قدم كل من حزب الشورى والاستقلال وفدرالية اليسار الديمقراطي تصوريهما بشأن رفع الحجر الصحي وخطة إنعاش الاقتصاد الوطني في مرحلة ما بعد جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، أكدا من خلالهما على ضرورة الرفع التدريجي للحجر الصحي وسياسة قوية لإنعاش الاقتصاد الوطني عبر حزمة من الإجراءات، فضلا عن مقترحات لتعديل مشروع قانون المالية.
وهكذا، اعتبر حزب الشورى والاستقلال في مذكرته إلى رئيس الحكومة بشأن “ما ينبغي استخلاصه وما ينبغي القيام به لإعادة بناء اقتصادي واجتماعي لما بعد جائحة كورونا”، أن انخفاض المؤشر المعتمد لقياس درجة انحسار خطورة الوباء وفق ما أعلنت عنه السلطات الصحية، بات يفرض الدخول في مرحلة التخفيف من الحجر الصحي.
ودعا الحزب، في المذكرة إلى التنفيذ التدريجي لهذا التخفيف، من خلال البدء بالقطاعات المهيكلة والمتحكم فيها تنظيميا مع إخضاع استئناف نشاطها الانتاجي والخدماتي والتسويقي لتدابير الوقاية الصحية، وإطلاق جزئي للمواصلات العمومية للربط بين المدن، بالقدر الذي تتطلبه حركة التنقل في المرحلة الاولى، مع إخضاعها للتدابير الوقائية الصحية، فضلا عن مواصلة الاستئناف الجزئي لأنشطة القطاع الخدماتي وفق أولويات.
وفي الشق المتعلق بخطة إنعاش الاقتصاد الوطني، أوصى الحزب بتشكيل لجنة بإشراك خبراء اقتصاديين وماليين لإنجاز تشخيص في أقرب الآجال، لتحديد مكامن الخلل في النسيج الاقتصادي الوطني في ضوء “الامتحان” الذي تعرض له الاقتصاد الوطني تحت وطأة جائحة (كوفيد-19)، مقترحا تحديد آلية للتواصل والتنسيق مع اللجنة المكلفة بإعداد النموذج التنموي، باعتبار أن العملية الإصلاحية المتوخاة من هذا الحوار تدخل في صلب ما تعمل عليه هذه اللجنة.
ونادى الحزب كذلك بضرورة دعم القطاع الفلاحي، مذكرا بالدور الهام الذي اضطلع به خلال فترة الجائحة، في توفير الأمن الغذائي، ومجملا التدخلات المستعجلة ، على الخصوص ، في دعم شريحة الفلاحين الصغار والمتوسطين، وتعزيز الدعم المالي والفني الموجه لهذه الفئة، وإدماج شغيلة القطاع الفلاحي في أنظمة التقاعد والتامين الصحي.
وحثت المذكرة ، في السياق ذاته ، على الحاجة لتنفيذ سياسة قرب حازمة من أجل فك العزلة عن العالم القروي، بالعمل على توفير بنية طرقية وتعليمية وصحية، من خلال تفعيل التعاون والتنسيق مع الجهات والجماعات الترابية.
أما على مستوى قطاع الخدمات، فقد اقترحت وضع دفتر تحملات يلزم بالتصريح لدى صندوق الضمان الاجتماعي بعدد الأجراء ووضعيتهم لدى وحدات ومقاولات القطاع، في إطار حوار مع ممثلي المهنيين مقابل تحفيزات ضريبية، مسجلة ، في معرض تسليط الضوء على قطاع التعليم الخصوصي ، ضرورة إجراء حوار جدي وإبرام التزامات واضحة مع القطاع.
وبخصوص التدابير المتخذة برسم تعديلات على مستوى القانون المالي، فقد اقترح الحزب ، على الخصوص ، توسيع الوعاء الضريبي ليشمل القطاع غير المهيكل مقابل الالتزام بدفتر تحملات يشجع الفاعلين في القطاع على الملاءمة القانونية لأنشطتهم من جهة، ويضمن حقوق شغيلة هذا القطاع من جهة أخرى، مقترحا أيضا، فرصة إعادة بناء الاقتصاد الوطني، في إطار عدالة ضريبية، وإخضاع قطاع التصدير الفلاحي لواجب الضريبة والإقلاع عن سياسة الريع في المجال.
من جهتها، رصدت فدرالية اليسار الديمقراطي، في مذكرة مماثلة، تصورها لعملية رفع الحجر الصحي وخطة الإنعاش الاقتصادي وكذا مشروع قانون المالية التعديلي، مؤكدة أنه يتعين القطع مع المقاربات التقليدية المبنية على البحث عن التوازنات الماكرو-اقتصادية.
ففي سياق رفع الحجر الصحي، دعت الفدرالية إلى الرفع التدريجي لهذا الاجراء حسب وضعية الجهات والأقاليم، وحسب طبيعة القطاعات الإنتاجية والخدماتية، وفق تصور شامل ونسقي.
كما أوصت ، في هذا الإطار ، بتوسيع الكشف الطبي، والاستعداد لأي تحول مفاجئ، وتوفير كل الإمكانيات والشروط الاحترازية، مشددة على أن رفع الحجر الصحي، الذي أصبح ضرورة اقتصادية، يتطلب في الوقت نفسه الاستعداد الجيد لضمان السلامة الصحية للجميع، وتفادي الانتشار السريع للوباء داخل المعامل والإدارة والقطاع غير المهيكل عبر إلزامية تطبيق إجراءات الصحة والسلامة وتقوية جهاز التفتيش.
ونادت الفدرالية ، ضمن خطتها لإنعاش الاقتصاد الوطني ، بضرورة إعداد مخطط شامل للنهوض بجميع القطاعات، وعلى رأسها القطاعات الاجتماعية، مع وجوب تفكيك أسس الريع والفساد وإرساء أسس الدولة الاجتماعية، معتبرة أن الجائحة أظهرت الدور الاستراتيجي للدولة، ومهامها الاستراتيجية في تحقيق “ثلاثية السيادة الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي والتنمية المستدامة”.
وأشارت إلى أن الوضع الحالي يستلزم انتهاج سياسة قوية لإنعاش الاقتصاد الوطني مبنية على الطلب الداخلي والاستثمار العمومي وإصلاح حقيقي لمنظومة الضرائب ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، فضلا عن إصلاح عميق للنظام الضريبي.
أما بالنسبة للنفقات العمومية، فقد أجملت فدرالية اليسار الديمقراطي مقترحاتها في أسبقية القطاعات الاجتماعية، خاصة الزيادة في ميزانية الصحة العمومية والتعليم العمومي والتقليص من عدد صناديق الخزينة ومن المصاريف الجبائية، وإعادة النظر في شبكة الأجور في الوظيفة العمومية، وكذا إقرار مخطط صناعي وطني ضمن تصور جديد للأولويات، فضلا عن إقرار برنامج مستعجل لتجاوز التأخر الرقمي وتضييق الهوة الرقمية الداخلية.
وبخصوص قانون المالية التعديلي، أبرزت مذكرة الفدرالية ضرورة تأسسه على أربعة مرتكزات، تشمل دعم الطلب لتعزيز القدرة الشرائية للشرائح الدنيا والمتوسطة، ودعم العرض وخصوصا المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز مداخيل الخزينة، وكذا خلق مناصب شغل إضافية
ففي ما يتعلق بتعزيز القدرة الشرائية للشرائح الصغرى والمتوسطة، أوصت المذكرة ، على الخصوص ، بخفض الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للمواد الأساسية، وخفض الضريبة على المداخيل الصغرى والمتوسطة، واحترام تطبيق الزيادة المقررة في الحد الأدنى للأجر المقررة في شهر يوليوز (5 بالمائة)، إلى جانب مأسسة الدعم بوضع صندوق دائم بموارد قارة لفاقدي الشغل وللفقراء والفئات الهشة، والرفع من الطلب العمومي وخصوصا الاستثمار العمومي.
أما بشأن دعم العرض وخصوصا المقاولات الصغيرة والمتوسطة، فقد دعت الفدرالية إلى تقديم دعم مباشر أو تسهيل الولوج للقروض بنسب تفضيلية وخلق ميكانزمات خاصة تستهدف هذه الفئة من المقاولات، وإشراط دعم المقاولات بالمسؤولية الاجتماعية واحترام قانون الشغل وخلق فرص الشغل اللائق، فضلا عن إقرار مبدأ التفضيل الوطني وإلزامية إشراك المقاولات الصغيرة والمتوسطة في الصفقات العمومية، وحماية المنتوج المغربي.
وفي الشق المتعلق بخلق مناصب شغل جديدة، حثت المذكرة على نهج سياسة جريئة في مجال الشغل، بإحداث مناصب شغل جديدة في القطاع العام وشبه العام والجماعات الترابية.
أما في ما يتعلق بتعزيز مداخيل الخزينة، فقد اعتبرت أن مشروع قانون المالية التعديلي يجب أن يكون مناسبة لاتخاذ إجراءات ضريبية تمكن من تعزيز مداخيل الخزينة من جهة وتتجه نحو الإصلاح العميق للنظام الضريبي ليصبح نظاما منصفا وعادلا وذا مردودية، داعية، في هذا الإطار، إلى إحداث ضريبة تصاعدية على الثروة وعلى الإرث الكبير، والزيادة في عدد أشطر الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات مع إقرار نسب خاصة بالنسبة للشركات التي توجد في وضع شبه احتكاري والشركات التي لا تتعرض للمنافسة الخارجية، وكذا تقليص المصاريف الجبائية.