بوبكري يكتب : أطروحة حكام الجزائر المعادية للوحدة الترابية المغربية ستوارى التراب قريبا

محمد بوبكري

لقد شكل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بشرعية سيادة المغرب على صحرائه ضربة قاصمة لحكام الجزائر. وقد بدأ يتأكد اليوم شيئا فشيئا أن قوى عظمى أخرى ستسير على النهج نفسه، حيث تروج أخبار مؤكدة أن روسيا والصين الشعبية تعتزمان فتح غرفة تجارية وصناعية لك لواحدة منهما بمدينة الداخلة في المستقبل القريب.

وقد يقول قائل إن فتح غرفة تجارية قد لا يعني شيئا كثيرا، لأنه أقل درجة من القنصلية. لكن يبدو لي أن فتح الغرفة التجارية هو خطوة كبيرة في اتجاه فتح القنصلية، لأن القنصلية تهتم بالشؤون التجارية والصناعية والاقتصادية وشؤون الجالية. أما الغرفة التجارية، فتهتم بالشؤون التجارية والصناعية والاقتصادية لبلدها في البلد المضيف. ونظرا لكون الغرفة التجارية تعنى بمصالح بلدها ورجال أعمالها، فإن هذا سيجعل هؤلاء أكثر ارتباطا بالمغرب، حيث سيضغطون من أجل مساندة قضاياه، ما سيشكل مكسبا سياسيا وطنيا للمغرب…

والعلاقات التاريخية التي كانت تجمع بين روسيا والجزائر، حيث تبيع روسيا الأسلحة ومنتجات أخرى للجزائر كما كانت تستقبل طلاب جزائريين لكي يتلقوا تعليمهم العالي في مجال هندسة البترول والغاز… هي ما يفسر بطء خطى روسيا في اتجاه اعترافها بمغربية الصحراء، لأنها لا تريد أن تصدم حليفتها السابقة. فكل القوى العظمى تدرك اليوم أن أفريقيا هي المستقبل، وأن المغرب مفتاحها. وبما أن روسيا تعي ذلك، وتحتضن أكبر مليارديرات العالم، فإن هذا قد ولد لديها رغبة في الاستثمار في المغرب وأفريقيا، وهو ما يدفعها لأن لا تكون ضد مصلحتها في أفريقيا التي تتطلع إلى الاستثمار فيها. وما دامت الصين تبحث عن فرص الاستثمار، فإنها لن تتردد في الاستثمار في الصحراء المغربية التي هي مفتاح هذه القارة.

هكذا، فستحل بالصحراء المغربية استثمارات روسية كبيرة. كما أن للصين مشروع طريق الحرير في أفريقيا، وتستثمر في المناجم والأحجار الكريمة والدواجن والأغنام والأبقار… كما ستستثمر في البنيات التحتية وقطاعات عديدة أخرى. أضف إلى ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية ستنشئ قاعدة عسكرية لها بالداخلة، ستشكل مقر قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا، كما أنها ستأتي إلى الصحراء المغربية باستثمارات كبيرة. هكذا، فسيتم ضخ رأسمال ضخم في المنطقة.

لذلك، فإن فتح غرفة تجارية في الداخلة سيؤدي لامحالة إلى اعتراف روسيا والصين بمغربية الصحراء.

ويعني هذا أن الدول العظمى الأخرى التي تبحث عن فرص الاستثمار في الصحراء المغربية وأفريقيا ستسير على النهج نفسه، ما يدل على أن ملف قضيتنا الوطنية سيتم طيه بشكل نهائي لصالح الاعتراف بشرعية سيادة المغرب على صحرائه. تبعا لذلك، فإن المغرب سيعرف إقلاعا اقتصاديا جديدا غير مسبوق، ما سيمكن من نمائه وازدهاره وخلق فرص كثيرة للشغل…

وللتدليل على ما أقول، إذا كان الاقتصاد هو محرك التاريخ فإنه لا يمكن فصل الاقتصادي عن السياسي. فهما يسيران جنبا إلى جنب. لذلك، فإن فتح غرفة تجارية وصناعية سيقود إلى الاعتراف بمغربية الصحراء، والاعتراف الاقتصادي سينجم عنه اعتراف سياسي.

ويرى بعض الخبراء أن المغرب تعامل بحكمة وذكاء مع ما افتعله له جنرالات الجزائر من مشاكل، حيث فتح ملف الصحراء وسيتوفق في حله نهائيا، وبعد ذلك سيفتح ملفات أخرى، لأنه يعي أنه لا يمكن فتح جميع الملفات دفعة واحدة، لأن لكل قضية خصائصها وجهات متدخلة فيها تختلف عن تلك التي تتدخل في القضايا الأخرى. هكذا، فإن المغرب كان يعي أنه لا يمكن له فتح كل الملفات دفعة واحدة، لأن ذلك يعني فتح جبهات عديدة دفعة واحدة، الأمر الذي لم يكن قادرا على تدبيره. لذلك كان عليه أن يحدد قائمة أولويات. وبذلك، فإن حكمته وبعد نظره جعلاه يعالج مشاكله خطوة خطوة. بالتالي، فبعد تمكنه من طي ملف الصحراء لصالح شرعية سيادته عليها، سيفتح ملفات المناطق المغربية المحتلة الأخرى. ونظرا لحكمة المغرب وهدوئه واشتغاله في صمت، فإن فرنسا ستكشف قريبا عن الوثائق التاريخية التي تؤكد شرعية مطالب المغرب.

ونتيجة كل ما ورد أعلاه وغيره، فإن أطروحة جنرالات الجزائر ستوارى التراب، حيث ستتكسر أحلام  » هواري بومدين » وورثته على صخرة صمود وطنية المغرب والمغاربة. إضافة إلى ذلك، فالمغرب يتمتع بموقع جيو إستراتيجي مهم، وينعم بالاستقرار، كما أنه مجتمع متعلم ومتنوع ومتفتح، ما يجعله مؤهلا للانخراط في مسلسل تنموي سيقطع فيه أشواطا بعيدة، ما يدل على أنه قادر على التحول مستقبلا إلى قوة إقليمية مهمة ستنذر نفسها للتعاون مع إخوانها في أفريقيا وشمالها والشرق الأوسط، دون السعي إلى التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، أو التوسع على حساب الآخرين، لأن حكمته وقيمه ومبادئه تنأى به عن ذلك، وبعد نظره يحول دون ذلك…

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *