خطاب المسيرة الخضراء: تأكيد المؤسسة الملكية على الإنتصار الدولي والإقليمي للمغرب والدعوة للإستثمار بالأقاليم الصحراوية

البشير الحداد الكبير

يشكل خطاب المسيرة الخضراء في كل سنة مناسبة لتجديد الوفاء والولاء لروح المسيرة الخضراء المظفرة، بل أكثر من ذلك هو آلية تمتلكها المؤسسة الملكية بموجب الوثيقة الدستورية وبالضبط الفصل 52 من الدستور(1) لتوجيه خطاب للأمة، ونظرا للموقع الدستوري للمؤسسة الملكية، فإن ما يميز خطاب المسيرة الخضراء أن المؤسسة الملكية ترسم خارطة الطريق وترسم السياسة الخارجية للمملكة المغربية.

بخصوص الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 45 للمسيرة الخضراء، أكد جلالة الملك أعزه الله أن المسيرة الخضراء ليست مجرد حدث وطني بارز فقط بل هي أيضا مسيرة متجددة ومتواصلة للعمل على ترسيخ مغربية الصحراء على الصعيد الدولي وجعلها قاطرة للتنمية على الصعيد الإقليمي والقاري.
استحضر جلالة الملك حفظه الله ورعاه إنتصارات المغرب من خلال ما يلي:

+ »على الصعيد الدولي » :قرارات مجلس الأمن بالأمم المتحدة رفضت الأطروحات الإنفصالية والغير الواقعية ودعمت الحل السياسي المغربي المتمثل في الحكم الذاتي والذي بني على أسس واقعية وذات مصداقية.

أكد جلالة الملك نصره الله أن عديد من الدول التي تنتمي للأمم المتحدة لا تعترف بالكيان الوهمي البوليساريو، وعددها 163 دولة أي نسبة 85٪ من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، وكما هو معلوم أن عدد الدول الأعضاء بالأمم المتحدة حوالي 193 دولة،وبالتالي نلاحظ أن جل الدول الأعضاء تدعم القضية الوطنية المغربية.
تم توقيع العديد من الشراكات الإقتصادية مع القوى الدولية وهذه الشراكات تهم جميع ربوع المملكة ولا تستثني الأقاليم الصحراوية المغربية، وهو اعتراف من هاته القوى الدولية بسيادة المغرب على صحرائه.

+ »على الصعيد القاري » :منذ رجوع المغرب للإتحاد الإفريقي سنة 2017،العديد من الدول سحبت اعترافها بالكيان الوهمي لأن المغرب بمجرد عودته لبيته الإفريقي جعل منظمة الإتحاد الإفريقي تتخلص من المناورات التي كانت ضحيتها منذ عدة سنوات، فالمغرب حينما كان منسحبا من الإتحاد الإفريقي كان الكيان الوهمي البوليساريو يمارس سياسة الكذب على الدول الأعضاء، لكن بمجرد عودة المغرب للإتحاد الإفريقي قام بتوضيح الأمور وجعل الدول الأعضاء تثق فيه ولا تدعم الأطروحات الإنفصالية للكيان الوهمي، وأصبحت المقاربة التي تعتمدها منظمة الإتحاد الإفريقي بناءة تدعم مجهودات الأمم المتحدة، بمعنى نلاحظ أن المغرب منذ عودته للإتحاد الإفريقي قام بعملية الإصلاح لبيته الإفريقي وبدأ يتضح للعديد من الدول الأعضاء أن المغرب دولة صادقة تعتمد على المصداقية وتدعم علاقات التعاون والأخوة وهو ما تبين لنا في أزمة كورونا من خلال دعم المغرب للعديد من الدول الإفريقية.

+ »على الصعيد القانوني والديبلوماسي » :تم فتح العديد من القنصليات بمدينتي العيون والداخلة، 15 دولة إفريقية ودولة عربية، وفتح الديبلوماسيات تأكيد على مغربية الصحراء ولتعزيز التعاون الإقتصادي،وفتح هذه الديبلوماسيات تأكيد على الديبلوماسية الملكية المغربية، فدستور 2011،يعطي للمؤسسة الملكية الدور الديبلوماسي، من خلال الفصول التالية: الفصل 42، والفصل 49 من خلال رسم السياسة العامة للدولة، والفصل 55 من خلال اعتماد السفراء والتوقيع والمصادقة على المعاهدات.

إن المغرب كما أكد جلالة الملك حفظه الله ملتزم بقرارات مجلس الأمن من أجل التوصل لحل نهائي قائم على الحكم الذاتي، ورفض جلالة الملك جميع التصرفات الإستفزازية التي تحاول المس بالمغرب من خلال قطع حركة السير الطبيعي بين المغرب وموريتانيا أو لتغيير الوضع القانوني والتاريخي شرق الجدار الأمني أو أي استغلال غير مشروع لثروات المنطقة، ولاحظنا أن المغرب رغم هذه التصرفات الشنيعة والعدوانية دائما يلتزم بالحكمة ويفضل لغة السلم والحوار ونبذ العنف.

كما أكد جلالته أن المغرب يثق في الأمم المتحدة والمينورسو على مجهوداتهم الجبارة لحماية وقف إطلاق النار بالمنطقة.

و اعتبر جلالة الملك أن الهدف الذي يطمح له هو جعل الصحراء المغربية قاطرة للتنمية، فبالإضافة إلى المشاريع الملكية الكبرى في الأقاليم الصحراوية المغربية، شدد جلالة الملك على أهمية الإستثمار في المؤهلات التي تزخر بها هذه الأقاليم، لاسيما في المجال البحري، فالمغرب قام هذه السنة برسم الحدود البحرية ويواصل لغة الحوار مع إسبانيا بخصوص أماكن التداخل بينهما في المياه الإقليمية، فالرؤية الملكية تهدف إلى جعل مسألة رسم الحدود البحرية لعزيز الدينامية الإقتصادية والإجتماعية، وعلى غرار ميناء طنجة وما حققه من إنجازات فإن ميناء الداخلة الأطلسي سيشكل واجهة بحرية للتكامل الإقتصادي والإشعاع الدولي والقاري،وستظل الأقاليم الصحراوية المغربية صلة وصل بين المغرب وإفريقيا.

كما ذكرنا في هذا المقال أن دستور 2011 أعطى للمؤسسة الملكية الدور الريادي في السياسة الداخلية والخارجية للمملكة المغربية، فقد شكل خطاب المسيرة الخضراء اليوم خارطة طريق للعمل بشكل واضح لجعل الأقاليم الصحراوية المغربية قاطرة للتنمية وبالتالي نلاحظ أن المؤسسة الملكية في هذا الخطاب دعت للإستثمار في القطاع البحري لاسيما قطاع الموانئ ميناء الداخلة الأطلسي،وأن لا يتم الإقتصار فقط على ميناء الداخلة بل الإستثمار في المجال البحري عموما سواء تعلق الأمر بتحليلة ماء البحر أو بالطاقات المتجددة عبر استغلال مولدات الطاقات الريحية وطاقات التيارات البحرية، فالمغرب منذ سنة 2009 وهو يدعم الطاقات المتجددة من خلال مخطط المغرب الأصفر.

كما دعا جلالته إلى الإستثمار في قطاع الصيد البحري وإطلاق دفعة جديدة لمخطط المغرب الأزرق أي الورش السياحي، وجعل السياحة بالأقاليم الصحراوية المغربية من أعمدة التنمية، فالدفعة الجديدة لمخطط المغرب الأزرق ستنشط القطاع السياحي وستعزز من السياحة الشاطئية بالصحراء المغربية وهو ما سيعود بالنفع على المواطنات والمواطنين، فالرؤية الملكية السديدة هي الإستثمار في المؤهلات التي تزخر بها الأقاليم الصحراوية المغربية.

إن التوجيهات الملكية السامية في خطاب اليوم من أجل جعل الصحراء المغربية قاطرة للتنمية ستعزز من نجاح النموذج التنموي الجديد.
الهوامش :
1-ظهير شريف 1-11-91 الصادر بتنفيذ دستور 2011 بتاريخ 29 يوليوز 2011 الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011، الصفحة: 3600.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *