بوبكري يكتب: النظام العسكري في الجزائر يدعم الإرهاب

محمد بوبكري

يدعي جنرالات الجزائر أنهم ضد الإرهاب، لكن التاريخ والواقع يؤكدان عكس ذلك. فإذا رجعنا إلى تسعينيات القرن الماضي، وجدنا أن الجنرالين خالد نزار وتوفيق مدين اقتنعا، في أعماقهما، بأن نظام العسكر الجزائري فقد شرعيته، ففكرا في ترميم عذريته، ما دفعهما إلى اختراق الجماعات الإرهابية الجزائرية، لتوظيفها ضد الشعب الجزائري الأعزل لجعله يقبل بحكم العسكر، فانخرطا في تمويل تلك الجماعات وتدريبها، وحددا لها أهداف الاعتداء على الشعب الجزائري الذي لم يعد يثق في العسكر. فقاما بتنفيذ تلك الخطة، حيث كانا يدفعان هذه الجماعات الإرهابية إلى ارتكاب جرائم إرهابية محددة ضد الجزائريين، ثم يتدخلان لإلقاء القبض على الإرهابيين، ما جعل الجزائريين الذين عانوا كثيرا من الإرهاب، خلال تسعينيات القرن الماضي، يقبلون بحكم العسكر الذي يقيهم شر الإرهاب. هكذا، فقد استعمل العسكر الجماعات الإرهابية للضغط على الجزائريين لكي يقبلوا مكرهين، بنظامه، الذي قدموه لهم على أنه قادر على مواجهة الإرهاب وضمان استقرار البلاد.

ونظرا لوعي الشعب الجزائري بمؤامرات نظام العسكر ضده، فإنه رفع في حراكه الأخير شعارات من قبيل: « مخابرات إرهابية »، « الجنرالات إلى المزبلة »، « دولة مدنية، ماشي عسكرية »… وتدل هذه الشعارات على أن الشارع الجزائري بات يعي جيدا مؤامرات العسكر، خصوصا بعد عودة الجنرالين خالد نزار وتوفيق محمد مدين إلى السلطة بقرار من الجنرال « سعيد شنقريحة ».

وهذا ما جعل الشعب الجزائري يحس باحتمال دنو « عشرية سوداء » أخرى، لأن العسكر مصرون على عنادهم ورفضهم لمطالب الحراك الشعبي، فأصبحوا يهددونه. لذلك، ليس مستبعدا أن يكرر العسكر سيناريو تسعينيات القرن الماضي.

كما سبق أن قام النظام الجزائري بالتدخل في الشؤون الداخلية الموريتانية، حيث قام « هواري بومدين » بتنظيم تدخل عسكري للاستيلاء على موريتانيا باسم « البوليساريو »، ذلك التدخل الذي تمت فيه تصفية زعيم « البوليساريو » « الوالي مصطفى السيد » من قبل القوات الجزائرية آنذاك، لأنه لم يكن راض عن انخراطه في مخططهم الذي تم وضعه لابتلاعه هو وجما عته معا.

وقد شكل هذا التدخل عملا إرهابيا ضد موريتانيا وزعيم « البوليساريو ». كما قام « هواري بومدين » بتنظيم انقلاب ضد نظام المرحوم  » المختار ولد دادة »، الأمر الذي تم اعتباره وقتذاك عملا إرهابيا محضا. وقد كان هواري بومدين يخطط لتلك الأعمال الإرهابية للضغط على جيرانه للقبول بهيمنته عليهم، لأنه كان يسعى إلى بسط سيطرته عليهم. كما قام بعملية إرهابية ضد تونس، حيث بعث مليشيات إرهابية للهجوم على مدينة قفصة التونسية، فدخلت تلك المليشيات المسلحة إلى ثكنة عسكرية في المدينة وقتلت جنودا تونسيين، وبعد ذلك خرجت إلى الشوارع، وبدأت تقتل المارة. وقد نظم « هواري بومدين » تلك العملية لتخويف المرحوم « الحبيب بورقيبة » الذي كان عازما على مطالبة الجزائر بالانسحاب من الصحراء التونسية التي ورثتها من الإدارة الاستعمارية الفرنسية.

