بعد رفض التأشير على الميزانية.. مجلس جماعة تطوان في قراءة جديدة لها

أشرف أولاد الفقيه

العديد من المتتبعين للشأن العام المحلي في تطوان لاحظوا بأن المجلس الجماعي لتطوان قد عقد دورة استثنائية صبيحة أول أمس الجمعة (حسي مسي)، وكأن الأمر يتعلق بمحاولة التستر على فضيحة، كما لوحظ بأن هؤلاء المتتبعين قد كتبوا تدوينات مختلفة في مواقع التواصل الاجتماعي حول فشل جماعة تطوان في الحصول على تأشيرة عامل إقليم تطوان بخصوص مشروع ميزانية 2021 بعدما لَم يستطيع رئيس الجماعة في الحصول على نفس التأشيرة بخصوص مشروع ميزانية 2020.

وإذا كان رئيس مجلس جماعة تطوان قد امتنع خلال السنة الماضية في الاستجابة لملاحظات السيد العامل، فإنه هذه السنة بادر إلى إدراج هذه الملاحظات وعرضها على المجلس الجماعي بسرعة حتى تحظى بمصادقته، ليبقى السؤال المطروح لماذا لم يقم الرئيس بترك “الحابل على الغارب” كما فعل خلال السنة الماضية، ليتم اللجوء إلى إصدار قرار عاملي تنفيذ الميزانية على أساس آخر تقديرات لميزانية مصادق عليها.

للجواب عن هذا السؤال، لا بد من الإشارة إلى أن رفض التاشير على مشروع ميزانية 2021 لا يتعلق فقط بتضخيم تقديرات النفقات، التي لا يمكن بأي حال من الأحوال تحقيقها، وهذا التضخيم يقدر بحوالي 80 مليون درهم (08 مليار سنتيم)، حيث سيعطي عامل الإقليم تعليماته من أجل تقليص تقديرات المداخيل من 380 مليون درهم إلى 308 مليون درهم.

وهي ملاحظة منطقية، باعتبار أن ميزانية جماعة تطوان طيلة العشر سنوات المنصرمة لم تستطع تجاوز سقف 290 مليون درهم. بل إنها اضطرت منذ سنة 2014 إلى تحويل مبالغ مالية من الجزء الثاني من الميزانية (الخاص بالاستثمار) يقدر ما بين 06 و 10 مليون درهم كل سنة من أجل سداد النفقات الإجبارية، وخاصة النفقات المتعلقة بشركتي تدبير قطاع النظافة، والنفقات المتعلقة بمستحقات الإنارة العمومية. لذلك فإن الجميع لا شك أنه لاحظ أن مدينة تطوان أصبحت تعيش خلال السنوات الأخيرة تعيش على إيقاع إضرابات عمال النظافة بسبب عدم أداء رواتبهم، بسبب عدم توصل الشركتين المفوض لهما تدبير جمع النفايات المنزلية لا تتوصلان بمستحقاتهما عند حول أجال الأداء.
كما لاحظ المتتبعون للشأن العام المحلي بتطوان كذلك الوقفات الاحتجاجية التي ما فتئ يقوم بها موظفو الجماعة بسبب عدم أداء مستحقاتهم في الترقية في الرتبة والدرجة منذ سنة 2014 (باستثناء بعض المحظوظين طبعا).

ومما لا شك فيه أن ميزانية سنة 2020 ستكون الأسوأ في تاريخ الجماعة بسبب تداعيات حالة الإعلان عن الطوارئ الصحية التي عاشتها بلادنا منذ شهر مارس المنصرم، والتي ستؤثر لا محالة على بعض الفصول في باب المداخيل، مثل ضريبة المشروبات، وضريبة الإقامة في المؤسسات السياحية، وكذا الرسم المهني، بسبب إقفال العديد من المؤسسات التجارية والخدماتية، وتوقفها عن تقديم خدماتها لفترات متباينة.

بطبيعة الحال كان الهدف من تضخيم تقديرات المداخيل هو تخصيص مبالغ مالية في باب النفقات، وخاصة الفصول المرتبطة بالجانب الانتخابي، مثل المنح المقدمة لفائدة بعض الجمعيات. هذا فضلا عن حب الظهور بمظهر الجماعة التي تعمل على تحسين مواردها المالية سنة بعد أخرى، وإن كان هذا التحسن لا تتم ملاحظته إلا في تقديرات الميزانية، أما فيما يتعلق بالأرقام الواقعية التي يتم تحقيقها، تظهر بأن ميزانية جماعة تطوان تسجل توجها عاما نحو الإفلاس (بعدما تم تسجيل عجزها الدائم عن أداء النفقات الإجبارية، واضطرارها إلى تحويل مبالغ من الجزء الثاني من الميزانية لسداد العجز، أو من خلال تدخل وزارة الداخلية للقيام بهذه المهمة، كان آخرها سنة 2019 حينما حولت مبلغ 35 مليون درهم لأداء مستحقات شركتي النظافة) الشيء الذي أصبح معه ضروريا إخضاع مالية الجماعة إلى إعادة تقييم شامل من أجل معرفة الخلل في التدبير المالي للجماعة، وخاصة في الجانب المتعلق بتدبير مرافقها الاقتصادية مثل مرفق المحطة الطرقية التي دأبت على تقديم حصيلة مالية سنوية بدون تحقيق أية أرباح، ونفس الشيء يتعلق بمرفق تدبير النقل الحضري…

وهكذا إذا كانت مصالح عمالة إقليم تطوان صارمة في وضع تقديرات المداخيل بصورة واقعية، فإنها كانت أشد صرامة فيما يخص تسجيل النفقات الإجبارية، (ولعل هذا هو السبب الرئيسي في عرض مشروع الميزانية على المجلس الجماعة ليقوم بقراءة ثانية بخصوصه)، هذه النفقات التي تعرف معظمها تراكما للمتأخرات والمديونية بذمة الجماعة، وهكذا ستعرف نفقات شركتي جمع النفايات المنزلية ارتفاعا من 72 مليون درهم إلى 90 مليون درهم (أي وجود مديونية تناهز 18 مليون درهم)، كما تم رفع نفقات مستحقات الإنارة العمومية من 40.745.000,00 درهم إلى 60.745.000,00 (بمعنى وجود مديونية تناهز 20 مليون درهم) ثم أخيرا الرفع من مساهمة الجماعة في الدفعات الخاصة بمجموعة الجماعات صدينة للبيئة بمبلغ يناهز 2 مليون درهم لم يكن قد تم تسجيلها في المشروع الأول للميزانية الذي تم رفض التاشير عليه من طرف عامل الإقليم.

وهكذا نلاحظ بأن المتضرر الرئيسي من المشروع التعديلي لميزانية 2021 هم موظفو جماعة تطوان، الذين لم يستجب رئيس الجماعة لملتمساتهم المتكررة من أجل تسجيل متأخرات نفقات ترقياتهم، حيث جاء هذا المشروع الجديد خاليا من أي تسجيل لهذه النفقات الإجبارية، ليبقى السؤال الرئيسي الذي يأمل جميع الموظفين تحقيقه هو أن يبادر عامل الإقليم إلى الأخذ بعين الاعتبار العريضة التي وجهوها إليه والتي يلتمسون فيها تسجيل متأخرات أجورهم منذ سنة 2014 والتي تقدر بحوالي 60 مليون درهم، من خلال اللجوء إلى المادة 192 من القانون التنظيمي 113.14، التي تنسجم مع التعليمات الواردة في دورية وزير الداخلية بخصوص إعداد ميزانيات 2021.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *