خلفيات استقالة الازمي من رئاسة المجلس الوطني للعدالة و التنمية

علي الغنبوري

من المؤكد ان استقالة ادريس الازمي من رئاسة المجلس الوطني لحزب العدالة و التنمية ، تحمل أبعاد سياسية و تنظيمية كبيرة داخل الحزب ، لكنها تبقى فقط الشجرة التي تخفي غابة التناقضات و المشاكل التنظيمية و السياسية العويصة التي يعيشها هذا الحزب .

تقديم الازمي لاستقالته في هذه الظرفية ، لا يمكن اعتبارها ، مجرد انتفاضة تنظيمية ضد الاداء السياسي و التنظيمي لقيادة الحزب كما حاول هو بنفسه تبرير ذلك ، فهذه الاستقالة تأتي على مرمى حجر من الانتخابات التشريعية و في نهاية تجربة الحزب على رأس الحكومة ، و في ظل الاخفاقات العديدة التي طبعت حياة هذا الحزب في الآونة الأخيرة .

صوت الازمي ليس الصوت الوحيد الذي يغرد خارج السرب الرسمي لحزب العدالة و التنمية ، المستكين و الهادئ و المنقلب على كل التوجهات و المبادئ و المواقف السابقة ، فهو امتداد لتوجه يتبلور بشكل متصاعد داخل العدالة و التنمية ، يروم التنصل من كل ما يحصل داخل التنظيم الحزبي و من كل المواقف و القرارات التي انخرطت فيها القيادة الحالية ، و يبحث عن موطأ قدم في المرحلة السياسية المقبلة .

صحيح ان الازمي بتقديم استقالته من رئاسة المجلس الوطني ، فهو يخلق أزمة تنظيمية داخل العدالة و التنمية ، لكنها أزمة ذات بعد سياسي بالاساس ، بمقومات ابتزاز سياسي واضحة المعالم ، تهدف إلى بعث إشارات واضحة بان وجه العدالة و التنمية اذا كان خارج الرهانات الحكومية المقبلة ، سيكون مغايرا لهذا الوجه الاليف الحالي ، بل ستكون له انياب و اظافر قوية قادرة على العرقلة و التشويش و الطعن في كل شيء.

استقالة الازمي تحمل رسالة واضحة موجهة لقيادة العدالة و التنمية الحالية : اتخدتم كل القرارات المخالفة لتوجه الحزب ، و سايرتم كل الرهانات المصيرية للوطن ، لكن ما هو المقابل ؟ فنحن نرى ان تنازلات الحزب تجعله اليوم بدون أي تأثير سياسي ، و بدون أي سند شعبي ، وغير قادر على ضمان سطوته الانتخابية .

خطوة الازمي اليوم ، تسندها الدعوات المتصاعدة لعدد من الفاعلين داخل العدالة و التنمية ، لعقد مؤتمر استثنائي للحزب ، ينتج عنه إفراز قيادة جديدة بتوجهات مغايرة ، وبمواقف اكثر راديكالية و رفضا لما يجري اليوم داخل الساحة السياسية ، و للتوجهات الاستراتيجية للبلاد .

ما يسعى اليه هذا التوجه الذي يسير فيه الازمي و من يجعل منه واجهة له ، هو محاولة للضغط من اجل ابقاء قواعد اللعبة السياسية كما هي ، و الحفاظ على مكتسبات الحزب ، وهو كذلك محاولة للتنصل من كل الاخفاقات و الفشل الذي طبع مسار الحزب الحكومي ، بتبني خطاب رافض و غير قابل لما يجري داخل المعترك السياسي، بمنطق ابتزازي مفاده اما ان نكون او نفسد كل شيء.

للاسف ما يسقطه هذا الحزب و مختلف التوجهات و التيارات داخله ، هو ادراك الشعب المغربي لحقيقته ، و معرفته الدقيقة لمحدوديته ، و عدم حمله لاي بعد اصلاحي ، و لتغليبه لمصلحته الحزبية عن المصلحة الوطنية ، فتبني هذه المواقف ، و اعلان الانتفاضة لا يكون على بعد أسابيع من الانتخابات ، بل هو مسألة مبدأ لا يخضع للمزايدة و الحسابات الزمنية ، و الا فإن الامر يتحول الى مجرد ابتزاز و بحث عن مواقع و مصالح ضيقة .

ما يقوم به الازمي و من يسايره ، لن يزيد الا من انكشاف امر هذا الحزب ، و لن يكرس الا مزيدا من الأزمة التنظيمية و السياسية داخله ، و لن يعطل مسيرة الاصلاح السياسي ، فالحزب فقد مشروعيته السياسية ، وبات خارج دائرة التأثير الشعبي .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *