علي.غ
اذا كان لشخص ما ان تجتمع فيه كل المتناقضات الممكنة ، فاكيد سيكون عبد الاله بنكيران، فالرجل يريد ان يكون ديمقراطيا و اسلاميا في نفس الوقت ، يدافع عن حقوق الانسان و يقمع هذه الحقوق، هو مع المرجعية الاسلامية و لا ضير في خلع الحجاب ، هو مع الشعب ولكنه لا يجد حرجا في فرض القرارات اللاشعبية ، هو مع احترام المساطر و القوانين و هو اول من يقفز عليها .
و كما يقول الكاتب الفرنسي الشهير شارل بودلير ” هناك درجة من عدم التناقض لا يرقى إليها شيء سوى الكذب” ، فبنكيران الذي لا يمل من ابراز كل هذه التناقضات في شخصيته ، في كل مرة يطل علينا فيها من نافذته الفايسبوكية ، اصبح مقتنعا من اي وقت مضى بان الكذب على الاحياء اصبح اكثر فعالية من الكذب على الاموات .
بنكيران الذي يطلق لسانه الغليظ يمينا و شمالا و يرمي كرات النار على “المتأمرين” و مدبري ” المكائد اليليلة” ، نسي و هو يتحدث عن قانون الاضراب ، انه اخرجه الى العلن تحت جنح الضلام ، و في غفلة من الجميع ،وفي اخفاء تام لادوات الجريمة .
ما يتغافل عنه الجميع ان السيد بنكيران ” محارب المكائد” دبر مكيدة اجتماعية بامتياز ، بإحالته لقانون الاضراب قبل يوم واحد من انتخابات 2016 البرلمانية ، في تنافي تام مع قواعد النزاهة السياسية و الاخلاقية .
فاحالة بنكيران لهذا القانون الحقوقي و الاجتماعي المصيري ، لبرلمان منتهي الصلاحية عمليا و في نهاية عملية ايضا لولايته الحكومية ، يدل على المنطق التهريبي و الاستفرادي الذي يميز شخصية الرجل .
وبعيدا عن اي تحامل او اختلاف مع بنكيران ، فهل من المعقول ان تتم إحالة قانون من حجم قانون الاضراب على مجلس النواب في ليلة الانتخابات البرلمانية؟ ، و هل هذه الاحالة لا تشكل مكيدة و دسيسة من دسائس الليل ؟ الجواب بطبيعة الحال هو ان السيد بنكيران الذي يقول ما لا يفعل ، كان يعلم اليقين انه باحالة هذا القانون على البرلمان في هذا التوقيت الميت ، سيشكل حجرة في مسار التعثر الذي يرغب ان يدخل البلاد فيه .
فكر بنكيران و مرجعيته تفسر بشكل كبير، نظرته السياسية لما يجب ان تكون عليه البلاد ، و توضح شخصيته الاستبدادية المعاكسة لاي ارادة حقيقية لاحقاق الديمقراطية بالبلاد ، فالرجل يعتبر ان كل من يعارضه و يعارض مشاريعه هدفا للقصف و السحل الاعلامي.
لا يهم ان تكون الديمقراطية و الحوار هما الفيصلين في تدبير بنكيران لعلاقاته مع باقي الفرقاء و التوجهات ، فالمهم هو ان تكون معه و في صفه، و لا يهم كذلك ان تكون قراراته خارج نطاق المصالح الشعبية و الوطنية ، المهم هو فرضها و جعلها واقعا لا مفر منه .
قد يجد بنكيران الف مبرر و تخريجة ديماغوجية لهذه الاحالة المشبوهة لقانون الاضراب على مجلس النواب قبل يوم واحد من انتخابات 2016 البرلمانية ، لكن الشيء الاكيد هو ان هذه الاحالة هي قمة الدسائس و التأمر الليلي على الطبقة العاملة و على نضالاتها الممتدة في الزمان و المكان ، و هي دليل على المنطق الاستفرادي و الشمولي الذي يميز هذا التوجه “السياسي-الديني ” بالبلاد .