وبحكم النزعة التوسعية لـ « هواري بومدين »، فقد عمل بمعية القذافي على افتعال مشكل الصحراء المغربية، حيث استغل أموال القذافي لتمويل « البوليساريو » وتسليحها وتسليح جيشه لخوض معارك ضد المغرب ليقبل بما كان يسميه بـ « تقرير مصير الشعب الصحراوي »، لكن كل مخططاته ضد المغرب ذهبت سدى أمام صمود المغرب وحكمته. وإذا كان العسكر لا يزالون يروجون لأطروحة  » تقرير المصير »، فلماذا يرفضون تقرير مصير الشعب الجزائري الذي يريد الاستقلال عن نظام العسكر؟ ولما ذا يرفضون مطالب منطقتي « القبايل » و »ورغلة »؟…

ويبدو لي أن تمويل البوليساريو من قبل العسكر الجزائري قد بدأ يؤدي إلى إفلاس الجزائر ونظامها العسكري الذي ينفق على البوليساريو جبالا من الملايير، ما أدى إلى تفقير الجزائر والجزائريين، بل إنه قد صار ينهب عائدات البترول باسم  » الدفاع عما سماه بـ  » حق تقرير مصير الشعب الصحراوي ». وهذا ما يشكل غباء عسكر الجزائر الذين جوعوا الشعب الجزائري، لأنهم ينفقون أمواله وخيراته على  » البوليساريو ». وهذه ظاهرة مرضية، لأن الجزائر بدأت تمارس التسول دوليا.

أضف إلى ذلك أن الجنرالات يتخذون « دعم البوليساريو » مطية لنهب أموال الجزائريين… وهذا ما قد ينتهي بانهيار الجزائر…

وبعد فشل مؤامرات « هواري بومدين » ضد المغرب، عبر هذا الشخص، ذات يوم، عن حقده على المغرب قائلا:  » ستظل مشكلة الصحراء حجرة في حذاء المغرب تعوق سيره ». لكن هذه المشكلة المفتعلة من قبل نظام الجزائر ضدا على حق المغرب المشروع، قد تحولت إلى حجرة في حذاء الجزائر تعوق نموها وتقدمها. ولا تعود مسؤولية ذلك إلى المغرب، وإنما تعود إلى  » هواري بومدين » وورثته، الذين ورطوا ولا يزالون يورطون أنفسهم في ذلك، رغم أن منطق التاريخ وروح العصر يسيران عكس رغباتهم التوسعية….

إضافة إلى ذلك، فالشعب الجزائري يعاني من إرهاب نظام العسكر وأجهزته الأمنية التي لا تتوقف عن اختطافه واعتقاله وحجزه وتعذيبه وتقتيله، بل توجد اليوم في مكاتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة بـ « جنيف » مؤلفات ضخمة تؤرخ لذلك…

وبعد فشكل مليشيات « البوليساريو » التي يوظفها نظام العسكر للقيام بعمليات إرهابية ضد المغرب، قام هؤلاء العسكر بطلب مساعدات من إيران، حيث كلف حكام إيران مليشيات « حزب الله » بتدريب مليشيات « البوليساريو » للقيام بعمليات إرهابية ضد المغرب. لذلك، فإن تعامل النظام الجزائري مع « حزب الله » يدل على أنه يتعامل مع تنظيم يوجد على قائمة جماعات الإرهاب، ومع المنظمات الإرهابية لتكوين إرهابيين في تندوف ضد المغرب ودول الساحل معا؛ فما يحدث من عمليات إرهابية في دول الساحل لا يمكن أن يتم بدون مباركة الجنرالات وحلفائهم الأتراك والإيرانيين. وبما أن حكام تركيا يمولون الإرهاب التكفيري الإسلاموي، فقد قامت الجزائر بالانفتاح عليهم وتمتين الروابط معهم، ما يعني أن هؤلاء الحكام جميعهم يلتقون في دعم الإرهاب من أجل التوسع على حساب دول الساحل والمغرب الكبير.

وقد ينجم عن ذلك تصنيف حكام الجزائر ضمن القوى التي تدعم الإرهاب، الأمر الذي قد يتسبب في عزلة الجزائر دوليا ويؤدي إلى انهيارها…

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *