ديمقراطية نبيل بنعبد الله!!!

علي الغنبوري

و انت تتابع مواقف و خرجات ،السيد نبيل بنعبد الله، الامين العام لحزب التقدم و الاشتراكية ، تخال نفسك امام بطل مغوار ، لا يخاف لومة لائم في سبيل الجهر بالديمقراطية و الدود عن حرمتها و مبادئها .

فالرجل يقتحم بمواقفه ، قلاع “التغول” و “الانحراف” الديمقراطي ، و يدك حصون “الاستبداد” ، ويعلي كلمة الديمقراطية عاليا في سماء الحرية و الحقوق ، فهو لا يترك حدثا او قضية تكون الديمقراطية ضحية لها ، تمر دون ان ينتصب مناضلا شرسا في سبيل ارجاع الامور الى نصابها .

لكن هذا الحماس او الجرعة الديمقراطية الزائدة ، التي يبديها السيد نبيل بنعبد الله ، تخفي ورائها تناقضات مفزعة ، بين الخطاب الديمقرطي الرنان و الواقع البئيس الذي يطبع ممارسته الديمقراطية .

نبيل بنعبد الله “السوبر” ديمقراطي ، لم يتقبل ان يخالفه ثلة من المناضلين الراي، داخل اللجنة المركزية لحزبه ، بشان قراره الخروج من الحكومة التي تشبت بها و بثلابيبها الى اخر رمق ، ولم يستسغ كيف لهم ان يقولوا له ان الخروج من الحكومة بسبب المقاعد لا معنى له ، فانت من ادخلنا الى هذه الحكومة و انت من صورت لنا التحالف مع العدالة و التنمية و كانه المفتاح السحري لاحقاق الديمقراطية بالبلاد ، ليعمد الى طردهم من الحزب .

قد يختلف الجميع مع هؤلاء المعارضين لقرارات نبيل بنعبد الله ، و قد يشكك الجميع كذلك في اصلهم و فصلهم السياسي ، لكن ان يتم طردهم بسبب التعبير عن مواقفهم داخل اجهزة الحزب ، فهذا هو البؤس الديمقراطي ، و هذه هي الديكتاتورية السادية ، التي تجعل من الفرد صنم يتوجب تقديسه و تنفيذ تعاليمه المصبوغة بالجهل .

هذا التناقض الصارخ بين الخطاب و الممارسة عند السيد نبيل بنعبد الله ، لا يتوقف عند هذه الواقعة ، بل هو متأصل و قديم في سلوكه و ممارسته السياسية ، فنبيل بنعبد الله ، الذي طم راسه في التراب عندما صفع على وجه بالم، اثناء خروجه المهين من سفارة المغرب بروما،و غابت مواقفه و جرأته التي يبديها اليوم، هو نفسه من حول عقاب الشعب المغربي لحزبه و لاختياراته السياسية في الانتخابات التشريعية الاخيرة بحصوله على 8 دوائر انتخابية ، الى نصر مؤزر ،دفعه الى حد اعطاء الدروس الى خصومه و منافسيه ، بشان احقيته في الدخول الى الحكومة ، و قيادتها ، بمنطق ” انا او القايد كنشدو مليون” .

خطابات و مواعظ بنعبد الله الديمقراطية ، اختفت كذلك ، عندما غير قوانين حزبه ، و خرق كل الاعراف السياسية و اليسارية التقدمية ، منصبا نفسه زعيما للولاية الثالثة على راس الحزب ، بمعنى “انا وحدي مضوي البلاد” .

بنعبد الله القلق على المستقبل الديمقراطي للبلاد ، يتناسى اليوم و هو يحاول الظهور بمظهر الملتصق بهموم الجماهير الشعبية ، انه غاب عن كل نضالات هذه الجماهير ، ابتداء من حركة 20 فبراير الى كل الانتفاضات الشعبية التي عرفتها البلاد مؤخرا ، و التي قال فيها ما لم يقله مالك في الخمر ، و بطبيعة الحال من جانب التسفيه و التشكيك في دوافعها و منطلاقاتها .

الديمقراطية هي كل لا يتجزء ، و هي مسعى دائم لا يتغير و لا يبنى وفق التكتيكات و الظروف و المصالح الشخصية و الفئوية ، و الدفاع عنها و النضال من اجلها يحتاج الى ديمقراطيين حقيقيين ، حاملين لمشروعها و لقيمها ، لا الى انانيين ينطلقون من منطق ” يا انا لاعب يا ما يلعب حد” .

و الشعب المغربي له من الذكاء بما يكفي ، لكشف حقيقة كل من يدعي اليوم الدفاع عنه و عن مصالحه ، و من يريد ان يوهمه بعذريته و نزاهته ،و من يريد ان يجعل منه حصان طروادة لتبييض صفحته السياسية المليئة بالبقع السوداء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *