جائحة كورونا ونهاية القطاع التعاضدي المغربي

لا يشك احد في أن جائحة كوفيد 19 قد بعثرت الكثير من الأوراق ليس فقط في الاقتصاد ولا في قطاع المال ولا السياسة بل وبشكل أساسي فان تأثير جائحة كورونا قد أصاب القطاع الاجتماعي المغربي في مقتل وذلك على كل الأصعدة.

لقد بينت الآثار التي لا يمكن بأية حال أن يتم حصرها بشكل علمي وفق أسس موثوقة اللهم بعض التوصيفات غير الدقيقة لواقع مؤلم استفاق المغاربة على مرارة الهشاشة على كل الاصعدة ، ما دفع الجميع الى التدافع المشروع لتعرية الديناصورات التي هيمنت على القطاعات الاجتماعية لزمن طويل وقامت بتخريب هذا القطاع بشكل اوصله لما هو عليه الان .

ان قطاع الصحة قد حظي خلال جائحة كوفيد19 باهتمام المغاربة اجمعين بسبب واقع فرض نفسه ، لكن ليس فقط ما يتعلق بالبنيات الاستشفائية العمومية التي تم التكالب عليها طيلة سنوات عديدة لصالح قطاع خاص في اغلبه حتى لا نعمم تحول الى غول لا يرحم وهمه الوحيد ان يستنزف جيوب المغاربة ويستولي على مؤسساتهم ويمتص طاقاتهم سواء البشرية من اطباء و ممرضين او طاقاتهم المالية سواء الدعم العمومي او الامتيازات الضريبية ان هم تواضعوا وتنازلوا للقبول باداء بعض الفتات بعد التهرب الذي اصبح ملازما لممارسات غير اخلاقية استأسدت على هذا القطاع الذي اختفى حين احتاجه المغاربة اللهم بعض الحالات المعزولة هنا وهناك.

ان هذا القطاع الخاص الذي قام بالتنكيل بمسؤول كبير في وزارة الاقتصادية والمالية وهو الكاتب العام لهده الوزارة لا لشيء الا لانه قال ما يعرفه الجميع لكنه قاله علنا تماما كما قام هذا اللوبي الخطير بالاجهاز على ما تبقى من المسيرة المهنية للمدير العام للضرائب السابق وغيرهم كثير ممن تأدوا وسيتأدون كلما حاولوا الوقوف في وجه هذا اللوبي المتوحش والذي له خدمه في مفاصل حيوية من هيكلية القطاع الصحي والمالي والاجتماعي وغيرها ومنها قطاع التغطية الصحية سواء منها الاجبارية او التكميلية.

فماذا فعلتم بصحتنا ؟ انه السؤال الذي يجب ان يطرح الان على الحكومة المغربية ولا نقصد هنا حزب العدالة والتنمية وحده ، اذ كفى من اللعب على حساسية المغاربة تجاه الحزب الاخواني الذي فرض شعوبوية تقارب الجهل في جميع المجالات . لكن أليس حزب التجمع الوطني للاحرار شريكا في السياسات الحكومية و كذلك حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية …؟

ولنكن اكثر تدقيقا اليست اللوبيات التي تمكنت من التسلل لقطاع التغطية الصحية الاجبارية وتستعد للاجهاز على التغطية الصحية التكميلية مسؤولة عن معاناة المغاربة في ما يتعلق بالولوج الى الصحة؟ صحيح ان ميدان التغطية الصحية الاجبارية بالنسبة لمنتسبي القطاع الخاص اي عبر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ( CNSS ) قد لمع نجمه في ظل الجائحة رغم كل النقائص التي شابت الاداء لكن الاهم هو ان المغاربة وجدوا امامهم مؤسسة مواطنة يديرها اناس وطنيون قد يخطئون في بعض الامور وقد يكون ادائهم ناقصا لكنه يظل محترما الى اقصى الحدود ونوجه لهم التحية لكن مع الاسف فهذا الامر جاء عكس نظيرتها في القطاع العام

فماذا عن التغطية الصحية الاجبارية والتكميلية للقطاع العام ؟ ان هذا المجال قد ابان عن شيخوخة قاتلة تتجاوز شيخوخة المشرفين على مؤسسات هذا القطاع بدءا بالصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي ( CNOPS ) التي تقاعد مديره منذ زمن بعيد جدا ولازال يستفيذ من التمديد تلو التمديد تلو التمديد تلو التمديد حتى ارهقت يدي في كتابة التمديد ولم انتهي من تعداد المرات التي مدد فيها لهذا المدير دي الكفاءة الفريدة والنادرة وغير المتوفرة وغير المعروفة والتي جعلت رئيس الحكومة وسابقه يعجزون عن ايجاد بديل لهذا المدير ذي الكفاءة منقطعة النظير ونتمنى لهم التوفيق في بحثهم عن خلف له خاصة انه من المستحيل ان تجد مديرا بنفس الكفائة والحنكة في التسيير بحيث يقوم بكل فخر واعتزاز باغلاق المؤسسة التي عهد له بادارتها والحكم بانهاء نشاطها.

ولن ندخل الان في توضيح اوجه العجز والنقص في اداء هذا الصندوق لكننا سنخصص المقال المقبل لهذه المؤسسة التي توجد خارج القانون مند 2016 على الاقل وفي خرق سافر لكل القوانين المنظمة لتدبير المالية العمومية وفي خرق للانظمة والقوانين المنظمة لعملها هي بنفسها بل وتم التمادي في ابرام الصفقات العمومية وتكثيف برنامج المشتريات والتوظيف في الوقت الذي صدر فيه قانون بوأد المؤسسة وتعويضها بمؤسسة عمومية بموجب مرسوم بقانون كتب تحت جنح الظلام وبسرعة جعلت الصندوق الجديد يولد ميتا.

ولكن كما قلنا سنعود لهذا الصندوق بالتفصيل من باب غيرتنا على مؤسسة نحن منخرطون فيها ولنا الحق في محاسبة المسؤولين عنها سواء منتخبين او اداريين على ما اوصلوا اليه القطاع وعلى مساوئ النظام المعلوماتي البئيسESQUIF والمساطر الغارقة في البيروقراطية التي تسبب الأذى للمنخرطين والعشوائية في اتخاد القرارات والانفراد بتغيير التعريفة الوطنية المرجعية والتأخر الدائم في تنفيذ التعديلات التي تقررها الوكالة الوطنية للتأمين الصحي ما يسبب الصرر لالاف المرضى واعتماد مرجعية خاصة للادوية الخ في تجاوز للاختصاصات واللائحة طويلة سنعود لها بالتفصيل.

لكن لننتقل الى باقي التعاضديات التي تشكل التغطية الصحية التكميلية للقطاع العام والتي تعاني من شيخوخة تقارب حالة المومياوات التي لاتزال تعيش في عصر غير عصرنا هذا الاقل حيث لاوجود لتغيير للكفاءات ولاجود لتغيير في المنتخبين سواء المناديب وكلهم شاخوا في اجهزة التعاضديات ومنهم من قضى طيلة حياته العملية منتخبا في التعاضديات ولازال جاثما على انفاس المؤسسات حتى بعد تقاعده على نفس نهج الكفاءة منقطعة النظير التي تتولى ادارة القطاع الاجباري.

ومما زاد من محنة قطاع التغطية الصحية لمنتسبي القطاع العام هو الغياب المريب لسلطات الوصاية التي لا تتوفر على رؤية واضحة ولا تتحمل مسؤوليتها في هذا القطاع ولا في السهر على حسن تدبيره حيث ان سلطات الوصاية اي وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الشغل اصبحتا جزءا من مشكلة قطاع التغطية الصحية للقطاع العام ولا يمكن ان تكونا جزءا من الحل، وهو ما يتجلى في ضبابية التسيير وغياب مواقف واضحة بل والاكتفاء باتكالية قاتلة تجعل القرار يتم بالرجوع الى صاحب الكفاءة منقطعة النظير المعمر منذ الابد على راس التغطية الاجبارية ما جعلنا نعيش موتا سريريا لهذا القطاع وفوضى غير مسبوقة في التدبير.

وما زاد الطين بلة هو حرص الكفاءة منقطعة النظير على استجلاب كفاءات ماشاء الخالق لا مثيل لها للاشراف على تدبير التعاضدية العامة بشكل سهل عليه املاء كل ما يدور بخلده من افكار عالية الكفاءة والتي لا علاقة لها بمصلحة منخرطي نظام التغطية الصحية للقطاع العام واللذين راكموا من الاخطاء ما اصبح لا يمكن السكوت عليه لان نتيجته الكارثية ستسغرق سنوات عديدة لاصلاح ما افسدوه في بضعة اشهر وستتم مسائلتهم ليس فقط كمتصرفين مؤقتين بل كذلك الوزراء الذين عينوهم .

ان وقوع التعاضدية العامة لموظفي الادارات العمومية تحت الاستعمار من طرف عدة قوى سبق وان حددنا هويتها سابقا ، وتحالف هذه القوى و عصابة الاربعة التي ابتلا الله بها التعاضدية العامة للموظفين بعد ان ابتلاها باجهزة فاسدة طيلة عشرين سنة الماضية ومافيا ادارية نخرت جسدها طيلة عشرين سنة كل هذا جعلنا اليوم نشهد بوادر النهاية لقطاع اساسي في بلادنا حكم عليه بالاعدام جراء الجشع و الطمع و الفساد ومحاولة البعض ارضاء لوبيات محددة والبعض الاخر حاول الحصول على نصيب من كعكة التعاضد .

لم يسائل أحد نفسه لماذا تطبيق الفصل 26 وحل الاجهزة المنتخبة في التعاضدية العامة مرتين ؟ ودون ان نعيذ النظر في مقومات الفساد الهيكلي الذي ينخر قطاع التعاضد ككل ؟ ونحن نتحداهم ان ينشروا تقارير هيئات التفتيش للتعاضديات كلها ، فلماذا اذا التعاضدية العامة لوحدها ؟ . ولماذا اوكلت مهمة تنظيم الانتخابات خارج القانون لشخص لديه حالات التنافي مع القانون خاصة المتعلق باختصاصات اعضاء دواوين الوزراء ؟ فمجرد تكليف شخص من ديوان وزير يسقط كل شرعية عن انتخابات ضرب فيها مبدأ حياد الادارة حتى قبل ان يشرع المكلف بتهريب المعطيات الشخصية للموظفين العموميين الى جهات مجهولة لا يعلمها الا الله ومنهم موظفون ببعض القطاعات الامنية دات الحساسية العالية.

ان قيام المبعوث الحزبي المكلف بالانتخابات بانتاج قاعدة بيانات وهمية تتجاوز حدود المنطق وتتعارض مع ما سبق ان اعلنه المكلف بتنظيم الانتخابات سنة 2009 ، هو سلوك مشين ووضيع في محاولة بائسة للسطو على مؤسسة اجتماعية نهارا جهارا ، كما ان اصدار هذا الشخص لمدونة انتخابية عجيبة وغريبة جعلنا فعلا نعتقد ان ما يردده مستخدموا التعاضدية العامة عن ضعف قواه العقلية صحيح.

فكيف لشخص عاقل ان يتجاوز الحقوق الدستورية لاشخاص بعينهم وحرمانهم من الحق في الترشح ؟ وكيف يفعل هذا وحزبه يحاول ان يقنع المغاربة بانه يحترم الديموقراطية اللهم ان كان حزب العدالة والتنمية يرسل رسالة واضحة لنا كمغاربة انه لا يحبنا وانه لن يحترم حقوقنا كلما سنحت له الفرصة وهو ما علينا ان ندركة وان نحرص على ان لا تسنح الفرصة.

فان كان متأكدا هو ومن يقف ورائه من فساد من يرغبون في حرمانهم من الترشح فلماذا لم يعملوا على احالتهم على القضاء تحت طائلة المسائلة عن تسترهم على الجرائم ؟ والا فمن نصب هذا الشخص هو وحزبه وصيا على المغاربة ليوزع صكوك الغفران على بعض رموز الفساد ايام الفراع الذين يستعدون للعودة في تواطئ مفضوح والسماح لهم بالترشح ؟ واقصاء أخرين انتخبوا لمدة شهر فقط حتى لم يتسنى لهم الوقت للاجتماع الا مرة واحدة ؟ اي منطق هذا ؟

ان كل ما يحدث من محاولة التأثير على الراي العام بتسريب مقال مدفوع الاجر في جريدة يومية معروفة يسائل عن عدم التعجيل بالانتخابات ما هو الا محاولة بائسة قامت بها زمرة فاسدة ممن لطخوا سمعة التعاضدية العامة طيلة العشرين سنة الماضية واستطاعوا بالمال تأجير فضاء لنشر هذا المقال بعدما نشره المفسد الفار من حكم العدالة قبل ايام في صفحة الفايسبوك للبوق المأجور والمخبر الوضيع ليعيد نشره الصحافي المبتدئ كما هو وبالحرف ودون اي تغيير مسيئا لسمعة صاحب الجريدة الذي وان اختلفنا او اتفقنا معه الا اننا لا نملك الا الاعتراف بفصاحته وملكته في الكتابة الصحفية.

اننا كمنخرطين ننهي لعلم الجميع ان مهزلة الانتخابات المعيبة شكلا وموضوعا لن تمر بتاتا واي محاولة لتمرير المسرحية التي ستعيد عصابة الفساد التي سيطرت على التعاضدية العامة لعقود من الزمن لن ترى النور ولو استدعى الامر الانسحاب الجماعي من هذه التعاضدية لنتركها لعصابة الفساد فارغة ، كما ان افلات المسؤوين عن الفساد سواء بالتعاضديات التسعة او بالصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي امر غير وارد اطلاقا مهما كلف الامر.

كما ان ممثل المفتشية العامة للمالية بالادارة المؤقتة التي ابتليت بها التعاضدية العامة في زمن الاحتلال قد راكم من قرارات الفساد ما اساء جديا لسمعة هذا الجهاز الرقابي الذي انتج تاريخيا نخبة من الكفاءات الوطنية المشهود بها ، لازال يراكم التجاوزات والخروقات ويستمر في الحاق الضرر بالمؤسسة التي اسند إليه السهر على سيرها العادي فقط وما قيامه بإعادة توظيف من قضوا عقوبات سجنية لتورطهم في الفساد ايام الفراع الا نموذج حي للخروقات التي يقترفها بكل رعونة بما فيها ابن عمومته وابن بلدته وغيرهم.

ولا يقف الامر عند هذا الحد بل انه متورط في الاجهاز على المداخيل والتسبب في شلل تام لمرافق المؤسسة في المركز وفي الجهات والاقاليم وضياع مبالغ مالية جد مهمة دون الحديث عن مسألة تدبير الحسابات والسماح للمستعمر العجوز بالافلات من سداد مستحقات موثقة بدمته وابرام صفقات ترهن مستقبل المؤسسة للسنوات القادمة وكانه سيبقى مديرا للمؤسسة وفق وعود غرر به لتصديقها وغيرها من الممارسات غير القانونية كثير ويتجاوز ما قامت به الاجهزة المطاح بها بحجة الفساد طيلة عشر سنوات كاملة.

ان توزيع تركة االتعاضدية العامة لموظفي الادارات العمومية قد تم وفق قسمة “ضيزى” وغير مفهومة سيسائل الجميع عنها ، فلماذا سلم مقعد التعاضدية العامة بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لتعاضدية التعليم ؟ وكان يتم الاستعداد لتسليم رئاسة الاتحاد الافريقي للتعاضد الى تعاضدية البريد لولا قيام مسؤولي التعاضد الافريقي برفع شكاية بالمملكة المغربية لدى الاتحاد الافريقي باديس ابيبا ؟ ولماذا حدد عدد مناصب التعاضديات في المجلس الاداري للصندوق المغربي للتغطية الصحية في حد الاقلية التي لا تذكر اي اربعة مقاعد وهم تسعة تعاضديات الى الان فقط ؟ ولماذا قبلت التعاضديات الاخرى والنقابة المسيطرة عليها بهذا الهوان وهذه الاهانة ؟ ولماذا لم تقم سلطات الوصاية بمسائلة ممثلي الدولة الذين كانت تعينهم سنويا لمراقبة حسابات التعاضديات التسع عن تسترهم على الاقل على الفساد المستشري في القطاع ؟ ولمادا كانوا يعطون ابراء الذمة للاجهزة المسيرة للتعاضديات طيلة هذه السنوات ؟

ولماذا لم يتم تعديل النظام الانتخابي للتعاضديات في اتجاه الحد من الاعداد الكثيرة الى حد الميوعة من عدد المناديب (اكثر من 400 مندوب للتعاضدية العامة ) ولم يتم اشتراط حد الكفاءة او التكوين ؟ ولمادا لم يتم اشتراط عدم الاستمرار في الترشح للجموع العامة للتعاضديات الى الابد ؟ وكيف لسلطات الوصاية ان تسمح بعودة المناديب الذين كانوا يصادقون سنويا بالاجماع على التقارير المالية والادبية للتعاضديات ويعطون ابراء الدمة ؟ ولمادا لم يغير القانون ليمنع توظيف من تربطهم علاقات قرابة بالمنتخبين في التعاضديات ؟
ان التساؤلات كثيرة والاجابة واحدة ان سلطات الوصاية اي وزارة الاقتصاد والمالية ووزارة الشغل يحملون بين يديهم جثة هامدة لقطاع اجتماعي ولا يعرفون كيفية اعلان النبأ الحزين والمتمثل في وفاة التغطية الصحية الاجبارية والتكميلية لمنتسبي القطاع العام .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *