حمزة يسين يكتب: القضاء الدولي كألية لفض النزاعات!

حمزة يسين يكتب: القضاء الدولي كألية لفض النزاعات!

يحتل القضاء الدولي مكانة بارزة في حقل العلاقات الدولية التي تنظم علاقة الدول في مابينها داخل المجتمع الدولي، بإعتباره الإطار الذي يشكل بنيان النظام الدولي تبعا لحقائقه ويندرج القضاء الدولي ضمن مواضيع القانون الجنائي الدولي الذي هو فرع من فروع القانون الدولي العام، حيث يعرف بأنه : هو ذلك الجهاز أو النظام القضائي الدولي الذي يبث في الجرائم الدولية تماشيا مع النظام الأساسي لمحكمة الجنائية الدولية المعروف بسم نظام روما المؤرخ في 1998.

ومعلوم أن القضاء الدولي عرف تطور ملحوظا ومهم في تاريخ المنضومة الجنائية الدولية التي ترتكز على جملة من المبادئ الجنائية الدولية، وذلك من خلال عدة محاولات لظهور أصناف المحكمة الدولية التي تشكلت سنة 1919، المحكمة العسكرية لمحكمة مجرمي الحرب على الساحة الأروبية سنة 1945، ثم المحكمة العسكرية الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب في الشرق الأوسط سنة 1946، المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة سنة 1993 ثم المحكمة الجنائية الدولية لرواندا سنة 1994، إلا أن أبرز حدث تاريخي في تاريخ القضاء الدولي هو إنشاء المحكمة الجنائية الدائمة في المؤتمر الديبلوماسي المفوضي الذي عقد من أجل اعتماد النظام الأساسي للمحكمة تحت إشراف الأمم المتحدة في الفترة من 15 إلى 17 يوليوز سنة 1998.

وبالتالي فإن مفهوم القضاء الدولي هو الحكم أو تطبيق، وعندما نقول قضاء دولي هو الحكم أو تحكيم القانون بين المتخاصمين على مستوى العالم بواسطة طرف دولي مستقل أو هيئات قانونية محايدة تعتمد في حكمها على قانون دولي تعترف به معظم دول العالم ويلتزم به أصحاب السيادة والقرار أينما كانوا، ويحتكون إليه حال وجود مشكلة مع بلد اخر مثلا، كما يختص بحالات اغتيال وقتل الشخصيات العامة والعالمية، ولاسيما قادة الدول والسياسين، وقضايا عالمية أخرى كانتهاك حقوق الإنسان في الدول المحتلة، أو مخالفة الاتفاقيات العالمية المنبثقة عنها، والموقعة من قبل الأطراف الدولية الكبرى ومعظم دول العالم وكياناته المستقلة. والهيئات الممثلة للقضاء الدولي : محكمة العدل الدولية، مجلس الأمن الدولي، مجلس حقوق الإنسان، وتعمل هذه على تطبيق القانون وفض النزاعات والبت فيها حول العالم.
واعتبارا لمكانة وقيمة القضاء الدولي في تثبيت الأمن القضائي الدولي، فأن أهميته تتجلى انه يعتبر وسيلة لفض المنازعات.

لاريب أن توفر قضاء دولي واللجوء اليه في محاكاة للقضاء داخل الدولة، في عدالته واستقلاليته من المؤشرات التي تدل على مدى رقي وتطور المجتمع الدولي نحو العيش في إطار قانوني ضابط للسلوكات، مما يعتبر تصور حقيقي على أرض الواقع، وفكرة القضاء الدولي في تبلورها وبروزها كرافد من روافد تعزيز الحلول السلمية للمنازعات والصراعات التي تقوم بين الأطراف الدولية بين الأونة والأخرى وليدة المحاكاة والاقتداء بخطورة التحكيم الدولي وعالجت المحاكم الدولية للقضاء عديدا من النزاعات في شتى المواضيع الدولية المختلفة ولا أدل على ذلك من القضايا المغربية لما، كان موضوع القانون الدولي فيما يتعلق بمراسيم الجنسية المغربية التونسية عام 1923، وقضية الفوسفاط المغربي عام 1938، وقضية الرعاية الأمريكيين بالمغرب عام 1952، ثم قضية الصحراء المغربية عام 1975.

يخضع القضاء الدولي لقواعد تتعلق بتشكيل المحكمة من 15 قاضيا، منتخبون التمثيل مختلف المدنيات والمدارس القانونية على الصعيد العالمي، لتختص في المجال الدولي، بالبث في النزاعات بين الأطراف من الدول سواء كانت عضوة في الأمم المتحدة أو غير عضوة. وتتولى النظر في إطار اختصاص اختياري وهو الأصل منذ النشئة والولاية الجبرية بعد الالتزام والخضوع لشكليات ضرورية في هذا الشأن.

كما تتطلب المرافعة أمامها إجراءات بتعيين محامين والتسجيل للقضية ويتم تبادل المذكرات الكتابية والمرافعات الشفوية.

وتعتمد المحكمة إصدار قراراتها أو أحكامها استنادا إلى مختلف مصادر القانون الدولي على ضوء ما نصت عليه المادة ( 38 ) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، والتسوية القضائية لا تنحصر في نطاق محاكم العدل الدولية، إذ ثمة محاكم دولية اقليمية تسير في نفس الاتجاه، وإذا كانت في التصنيفات الكلاسيكية من بين الطرق القانونية لحل المنازعات الدولية، فإن دورها تنقصه الفعالية بالمقارنة مع القضاء داخل الدولة وبالتالي فإن ضعف وسائل التنفيذ والجزاء بواسطة الاكراه عن عدم الرضوخ لاحكامها، هو الجانب الذي يضعف من قوتها وقدرتها العملية على العكس من ذلك فأحكامها تتمتع بقدرة نظرية وقوة حقوقية، في الفحص والتحليل للأحكام الصادرة عنها.

التسوية القضائية من خلال الظروف الدولية الراهنة، هي العبارة الأنسب حيث يصعب اعتبار مفهوم العدالة الدولية قائما باللجوء الى القضاء واكتمال المنظومة القانونية التي يستند اليها القضاء في الأحكام لا تزال لم تكتمل، ولم تقطع بعد مراحل مبلورة لوحدة الشريعة القانونية الدولية، فالنظام الدولي ما يلبث يختل، لتضرب فيه الأهواء السياسية أطنابها والمحاولة مستمرة وضئيلة نحو الانتقال من مجتمع الفوضى والتنسيق الى مجتمع النظام والمؤسسات في إطار نظام قانوني محكم، وهذا من قبيل ما يجب أن يكون والمسايرة للأوضاع القائمة هو من قبيل التفاعل مع ما هو كائن فحسب .

وأخيرا يمكننا القول إن الظروف الدولية الراهنة لتوحي بأن الخوف أقوى من الحروب باعتبار هذه الأخيرة بلغت القدرة على التدمير الشامل والتركيز على إيجاد البدائل للصراع ضرورة جماعية وواجب انساني للحفاظ على البقاء مهما تغيرت موازين القوى وأقطابها، ومهما تنوعت السبل اليها المباشرة منها والغير مباشرة المساهمة في درء الخطر المحدق بمصير الأرض قاطبة، لذلك فالقضاء الدولي هو وسيلة لحل النزاع أو النزاعات والحفاظ على الأمن والاستقرار الدولين.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *