بقلم: عبد القادر حبيب الله
رغم مساحيق التجميل التي يحاول عزيز أخنوش، رئيس التحالف الحكومي، أن يزين بها وجه أغلبيته الحكومية المكونة من ثلاثة أحزاب سياسية، فإنه يعلم أن هناك نقطة ضعف واحدة في قوة التحالف وإمكانية استمراره لما بعد 2026، ما دام أن رهان أخنوش اليوم هو الاستمرار لولاية ثانية.
تتمثل هذه النقطة في مكون حزب الأصالة والمعاصرة، الذي تحاصره اللعنات الأخلاقية من كل حدب وصوب، حتى إن هذا الحزب، الذي احتل المركز الثاني في الانتخابات التشريعية الماضية وولج بهذه النتائج التحالف الحكومي، لم يعد قادراً على تحمل أي ضربة أخلاقية جديدة. ولهذا سارعت قيادة الحزب بسرعة خارقة إلى تدبيج قرار يشبه طرد صلاح الدين أبو الغالي، الذي كان من مكونات القيادة الثلاثية للحزب، من التنظيم بسبب خلاف تجاري مع أحد قياديي الحزب في جهة الدار البيضاء.
الواقع أن رئيس التحالف الحكومي يعي بشكل واضح أن الأصالة والمعاصرة لن تنتهي مشاكله الأخلاقية، وهو الذي دبر على عهود سابقة عدداً من مجالس الجماعات والجهات، وكانت مظلة الحماية تطال منتخبيه أينما حلوا وارتحلوا وكيفما تصرفوا في التدبير العمومي. ولهذا فإن هذا الإرث، الذي فتحت في شأنه متابعات قضائية، لا يزال مستمراً.
في الزنازن، تقبع قيادات من الوزن الثقيل تنتمي إلى “البام”، من قبيل سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي، بتهم ثقيلة تتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات. ويواجه صلاح الدين أبو الغالي ملفات عقارية قد تفتح مفاجآت أكبر من مجرد خلاف تجاري. كما أشرف القضاء على إخلاء زوج فاطمة الزهراء المنصوري لمساكن جماعية بالقوة كان يحتلها دون تأدية سومتها الكرائية.
أحد كوادر الحزب تجنب الإحراج الذي أوقعه فيه أحد الإعلاميين عندما طالبه بالكشف عن ثروته، التي حولته من مجرد مستخدم إلى صاحب الملايير، ووضع صورة لقصر قال إنه يمتلكه، قبل أن تتكشف الأمور أن هذا القصر الفخم ليس إلا واحداً من مجموعة يملكها هذا القيادي، الذي رفض أن يذهب بعيداً في تبرئة ذمته.
يعلق أحد العارفين بخبايا “البام” أن قيادات هذا الحزب ومن يتحكم في دفته، جاءوا بهدف مشترك واحد: “البحث عن المال والاغتناء بالسرعة القصوى، وتجنب حبال العدالة ثم القطع مع الحياة السياسية والذهاب لتقاعد مريح دون مشاكل”. وهي وصفة جربت لدى جيل سابق من قياديي “البام” وثبتت فعاليتها.
جانب آخر يعيق تحالفاً محتملاً يكون فيه “البام” مكوناً ضمن تحالف حكومي في المستقبل هو الافتقار للأطر. ليس لأنهم غير موجودين ضمن مناضلي الحزب، بل لأن الحياة السياسية داخل هذا الحزب تبنت نظرية “أصل الأنواع”، التي تعتبر أن البقاء سيكون للأصلح، والأصلح لن يكون سوى الذي يؤمن بما تؤمن به قيادة الحزب أو من يفكر بدلها، أي الدخول في معادلة ذات حدين: التدبير يساوي الاغتناء، وأي شخص يجهل هذه القاعدة، كائناً من يكون، لن يكون له محل في الصف الأول.
برهن التعديل الحكومي الأخير على هذه الملاحظة. فما عدا كاتبي دولة من أبناء الحزب، استوزر باسم “البام” وزيرين لم تربطهما صلة تذكر بالتنظيم، بل وإن أمور استوزار وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة يالانتقال الرقمي وتحديث الادارة، تم تدبيرها من قبل مسؤول ترابي رفيع المستوى، كانت عداوته معروفة مع الوزير السابق للتعليم العالي عبد اللطيف ميراوي.
لهذا فإن هذه العينة من المسؤولين الحكوميين يعرفون في قرارة أنفسهم أن ولاءهم لن يكون لتنظيم “صُبغوا” بلونهم، بل لمن كان وراء تعيينهم. ولهذا فإن “البام”، إن أراد أن يكون شريكاً للتحالف الحالي (في حال صدقت التوقعات باستمراره لولاية ثانية)، ربما عليه أن يقبل هذا الدور أو يقبل أدواراً أخرى، وربما ستستنزف كل الأدوار ليجد نفسه عائداً للوضع الذي كان عليه قبل 2021، وهو الاحتمال الذي تزكيه الكثير من المؤشرات.