عبد السلام المساوي
ان الحرية في نظر بوشرى حسني لا تختزل فقط في السياسي …بل تتعداها الى الجانب الانساني العاطفي …من هنا امنت ، ونلاحظ كيف تترجم ايمانها الى الفعل والميدان ، تؤمن ان انجاح الاتحاد الاشتراكي، يفترض الاقتناع بحقيقتين أساسيتين : التفاؤل والحوار ؛ في مفهومه الايجابي المحكوم بفتح القلوب قبل العقول ، والمحكوم بمنطق توسيع دائرة الانفتاح ، لا منطق الانغلاق والاقصاء ….والمحكوم بمنطق الحب لا منطق الحقد…
ونلاحظ في هذه المحطة ، محطة التحضير لانتخابات 8 شتنبر ، مؤمنة بالنجاح …..انها قيمة مضافة للاتحاد الاشتراكي بوجدة ….كفاءة شابة …فاعلة بدينامية لا تضاهى ….
لما انتفضت على العقلية الذكورية ….لما انتفضت على حزب التوريث ؛ إقصاء الشباب والمرأة …عانقت الأمل ….عانقت حزب الوردة – الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ….واستقبلناها بالنشيد الاتحادي …وصفقنا وعلى المحافظين السلام …
منذ ارتمائها في حزب الاتحاد الاشتراكي بوجدة ، زرعت فيه روحا جديدة بحيوية خارقة وعزيمة مستقبلية ( جاية وقادة ) …باستقبالنا لها بكل الحب ، استقبلنا شابة معطاء بطاقة اسطورية….
بوشرى، وليس أحد غيرها …لا تزاحم أحدا على ” مساحة ” ولا على ” تفاحة ” …هي شابة استثنائية بحبها …نبتت في تربة هذا البلد …ويحق لنا أن نبتهج ان هذه الأرض أعطت هكذا ثمار…. تحية لحمامة الشرق ….تحية لوجدة…
اقتحمت بوشرى الوجود بكثير من الارادة وبكثير من الأمل …تأتي في زمن مغربي صعب وعسير …تأتي لتبشر بعودة ” السبع السمان ” منتصرة على ” السبع العجاف ” ، لتملأ ارضنا خصبا ، وبيادرنا حبا وحبا …تأتي لتهدي دفئا وجدانيا للاتحاد الاشتراكي …جمعتنا الفرحة بقدومها في زمن القحط والعقم ، واحتفلنا بألحان النشيد الاتحادي …رقصنا مستقبلين قدوم بنت ستمتلك فن صيانة الذات ، الاعتماد على النفس ، مقاومة كل الأنماط الاستسلامية الارتكاسية في الوجود….قد يكون الحاضر حلوا …انما المستقبل أحلى …تأتي بوشرى لتكسر الصمت وتحطم المألوف ، لتخرج عن المعتاد وتدمر سلطان العادة الطاغي ، لترفض الجهل والخنوع وتناضل للعدالة والكرامة …لتسمو عن دونية الحريم وخسة ” العيالات والولايا ” وتعانق شموخ الانسان وكبرياء المرأة…
مسار تكويني متنوع ومتميز وعصري…انها كفاءة
منذ بداية البدايات عشقت الكلمة وداعبت القلم …عز عليها ان تسقط فتستجيب لطيور الظلام …عز عليها ان تخفي وجهها الصبوح بأقنعة قذرة …لم تطق لها سقوطا لهذا اقتحمت قطار الدراسة مهما غضب السيد والجلاد …أصرت على ان تبقى الراية مرفوعة والوردة مزهرة حتى وان كان الزمن زمن جهل ورداءة …اذن فلا خوف علينا اذا ادلهمت بنا الافاق من ان لا نجد مناضلة مقتدرة تنبهنا وتهدينا …فان بوشرى التي أطلقت في زمن الصمت صرخة ، قادرة على جعل الناس يعشقون الورد…
تعطرت بوعي سياسي مبكر ، وضربت في الأرض في مرحلة حرجة من تاريخ المغرب …في سن مبكرة بدأ تشكل الوعي السياسي والانخراط في الاختيار الصحيح …اختارت ان تكون مناضلة في حزب وطني ، ولما ضاق بها الفضاء المحافظ ، اختارت النضال المؤسس على الإيمان بالمشروع الاشتراكي الديموقراطي الحداثي ، والمؤسس على نكران الذات والانفتاح على العالم …انخرطت في العمل السياسي وهي فتاة ؛ والفتاة عندما تعانق السياسة تصبح ثورية بالضرورة ، وإذا عانقتها في حزب يروم التحرر من الجمود والتخلف فإنهاتبلغ سقف الالتزام المؤسس على جروح الوطن….بوشرى منتوج مغربي أصيل…..
عانقت النضال في معبد الشجعان….حملت معها قيمة مضافة لحزب الاتحاد الاشتراكي …تحاصرها اسراب البوم كليالي النفاق طالعة من جحور القبيلة فتلقاها معتصمة باختيارها …المناضلة صاحبة قضية ، وعلى بوشرى ان تواجه الامواج والاعصار …فهذه قناعتها وهذا واجبها….وهذه مهمتها..والا فليرحل من هذا العالم الذي في حاجة الى العواطف النبيلة وشيء من التضحية …هكذا نرى المناضلة بوشرى ترى الاشياء …وهكذا نتصورها تتصور العالم الذي نحن فيه …فليخجل من انفسهم أولئك الذين يحصدون ونحن الزارعون ….شافاكم الله ! لكم التين ولنا الزيتون ، وبين التين والزيتون ، امنت بوشرى ان النضال ليس شعارا يرفع ولا صفة للتزيين ، ليس موضوعا للتوظيف الإيديولوجي والاستهلاك السياسوي ، بل إنه قناعة انطولوجية تشكل قناعة فكرية والتزاما سياسيا …هذا جوهر كينونتها وعنوان هويتها …التحدي هو سيد الميدان …وقفت بوشرى فوق خشبة الحياة وأعلنت رفضها للذل والمهانة …انها صاحبة اشكالية ملحاحة ، وملحة في اقتراح الحلول لها ، اشكالية تنمية المغرب ودمقرطة مؤسساته….
اعلنت انتماءها العضوي لقضايا الانسان …مناضلة فاعلة ومبادرة ؛ حضورها القوي في العمل الجمعوي يجسد المبدأ …وحضورها في الميدان …في الفضاء …في المجتمع…يؤكد سمو الفكر ورفعة الاخلاق …انها ديموقراطية…انها حداثية …والحداثة عندها ليست بالمعنى المبتذل ، اللاواعي واللامؤسس ، بل الحداثة النابعة من فكر الانوار …الحداثة المؤسسة على العقل ؛ عقلنة التفكير …عقلنة المجتمع …عقلنة السلوك …ألام المرحلة حاضرة في وعيها …هي بوشرى ، اذن ، حداثية بموروث ثقافي …حداثية بموروث مغربي أصيل.. مناضلة بقناعاتها …وما اسهل تاقلمها في المجال اذا ارادت بمحض إرادتها ، دون أن تخضع لأي أمر او قرار …تحب الحرية بمروءتها ومسؤوليتها …وتقول لا للوصاية والتوريث ، لا لإعطاء الدروس بالمجان …لم تسقط سهوا على الاتحاد الاشتراكي …هي اتحاديةايمانا واختيارا …اكتسبت شرعية الانتماء بالقوة والفعل ، وانتزعت الاعتراف والتقدير بالنضال والعمل …
و منذ طفولتها كانت بوشرى امراة ممسكة بزمام مسار حياتها ، حملت في صدرها كبرياء القمم وإصرار الأنهار على المضي قدما مهما صعبت المسالك ، تشق مجراها بصبر وثبات…
بعد طفولة هادئة باللون الأبيض والأسود ، بالجدية وشيء من الشغب ،تصطحب ظلها لمواجهة المجهول…لمجابهة المثبطات ، لعناق الامل ، ودائما تحمل في كفها دفاتر وورودا ، وفي ذهنها أفكار ومبادرات ، وعلى كتفها مهام وأحلام ، فهي تكره الفراغ…ان الزمان الفارغ يعدي الناس بفراغه …وحين يكون الشعور هامدا والاحساس ثابتا ، يكون الوعي متحركا …وعي بأن الحياة خير وشر ..مد وجزر…مجد وانحطاط …ولكن هناك حيث توجد الإرادة ويكون الطموح …تكون المبادرة ويكون التحدي …تكون الطريق المؤدية إلى النتائج …وتقول بوشرى :” لا تهمني الحفر ولا اعيرها اي انتباه ” …منذ بداية البدايات كشفت عن موهبة تمتلك قدرة النجاح ، في التسيير والنضال ، وتظل دائما ودوما متمسكة بطموح النجاح في الثالوث الذي يؤثث مسارها؛ السياسة ، العمل الجمعوي ، التواصل…
تكره اللغة السوداوية والنزعة العدمية …تكره الأسلوب المتشائم ولغة الياس والتيئيس …لا…هي امرأة جد متفائلة ، والعينان تعبران بالابتسامة عن هذا التفاؤل …وهذا الطموح …وهذا الحب اللامشروط للشرق رغم الكابة في السماء والأسى لدى الاخرين…رغم اغتصاب جمال وجدة من طرف طيور الظلام …الوحوش التي تسب المرأة…
ارتشفت ثدي الاشتراكية الديموقراطية ونهلت من حليبها ، وتشبعت بمبادئها وقيمها الإنسانية…
تقوم فلسفة بوشرى في الأداء الحزبي على مبدأ الانتماء ، فهي مشبعة بهذا المبدأ وترى أن الشعور بالانتماء هو مكمن الإحساس بالمسؤولية ومحرك المردودية وحافز الغيرة على الوطن وبطارية المبادرة والتفاني في القيام بالمهام المطلوبة ، بل إنها تعتقد واثقة ان الانتماء الحقيقي للوطن يبدأ من الانتماء الصادق للمؤسسة التي تمثل حقل خدمة الوطن….
ان السياسة هي فن المراكمة الصبورة وتحضير الطفرات النوعية بالعمل الطويل النفس الخاضع للتقييم الدوري ، لا الاستاذية المتعالية على واقع السياسة المعطى تاريخيا ، هنا والان ، وعبرة السياسة الحقيقية هي بنتائجها وليس بالنيات وان كانت النيات وجاهتها الأخلاقية.
لحسن حظنا لم يعد هناك ذو عقل بعد كل هذا ، ان يعلو كرسي الاستاذية ليفتي الفتاوى ويوزع النقط والميداليات ويقرر في لائحة الفائزين والراسبين في مسار بناء الديموقراطية ..وبالنسبة لبوشرى، فرغم ” الكبوة ” التي مست الاتحاد الاشتراكي بوجدة، فإن من الخطأ الاعتقاد بأن اضعافه يخدم الديموقراطية والتحديث ، وهذه إحدى الخلاصات التي لن تبرح تجار الدين ان يقروا بها على اعتبار أن خيارات التحديث والديموقراطية لن تتحقق بدون حزب من وزنه …
ان حصيلة تطور الحقل السياسي المغربي تفضي إلى تأكيد حقيقة مفادها أن الاتحاد الاشتراكي ملك لكل الديموقراطيين وليس ملك نفسه ، وهو بذلك معني ، من وجهة نظر التاريخ ، ليس بمصيره الخاص فقط ، بل بمصير العائلة الديموقراطية كلها والعائلة التحديثية ، بشكل عام ، وعلى هذا الأساس ينظر إليه كرقم اساسي في أجندة البلاد…
بوشرى مناضلة اتحادية ومواطنة وطنية…انها اتحادية تنتمي مطاوعة لكنها لا ترضخ …اختيارا لا قسرا …تنسجم بيد أنها لا تذوب …هي ذات فرادى واختلاف …تحوم سماوات العالم الرحاب ولا تهيم ، وتعود مثقلة بالتجارب والمعارف لتبشر بغد جميل لمغرب جميل …لا يمكن أن تحشر في زمرة السياسيين الكسالى ، فهي ليست منهم ، لأنها محصنة ، ولكنها تعرف ان الطريق ألغام وكوابيس …وقائع وانفجارات ..دسائس واشاعات …لهذا تمضي بحكمة وثبات …تفضح الكوابيس وتنبه الى صخبها …تنبه إلى الاغراءات وتحذر من مخاطرها …لترتفع إلى مقام المسؤولية الملتزمة ….وليست منهم لانها رضعت الاناقة والانافة في معبد الشجعان …فاسمحوا لي ان أعلنها صاحبة قضية….
لبوشرى حضور نضالي قوي ، حضور ينشدها كل يوم ويذكرها ،بل ويغنيها ويتصاعد في تناغم مع مسار نضالي وجمعوي …هي اصلا تربت ضد الصمت ..تربت على كره النفاق والغدر ..وهي طفلة ، وهي تنمو ، نما فيها كره الاختفاء وراء الأقنعة …مترفعة في لحظات الهرولة …واثقة في زمن التيه …مؤمنة بان النجاح اجتهاد وعمل…وان النضال اختيار والتزام …
تلقت تربية نزعت منها للابد الإحساس بالخوف والاستسلام …وزرعت فيها الإمساك بزمام مسار حياتها مهما كانت العراقيل والعوائق …تربية زرعت فيها الصمود والتصدي …تنفست عبق تربية هادفة ومسؤولة …تربية تعتمد الجدية والصرامة مرات وتعلن الليونة والمرونة مرارا…تمطر حبا حينا ونارا احيانا….
بوشرى تتصف بكل خصال المناضلة الملتزمة…بسيطة ومتواضعة، كريمة وصادقة، مخلصة ووفية ؛ وفية للوطن ، وفية للتاريخ ، للأصدقاء….نزيهة فكريا وأخلاقيا …طاقة جبارة على التعبئة والنضال في مختلف الواجهات….
عقلانية فكرا وممارسة ، العقل معيار الحقيقة ، العقل منهج لمحاربة التضليل والتشكيك …تمقت الانفعالات والتفكير بالعاطفة والانسياق وراء الشعارات والوقوع سجينة الحماس المرضي …تؤمن بان التاريخ يصنع ، ولا ينتظر المنتظرين والمتفرجين ، فإما أن ننخرط فيه ، وندقق كيفية وطريقة الانخراط والا أصبحنا متجاوزين ، سلبيين وعدميين….
الأناقة هي العنوان….شابة في عمر الزهور ، طاقة ببريقها وديناميتها ، باناقتها وتالقها ، بوشرى التي تمرست بنضالات الالتزام الجمعوي والسياسي متمسكة بوهج الحياة …صفة الشباب تلازمها اينما حلت وارتحلت…فاعلة ديناميكية…تتمتع بخاصية فريدة في التواصل والمرح التي لا تخفي جديتها وصرامتها ،تتميز بحسن الدعابة بالرغم من انها تقتصد في ابتسامتها…عنيدة مثل جغرافية المغرب….
انسانة بشوشة في طيبوبتها ، وطيبة ببشاشتها …قوية بهدوئها ، وهادئةبقوتها …هكذا كما نعرفها، اسمها بوشرى …اجتماعية بطبعها…وما اسهل تاقلمها في المجال اذا ارادت بمحض إرادتها ، دون أن تخضع لأي أمر او قرار …تحب المبادرات والأعمال التضامنية …وتقول ” لا ” لإعطاء الدروس بالمجان…
تتميز بأنها متعددة الميزات ، ولا فرق بين مميزاتها …انها تعترض ولا تعارض ، تفعل ولا تقول ، تواكب ولا تساير…تنضبط ولا تخضع ، ضمير لا يدعي الحكمة ، رافضة لا تدعي الثورة ، وطنية خام ومواطنة اصيلة…
يقولون : ” وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة ” ، وأقول : ” وراء كل امرأة عظيمة رجل عظيم ” ، والرجل الذي يستحق منا الف تحية والف تقدير وألف احترام هو أستاذنا الدكتور الهاشمي بنطاهر ….