية ثقافية وغذائية ترتبط بشهر رمضان يشكل فيها سلوك « التفاخر التسوقي » تعويضا عن الانقطاع الزمني عن أماكن التسوق  لمدة نصف النهار أو أكثر فيصبح التواجد في أماكن الاستهلاك لا سيما في آخر النهار ذريعة أو دافعا للتزود والتبضع. فينتقل  فعل وسلوك التسوق إلى شكل « هجوم » أو « سطو » أو « غزوة » على المنتوجات المعروضة فيتملك الفرد شعور جارف بشراء وتجريب جميع البضائع التي لم يكن خلال السنة يتعاطى لها أو يفكر في استهلاكها محاكاة لجميع الزبناء و الأشخاص المتواجدين في نفس الفضاء التسويقي (جوطية – أسواق ممتازة – على أرصفة الطريق…).

فهذه العادات والسلوكيات على بساطتها الظاهرية تحيل على ملامح انتروبولوجية للمغربي يمكن توصيفها من خلال طبيعة التمثلات القيمية للمواطن المغربي التي تتأرجح بين ثنائية الفردية (Agency) والبنية (Structure) حيث أن الفردية تمكن الفرد من التحكم في جسمه ووجوده والتقرير في فعله و سلوكه وفي اختياراته بمفرده وفي المقابل يحيل مفهوم البنية على العوامل المؤثرة وعناصر الشحن (الجماعة – الطبقة الاجتماعية – الدين – النوع – الإثنية – المهارات – التقاليد…) التي تحدد وتقنن وجود وقرارات الفرد. لهذا فالسبب الرئيس في الاستهلاك بوثيرة زائدة إبان شهر رمضان هو هيمنة البنية على الفردية فالفرد الواحد لا يمتلك القدرة على الدفاع عن اختياره وعن رغبته في استهلاك عادي كاستمرارية لنوعية الاستهلاك طيلة السنة وعدم الرضوخ لسلطة الجماعة التي تبتدأ من عائلته الصغيرة والتي تميل إلى الاستهلاك المفرط بالمفهوم المغربي « التهلية » و »التبراع » و »التفياك ».

انطلاقا من هذا النسق الاستهلاكي هل ستقوى المقاطعة ورمزيتها الاحتجاجية وعمقها الافتراضي على الاستمرار إلى مابعد شهر رمضان؟

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

  1. Wow, superb weblog structure! How long have you ever been blogging for?
    you made running a blog glance easy. The entire look of your site is wonderful, as neatly as the content material!
    You can see similar here sklep online

  2. I’m amazed, I have to admit. Rarely do I come across a blog that’s both educative and interesting, and without a doubt, you have hit
    the nail on the head. The issue is an issue that
    too few men and women are speaking intelligently about.
    I’m very happy I came across this in my search for something relating to
    this. I saw similar here: Sklep

  3. Thank you for the good writeup. It in fact was a amusement account it.

    Look advanced to more added agreeable from you! However, how could we communicate?

    I saw similar here: Sklep online

  4. Have you ever thought about writing an e-book or guest authoring
    on other blogs? I have a blog based upon on the same subjects you discuss and would love to have you share some stories/information. I know my readers would
    enjoy your work. If you are even remotely interested, feel
    free to shoot me an e-mail. I saw similar here: Dobry sklep

  5. A person essentially assist to make severely posts I’d state. That is the first time I frequented your web page and to this point? I amazed with the research you made to make this particular submit incredible. Magnificent job!

  6. Hey there! Do you know if they make any plugins to help
    with SEO? I’m trying to get my blog to rank for some targeted keywords
    but I’m not seeing very good results. If you know of any please share.
    Kudos! You can read similar article here: Najlepszy sklep