زوابع الرميد المليئة بالتدليس !!

هاشتاغ: علي الغنبوري

من المفارقات العجيبة التي نعيش على وقعها هذه الايام الاخيرة ، هي الصحوة الغريبة للضمير ” المستتر” للسيد مصطفى الرميد، و الظهور المفاجئ له كحامي حمى الحقوق و الحريات ، والبطل المغوار الذي لا يخشى لومة لائم في ما يتعلق بحرية الراي و التعبير للشعب المغربي.

السيد الرميد و هو يسرب مواقفه البطولية داخل مجلس الحكومة، بشان اعتراضاته على القانون 20/22 المتعلق بمنصات التواصل الاجتماعي، نسي او حاول التناسي ان سيادته هو اكثر وزير في تاريخ الحكومات المغربية رفعا للدعاوى القضائية ضد الصحافيين، بهدف تكميم الافواه، و إعمال منطق “شوفوني او سكتو”، بل وصل به الأمر في مرات عديدة إلى إصدار البيانات و البلاغات المهددة للمنابر الاعلامية و الدعوة الصريحة لمحاربتها و إعدامها ، و لعل قضية الصحفي المناضل “المهداوي” لخير دليل على هذا التوجه التسلطي والقمعي الذي يخترق تفكير الرجل.

ان أخر ما يمكن ان يقتنع به المتتبعون لمسيرة و مسار الرميد، هو صدقية إيمانه بالحقوق و الحريات و الدفاع عنها، فصولات و جولات الرميد ضد الحريات الفردية و حريات المعتقد و حقوق الانسان بمعناها الكوني و مهاجمته الصريحة في الماضي القريب لحملة المقاطعة التي خاضها الشعب المغربي، و تهجمه على حراك الريف و غيره من الحركات المجتمعية، لا يدع ادنى شك في الاقتناع بتوجهه المنافي لكل ما يتعلق بالحريات و الحقوق.

تسريب الرميد اليوم لنسخة قديمة من مشروع قانون منصات التواصل الاجتماعي و محاولة ظهوره بمظهر المدافع عن حرية الراي و التعبير ، هو اقرب للتشكيك منه للتصديق، مما يوجب البحث عن الغايات الحقيقية لهذا الخرق اللاخلاقي لادبيات العمل الحكومي، خاصة في ضل هذه المرحلة الصعبة التي تجتازها البلاد.

اذا كان لوباء كورونا من حسنات تذكر ، فهي قدرته على كشف المستور عن واقع حزب العدالة و التنمية و عن ضعف أدائه الحكومي، و عن عجزه التام على مسايرة ايقاع التدبير السليم لهذه الجائحة، فالمبادرات الكبرى المنجزة و الاجماع الوطني الحاصل في هذا الشأن و غياب وزرائه عن لجنة اليقضة المكلفة بتدبير هذه الجائحة، و الخرجات الاعتباطية لرئيس الحكومة التي جعلت منه موضوع سخرية و تذمر من الجميع، جعله في وضعية عزلة عن المجهود الوطني لمحاصرة هذا الوباء، و جعل الشعب المغربي يفهم جيدا طينة هذا الحزب و محدودية أعضائه و ما يسمى “بأطره”.

و ضعية الشلل التي يعيشها حزب العدالة و التنمية ستزداد سوء، في ضل غياب شروط عيشه المعتادة، المتمثلة في الاستغلال الانتهازي للمساعدات الرمضانية، و التوزيع الزبائني لها خاصة خلال شهر رمضان، و بمعنى اصح فالحزب يعيش حالة عطالة سياسية، جعلته غير قادر على الابداع و المبادرة و التفكير السياسي السليم.

تضاف الى كل هذا و ذاك ،جملة المبادرات السياسية الخلاقة التي بدأت تطرح في سبيل التدبير الامثل لجائحة كورونا و كيفية توسيع دائرة الاجماع الوطني الحاصل حولها، و سبل التفكير الواقعية لمرحلة ما بعد الجائحة، حيث بدأ حزب العدالة و التنمية يرى نفسه خارج دائرة الفعل السياسي الوطني.

و لعل مقترح الاتحاد الاشتراكي بضرورة التوجه نحو اقرار حكومة وحدة وطنية لمواجهة تداعيات هذا الوباء القاتل و التي تحتاج الى اجماع كل مكونات الوطن قدون استثناء، هو النقطة التي أفاضت الكأس و جعلت الحزب الاسلامي ، ينحو نحو اختيار اللاخلاق في التعامل مع هذا الوضع الذي بدأ يعيش على ايقاعه، من خلال رهانه على كسر هذا الاجماع الوطني والتشويش عليه، وضرب كل المكتسبات الحاصلة بهذا الشأن، من خلال تسريب مقيت لوثيقة قديمة و غير مبينية على اي اساس قانوني، في خطوة محسوبة و مخطط لها، لتوجيه الراي العام الوطني و حلحة الوضع، و لو على حساب المصلحة العامة و على حساب هذه الظروف التي يجتازها المغرب و التي تقتضي وحدة الصف.

فهذا الحزب يثبت مرة اخرى ان الاهم بالنسبة له هو نفسه و عشيرته ومن يدور في فلكه، و لتذهب البلاد الى الجحيم ، فالمهم هو ان تشير الاصابع بالاتهام الى خصومه السياسيين، و ينعم هو ببراءة مزعومة تحفها نجاسة انتخابية نثنة تفوح من اقلام و عقول مريده و انصاره.

ما يجب ان يفهمه الرميد و من يقف اليوم في صفه ، ان الزوابع التدليسية سرعان ما تنكشف و تظهر نوايا اصحابها الحقيقية، فحبل الكذب قصير، و مسار الدفاع عن الحريات و الحقوق، و لا ينتهي بانتصار لا اخلاقي زائف، و لا يكون بمنطق ” التحراميات”، فوضعية البلاد اليوم و ماهي مقبلة عليه، ستبين للجميع بدون استثناء من هو الصالح و من هو الطالح الذي تكون الحقارة هي اساسه و منطلقه.

Comments are closed.