سليمان الخشين يكتب: الإسلام السياسي بالمغرب وفيروس كورونا المستجد

سليمان الخشين : الإسلام السياسي بالمغرب وفيروس كورونا المستجد

من جديد يؤكد تيار « الإسلام السياسي » بالمغرب أنه تنعدم لديه روح المسؤولية، بعدما قام بالتعبئة العامة لأتباعهم السذج الذين لا حول لهم ولا قوة من أجل الخروج إلى الشوارع العمومية مبتهلين ومكبرين ومهللين لله سبحانه وتعالى. رغم الظروف العصيبة التي يجتازها المغرب والعالم بأسره لمواجهة هذه الجائحة الوبائية التي لا تميز ما بين مؤمن ولا كافر، والتي لم يستطع العلم بعد أن يجد لقاحا مضادا لها. حيث لا إمكانية للإفلات من الإصابة سوى الحجر الصحي، وعدم الاختلاط، والمداومة على وسائل النظافة.

تطوان وبعض المدن اخرى، عاشت أمس حالة حزينة بعدما تسرب للساكنة استهتار طبيب وزوجته كان مصابين بالفيروس، ومع ذلك لم يلتزما بقواعد الحجر الصحي بل فضلا الالتقاء بالمواطنين بشكل عادي، وصل إلى حد معالجة المرضى، والإشراف على عمليات التوليد، مما سينجم عنه لا محالة تعرض العشرات للإصابة بهذه العدوى. ورغم حالة الاستنفار، فإن « الإسلام السياسي » لا دين له ولا قلب ولا عقل. لا يهمه انتقال العدوى وتفشيها، بقدر ما يهمه تجنيد أكبر عدد من المريدين الذين يستهويهم الخطاب الديني.

لا دين لهم؛ لأن ديننا الحنيف يأمرنا ألا نلقي بأنفسنا إلى التهلكة، ولا ملة لهم لأن ديننا يعلمنا أن أقرب ما يكون الإنسان قربا من الله حين يخر ساجدا لله تعالى طالبا عفوه ومغفرته، وليس من خلال ترديد التكبير والتهليل من على الشرفات وتمريغ الجباه والوجوه في الشوارع. إن الله أخبرنا أنه لطيف بعباده، ورحمته وسعت كل شيء، وأن المؤمن أينما ولى وجهه فثم وجه الله. وأنه سبحانه وتعالى أقرب إلينا من حبل الوريد.

تيار الإسلام السياسي لا قلب له، لأنه وقف موقف المتفرج تجاه حملة التبرعات لصندوق مكافحة وباء فيروس كورونا المستجد، ولم يساهم ولو بدرهم واحد في هذا الصندوق، ولا دعا أحدا إلى التبرع في هذا الصندوق، ضاربين عرض الحائط بدعوة نبينا الكريم المسلمين قائلا  » حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، واستقبلوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع » ومعلوم أن الزكاة تدفع لبيت مال المسلمين (خزينة الدولة)، ولكنهم بدل ذلك يطالبون بعقلنة تدبير هذا الصندوق، بل ويسائلون الدولة « أين كنتم قبل هذا؟ » دون أن يوجهوا ولو كلمة شكر واحدة للمتبرعين بأموالهم لفائدة هذا الصندوق، رغم أن نبينا قال لنا: « من لم يشكر الناس لم يشكر الله » ولكن قمة الوقاحة أن يطالب أصحاب المدارس الخاصة الذي تنتمي نسبة عالية منهم لهذا التيار بحصتهم من هذا الصندوق. (منطق الغنيمة، وغياب منطق التضحية والتضامن خلال أوقات الأزمات).

تيار الإسلام السياسي لا عقل له، لأنه اندفع اندفاعا أعمى للرد على « أحمد عصيد » (سامحه الله، لأنه يعلم مدى حماقة هؤلاء) حينما كتب مقالات قائلا فيها بأن ذهاب الوباء لا يحتاج إلى دعاء، ولكنه يحتاج عقل العلماء لينتجوا لنا لقاحا مضادا لهذا الداء. فهل مثل هذه المقالات ستفقد الناس إيمانهم بربهم، علما أن الإنسان لا يكون أكثر تضرعا إلى الله إلا عندما تنزل به المصائب. مصداقا لقوله تعالى: « وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ » إن الإنسان اليائس يتمسك بأحبال واهية، فما بالك أن يفقد إيمانه بالذي خلقه. فهل سيخرس دعاة هذا التيار « عصيدا » من الاستمرار في حملته التي تستهدف علمنة الدولة. بعدما جيشوا الناس للخروج جماعات بالتهليل والتكبير؟ أم هل هي رسالة للدولة: « نحن هنا وما زلنا لم نمت بعد ». أو ليس من المحتمل أن يزداد انتشار المرض بعد اختلاط الناس بعضهم ببعض وعصيانهم لأمر الدولة بلزوم الحجر الصحي؟ أو ليس ذلك سببا لتراجع إيمان الناس. ألن يشمت آنذاك « عصيد » فيكم. رغم أن الوقت ليس وقت شماتة، ولكنه وقت تضامن وتضحية. وأختم باقتباس آية من الذكر الحكيم » أليس منكم رجل رشيد ».

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *