أبرز خبراء مغاربة وأجانب التطابق التام للمبادرة المغربية للحكم الذاتي مع حق تقرير المصير، وذلك خلال الندوة الدولية الأولى حول الحكم الذاتي وتقرير المصير، التي نظمت عن بعد، أمس الأربعاء بالعيون، تحت رعاية المركز الإفريقي لتعزيز السلم وتحول النزاعات.
وخلال تسليطه الضوء على وجاهة الحكم الذاتي ، ك”طريق ثالث” بين الاندماج الكلي والاستقلال ، في البحث عن الحلول لمختلف النزاعات الترابية بين الدول، أكد الأستاذ الجامعي، محمد أحمد غاين، تطابق الحكم الذاتي التام مع حق تقرير المصير كما حددته القرارات 1514 و1541 و2625 للجمعية العامة، التي تشكل الأساس القانوني لهذا الحق.
وهكذا، ذكر السيد غاين بأن الحكم الذاتي هو “التعبير الأكثر حداثة لحق تقرير المصير”، لأنه يُمكن من التوفيق بين المبدأ الأسمى والمقدس للوحدة الترابية للدول، واحترام الخصوصيات الثقافية لساكنة معينة داخل دولة قائمة.
وأضاف الخبير أن المغرب قدم، في هذا السياق، المبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، عقب مسلسل مشاورات وطنية ودولية واسعة.
وأوضح أن هذه المبادرة تنص على إحداث مؤسسات تنفيذية وتشريعية وقضائية لجهة الصحراء المغربية، والتي ستسمح للساكنة بإدارة شؤونها المحلية بشكل ديمقراطي في مجالات الاقتصاد والميزانية والضرائب والبنى التحتية والشؤون الاجتماعية، والثقافة والبيئة.
وأشار السيد غاين إلى أن مجلس الأمن كرس تفوق هذه المبادرة، نظرا لطابعها “الواقعي، البراغماتي، المستدام، والقائم على التوافق”، ووصفها ب “الجادة” و”ذات مصداقية” في 17 قرارا متتاليا منذ 2007، وآخرها القرار 2458.
وفي نفس الاتجاه، اعتبر الأستاذ اليوناني في الجيو-استراتيجية، نيكاكي ليغيروس، أن “الجزائر تقوم بقراءة انتقائية للقانون الدولي”، مسجلا أن “القرار 1514 لم يخصص سوى فقرة واحدة لتقرير المصير، بينما خصص فقرتين للمبادئ العابرة للزمن المتعلقة بالوحدة الترابية للدول”.
وأضاف السيد ليغيروس أنه لا يوجد سبب واحد لكي لا ينطبق القرار 1514 على قضية الصحراء المغربية، ذلك النزاع الإقليمي الموروث عن الحرب الباردة والمُصطنع من طرف الجزائر، لأن “الصحراء المغربية هي الامتداد الجغرافي لشمال المغرب”، مسجلا أن الإسلام واللغة العربية والأصول الإثنية للساكنة هي نفسها في شمال وجنوب المملكة، كما أنها موحدة في بيعتها المشتركة لملوك المغرب.
وأكد الخبير اليوناني أن هذه حقائق اعترفت بها محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري لسنة 1975.
واعتبر أنه تم حل قضية تصفية استعمار الصحراء المغربية من خلال اتفاق مدريد، الموقع من طرف المغرب وموريتانيا وإسبانيا، وهو الاتفاق الذي أشارت له الجمعية العامة في قرارها (3458 ب) المعتمد يوم 10 دجنبر 1975.
وكان دحض افتراءات الجزائر كذلك في صلب مداخلة الخبيرة السياسية الكولومبية، ورئيسة مركز التفكير (CPLATAM)، كلارا ريفيروس، حيث أكدت أنه عكس الادعاءات الكاذبة للجزائر و”البوليساريو”، تمارس ساكنة الصحراء المغربية يوميا حقها في تقرير المصير، من خلال تمتعها الكامل بحقوقها السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية.
وأشارت السيدة ريفيروس إلى أهمية النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية ، الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس شهر نونبر 2015، والذي يشارك في إطاره سكان الصحراء المغربية بطريقة ناجعة في تنزيل السياسات التنموية لجهتهم من خلال منتخبيهم المحليين.
وأكدت السيدة ريفيروس أن الممثلين الحقيقيين لساكنة الصحراء المغربية هم المنتخبون المحليون والجهويون، الذين اعترفت لجنة ال24 التابعة للأمم المتحدة بتمثيليتهم، من خلال دعوتهم إلى المشاركة، كممثلين للصحراء المغربية، في الندوة الإقليمية للجنة، التي انعقدت في ماي 2019 بغرينادا ، وفي دورتها الموضوعاتية المنظمة بنيويورك شهر يونيو 2019، وليس “البوليزاريو”، الذي ما زال يتشبث بالحياة فقط من خلال تفويض غير قانوني للسلطة في مخيمات تندوف من طرف الجزائر، الأمر الذي يمكنه من قمع أي اعتراض على شرعيته.
وفي ختام هذه الندوة عن بعد، قدم مسيرها، السيد شيباتة مربيه ربه، الفاعل الجمعوي والمنتخب عن الصحراء المغربية، الدرس المهم الذي يجب استخلاصه وهو : الحاجة إلى أن تعمل الأمم المتحدة على تنفيذ المبادرة المغربية للحكم الذاتي، الحل الواحد والوحيد الذي يضمن ممارسة حق تقرير المصير لساكنة الصحراء المغربية.
يذكر أن ندوة العيون هي الأولى ضمن سلسلة ندوات تجمع خبراء مغاربة ودوليين، وتهدف إلى تنظيم نقاش ديمقراطي ومفتوح حول المعاني المتعددة لتقرير المصير في القرن الحادي والعشرين، بعيدا عن الافتراءات والقراءات الانتقائية لهذا المبدإ في القانون الدولي.