علي الغنبوري : الرهانات الانتخابية للاستحقاقات التشريعية 2021

على بعد سنتين من الاستحقاقات التشريعية لسنة 2021، و في ظل الوضع السياسي الراهن و المتغيرات الاقليمية و الدولية و انعكاساتها على المغرب ، تثار مجموعة، من القضايا و تطرح كثير من الاسئلة عن المشهد السياسي العام ، عن واقعه و مأ لاته ، عن الفاعلين و عن السيناريوهات المحتملة .

تأتي هذه الانتخابات في ظل وضع سياسي مبهم و مختل ، تسوده كثير من علامات الاستفهام ، حول الفاعلين السياسيين و حول قدرتهم على الاستجابة لتطلعات المغاربة و مواكبة الحركية الكبيرة التي يعرفها المجتمع، فتراجع و انحسار الاحزاب لم يعد بحاجة لدلائل ، فكل الاحداث الاجتماعية و السياسية التي عاشها المغرب خلال السنوات الاخيرة اثبتت انفصال المنظومة الحزبية الوطنية عن واقعها المجتمعي و عدم قدرتها على تقديم عرض سياسي يجسد اختيارات و مطالب الشعب .

فالأحزاب و باعتبارها وسائط مجتمعية تنظم و تأطر حركة المجتمع ، لم تكن حاضرة في معظم الاحتجاجات التي عرفها المغرب (حراك الريف ، حراك جرادة ، اضراب الأساتذة المتعاقدين …و مجموعة من الحركات الاحتجاجية الاخرى ) بل كان وجودها مرفوضا و غير مرغوب فيه من طرف مختلف الفاعلين داخل هذه الاحداث ، و هو ما زاد من أزمة الوضع السياسي العام و رفع من وضعية الالتباس المتعلقة بالرهانات السياسية في افق الانتخابات التشريعية القادمة .

كما تأتي هذه الاستحقاقات في ظل سيطرة انتخابية للحزب الاسلامي خلال ولايتين متتاليتين ، و ما أعقبهما من تفاعلات و تطورات، ان على المستوى التنظيمي الداخلي للحزب و ان على الساحة السياسية بصفة عامة ، اثرت بشكل كبير على عرضه السياسي و قدرته على الانفتاح على المكونات المختلفة للمجتمع المغربي و تجسيد اختياراتها و الدفاع عنها.

فالمغاربة مطالبون بالاختيار ضمن خريطة سياسية معقدة و غير واضحة المعالم ، او بمعنى اوضح المغاربة سيجدون انفسهم و لأول مرة امام انتخابات بدون حزب تعقد عليه أمالهم ، فالحزب الاسلامي الذي يقود الحكومة فشل في كسب الرهانات التي انتخب من اجلها و لم يستطع الاستجابة للتطلعات و الاختيارات المجتمعية ، و غرق في المنطق الحكومي و ما يوفره من امتيازات و مكاسب ، كما ان باقي الفاعلين لم يتمكنوا من بلورة خطاب و مشروع واضح يجسد مطالب المجتمع و يروم تكريس و تحصين و تطوير المكتسبات السياسية و الاجتماعية و الديمقراطية .
أزمة المجال السياسي لا تساءل فقط الاحزاب السياسية بل تساءل بشكل اكبر الدولة باعتبارها المؤطر الرئيس للحقل السياسي و المعني الاول بتطور و قوة المنظومة السياسية ، فرهانات الشرعية التمثيلية و المشاركة السياسية المجتمعية ، تشكل المقياس الحقيقي لمناعة الدولة و قدرتها على تأطير المجتمع ، و ضمان استقرارها .

ما هي السيناريوهات المحتملة في افق انتخابات 2021 ؟ سؤال كبير سنحاول الاجابة عليه من خلال استعراض التصورات الممكنة في ضل المنظومة السياسية القائمة و مختلف الفاعلين داخلها .

ثلاثي المنافسة

المتتبع الجيد للساحة السياسية المغربية و مختلف الفاعلين داخلها ، سيستنتج بشكل سريع ان المنافسة الانتخابية على المراكز الاولى ستنحصر في ثلاثة احزاب تبدو أوضاعها التنظيمية و السياسية اكثر نضجا و تماسكا ، مما يؤهلها للتنافس على الفوز بالانتخابات المقبلة .

العدالة و التنمية….القاعدة الانتخابية الدينية

يمتلك حزب العدالة و التنمية قاعدة انتخابية مهمة ، تتكون بالأساس من عدد كبير من المنخرطين في صفوفه ، و مجموعة من المنتمين لحركته الدعوية « التوحيد و الاصلاح  » ذات التوجهات الدينية المحضة، و التي يتواجد قياديوه في مختلف هياكلها و تنظيماتها ، بالإضافة الى الأصوات الكثيرة التي يحصل عليها الحزب من الجماعات الاسلامية التي تصوت لصالحه في كل الاستحقاقات الانتخابية .

مرجعية الحزب الدينية التي ما فتئ يؤكد عليها في كل المناسبات ، تمكنه من استقطاب عدد كبير من العاطفين و الانصار ، من خلال توظيف المشترك الديني و جعله هاجسا انتخابيا لدى فئات كبيرة من المواطنين ، ترى ان الحزب هو المؤهل الوحيد سياسيا للدفاع عن الدين و الذود عن حرمته .

صحيح ان حزب العدالة و التنمية ، تمكن خلال الاستحقاقات الماضية من تحقيق فوز كاسح ، مكنه من تدبير الحكومة لولايتين متتاليتين ، لكن هذا الفوز لم يكن فقط بفضل ما سبق ذكره ، بل تحققه ، جاء كذلك نتيجة تصويت فئات عريضة من الشعب المغربي ، لا علاقة لها بالحزب و بخطه السياسي و مشروعه المجتمعي الديني ، رأت فيه اطارا قادرا على تحسين ظروفها المعيشية و الدود عن الديمقراطية و كل ما يتطلبه بناؤها و الدفع بعجلتها الى الامام ، نظرا للخطابات الرنانة و المواجهات العنيفة التي قادها امينه العام السابق السيد عبد الاله بنكيران على مختلف الجبهات و الاصعدة ، و قد شاهدنا كيف لم يخفي عدد من اليساريين و الليبراليين دعمهم و مساندتهم للحزب في عز الحملة الانتخابية لاستحقاقات التشريعية الماضية ، معتبرين ان العدالة و التنمية يشكل حصان طروادة الذي سيمكن من اقتحام قلاع الفساد بالبلاد و كسر شوكة المرتدين ديمقراطيا .

لا يختلف اثنان اليوم ان الشروط السياسية و التنظيمية التي خاض من خلالها حزب العدالة و التنمية الانتخابات السابقة ، تغيرت بشكل كلي و جدري ، و قد جرت مياه كثيرة تحت الجسر ، جعلت الحزب اليوم في موضع شك من قدرته على تحقيق نفس النتائج التي سبق له الحصول عليها .

فقد شاهدنا كيف تراجع الحزب عن معظم مواقفه من القضايا الاجتماعية و السياسية في البلاد ، و كيف اصبح قياديوه و وزراؤه يشكلون موضوع مختلف الاحتجاجات و التعبيرات المجتمعية التي عرفها المغرب( المقاطعة ، الساعة الاضافية ، احتجاجات جرادة ، الاساتذة المتعاقدين….) ، فالحزب انقلب على عقبيه بعد ما سمي ب « البلوكاج الحكومي » و قبل بكل الشروط التي رفضها في وقت سابق ، و انخرط في بلورة قرارات حكومية لا شعبية جرت عليه انتقادات و سخط مختلف قطاعات الشعب المغربي ، و كل داعميه و مسانديه من خارج تنظيمه الحزبي .
بالإضافة الى كل هذا ، شاهدنا كذلك ، كيف عاش الحزب على وقع سلسلة من الفضائح ، المنافية لخطه القيمي و الاخلاقي المتشبع بالدين ( قضية الكوبل الحكومي ، قضية يتيم ، قضية بنحماد و فاطمة النجار ، قضية امينة ماء العينين ) ، جعلته يفقد كثيرا من بريقه ، و يتحول الى موضوع مسائلة من الجميع ، حول ازدواجية خطابه و مواقفه .

من المؤكد ان حزب العدالة و التنمية ، سيتأثر كثيرا مما جرى خلال فترة تدبيره للشأن الحكومي و ما رافقها من احداث و وقائع ، و لكن هذا لا يعني ان الحزب لن ينافس على احتلال المراتب الاولى ، فقاعدته الانتخابية ثابتة ، تتكون من نواة صلبة ، تتشكل من اتباع و مريدين يضلون اوفياء و مناصرين لمشروع الحزب الديني ، بالإضافة الى مجموعة من المستفيدين من العمل الاحساني و الخيري الذي قوم به الحزب و تنظيماته في اوساط الفئات الشعبية .

التجمع الوطني للأحرار ….الاعيان يستجمعون قواهم

مباشرة بعد تعيين عزيز اخنوش على راس التجمع الوطني للأحرار ، دخل الحزب في دينامية تنظيمية و اشعاعية كبيرة ، تمكن خلالها من اعادة تنظيم و تجديد هياكله ، و نظم لقاءات جماهرية كبرى بمختلف مناطق المغرب ، و استقطب لها عدد كبير من المواطنين ، كما انفتح الحزب على الجالية المغربية المقيمة بالخارج، و استطاع كذلك استرجاع عدد من الاعيان و الفاعلين الذين شكلوا على الدوام قاعدته و نواته الصلبة ، بعد ان فقدهم في محطات سابقة.

نهضة او انتعاشة حزب التجمع الوطني للأحرار ستمكنه لا محالة من المنافسة على الفوز بالانتخابات المقبلة ، لكن هذا لا يعني ان الحزب لا تعتري منافسته هاته مجموعة من النواقص و علامات الاستفهام، و التي قد تؤدي الى عكس ما يصبو اليه.

غياب البعد السياسي : فالحزب الذي رفع شعار « اغراس اغراس » لم يستطع ان يبلور خطابا سياسيا واضحا ، يتوجه به الى الشعب المغربي ، كما ان الحزب لا يقدم اي اجوبة عن تطلعات و امال الشعب المغربي فيما يخص مواضيع الديمقراطية و الحقوق ، باستثناء بعض الوعود الاقتصادية التي طلقها بين الفين و الأخرى رئيسه .

غياب الانفتاح على النخب و المثقفين : رغم كل الحركية التي يعيشها حزب التجمع الوطني للاحرار ، الا انه لم يستطع الانفتاح على النخب و المثقفين كجزء من مشروعه المجتمعي ، فهو يعتمد على الاعيان و اصحاب المال كمكون وحيد و رئيسي لمنظومته الحزبية ، و هو ما يحد من تأثيره السياسي و الثقافي داخل المجتمع.

غياب السند الشعبي : من بين ابرز النواقص التي يعاني منها حزب التجمع الوطني للأحرار ، هي غياب السند الشعبي ، فالحزب لا يقدم اي أجوبة لأمال و تطلعات الشعب المغربي، خاصة الديمقراطية منها و لا ينخرط في اي معركة من معاركه ، بل الادهى من ذلك فقد تكرست لدى الراي العام الوطني حول حزب التجمع الوطني للأحرار صورة حزب « الدولة » ، مما قد يجعله بتجرع من نفس الكأس التي أدت الى فشل نفس التجارب السياسية السابقة.

حزب الاستقلال … الشرعية التاريخية كحل للمأزق السياسي

تجاوز حزب الاستقلال لكبوته التنظيمية و السياسية في عهد امينه العام السابق حميد شباط و ما عرفته من اختلالات بنيوية في ادوار و بنية الحزب التنظيمية و السياسية ، من خلال انتخاب السيد نزار البركة امين عاما للحزب ، و اعادة ترتيب اوراقه التنظيمية و السياسية ، مكنه من استرجاع دوره الحيوي داخل المشهد السياسي المغربي ، و جعله يظهر كأحد الاحزاب القادرة على التنافس على احتلال صدارة الانتخابات التشريعية ، خاصة في ضل الانشطة الاشعاعية و الجماهرية القوية التي عمل على تنظيميها في المدة الاخيرة و خاصة في الصحراء .
كما مكن موقع الحزب داخل المعارضة ، و استغلاله الذكي لبعض القضايا و الاحداث الاجتماعية ، لبلورة خطاب سياسي ، اكثر عقلانية و وضوحا ، بالإضافة الى ارثه و شرعيته التاريخية الكبيرة ، من جعله اكثر الاحزاب قبولا لدى مختلف مكونات المجتمع المغربي للفوز في الانتخابات.

و تبقى نقطة الاستفهام الوحيدة ، هي بعض الخلافات التي باتت تهدد وحدة و تماسك الحزب ، فتغول و نفوذ السيد حمدي ولد الرشيد داخل التنظيم الحزبي باتت تشكل عائقا حقيقيا اما نضج و استقرار الحزب تنظيميا .

فالأحداث الاخيرة التي عرفتها اللجنة التحضيرية لمؤتمر الشبيبة الاستقلالية ، جعلت كل المتتبعين ، يشككون في قدرة الحزب على الحفاظ على توازنه و استقراره التنظيمي ، و ينذر بدخول الحزب لحرب طاحنة بين اجنحته ، ستؤثر بلا شك على وضعه الانتخابي .

كوكبة المطاردة

تتشكل هذه الكوكبة من مجموعة الاحزاب الممثلة في البرلمان ،التي يسعى جزء منها الى تحسين موقعه داخل المشهد السياسي المغربي ، و جزء اخر سيكافح من اجل محاربة الاندثار و الزوال ، و بلا شك ، ستحسم نتائجها بشكل كبير توجهات المرحلة السياسية المقبلة .

الاصالة و المعاصرة …. الرجل المريض

وضعية حزب الاصالة و المعاصرة اليوم تشبه الى حد كبير وضعية الرجل المريض الذي يرى بأم عينيه تأكل جسده و تقاسم ممتلكاته بين شركائه ، دون ان يستطيع القيام بأي شيء ، فالحزب يعيش منذ نهاية الانتخابات السابقة ، حالة تفسخ و انحلال ، تتجسد في حالة الصراع و التطاحن المفتوح بين كل مكوناته، التي و صلت الى حد الانقسام الواضح ، و لم يعد الحزب قادر على التحكم في قوته العددية داخل البرلمان بمجلسيه ، و لم يستطع كذلك القيام بأدواره داخل المعارضة ، مما جعل منه حزبا شبه غائب عن الساحة السياسية .

توفر حزب الاصالة و المعاصرة على مجموعة من الاعيان النافذين انتخابيا ، سيجعل منه بلا شك فريسة لمجموعة من الاحزاب التي ستعمل بلا شك على استقطاب اوراقه الرابحة ، و لعل حزب التجمع الوطني للأحرار و حزب الاستقلال سيكونان الاكثر استفادة من هؤلاء ، باعتبار ان معظم برلمانيي الاصالة و المعاصرة اليوم سبق و ان مروا من هاذين الحزبين ، و باعتبار كذلك انهما الاقرب للفوز بالانتخابات .

الحركة الشعبية …..الاستمرارية

ارتبط وجود الحركة الشعبية بالساحة السياسية المغربية ، بنسق سياسي ثابت و ادوار واضحة ، لا تخرج عن دائرتها ، فالحزب شكل دائما جزءا من منظومة سياسية لينة ، تجسد توجهات معروفة بقربها من مراكز القرار .
تواجد الحزب في مناطق بعينها تمليه ضرورته التي انشئ من اجلها ، فالحزب ذو توجه « امازيغي  » يتجلى بشكل كبير في بنيته التنظيمية ، و رهاناته الانتخابية لم تخرج يوما عن الاطار المتفق عليه و المحدد له ، و هو ما سيجعل من رهانه في الانتخابات المقبلة منحصرة في الحفاظ على و ضعه الحالي و ضمان وجوده في التصورات السياسية للمرحلة المقبلة .

الاتحاد الاشتراكي ….القوقعة الفارغة

رغم كل الشرعية التاريخية و النضالية التي يتوفر عليها الحزب ، الا انه اصبح قوقعة فارغة ، هجرها مختلف ابنائها و أطرها ، و لم يعد الحزب قادرا على لعب ادواره الطلائعية و التأثير في الساحة السياسية ، من خلال زخمه السياسي و التنظيمي .

و رغم مبادرات المصالحة التي اطلقها الحزب مؤخرا في محاولة لاستجماع قواه و لملمة مكوناته التاريخية ، الا انه يبدو ان هناك ازمة ثقة حادة بين مختلف الاتحاديين و قيادة الحزب ، ستجعل من المستحيل في ضل استمرارها ، استعادة الحزب لوهجه و دوره المركزي في الساحة السياسية .

كما ان الحزب يعاني من الناحية الجماهيرية ، بحيث التصقت به مؤخرا صورة الحزب التابع و المسلوب الارادة ، و الغير قادر على ضمان استقلالية قراره الحزبي ، خاصة في ضل علاقته مع حزب التجمع الوطني للأحرار و ما رفقها من مواقف و احداث ، جعلت الحزب يبدو بعيدا عن الفئات المجتمعية التي شكلت تاريخيا قاعدته الجماهيرية .

و اذا كان رهان الاتحاد الاشتراكي خلال الانتخابات السابقة هو الحفاظ على فريقه البرلماني ، فرهانه خلال هذه الانتخابات لن يتجاوز هذا السقف .

التقدم و الاشتراكية …. الاندثار المحتمل

لم يكن يتوقع حزب التقدم و الاشتراكية ، ان فاتورة تحالفه مع حزب العدالة و التنمية ، ستكون باهضة الثمن بهذا الشكل ، فالحزب لم يستطع خلال الانتخابات الاخيرة و رغم مواقفه و مساندته الكلية لحليفه الاسلامي ، الحصول على اكثر من 12 مقعدا في الانتخابات التشريعية السابقة .
وضعية الحزب اليوم تبدو اكثر تأزما خاصة في ضل ما تعرض له من هزات سياسية و ضربات قوية من خصومه ، و هو ما بت يهدد وجوده الانتخابي ، و يجعل مهمته في ضل الاستحقاقات القادمة هي الحفاظ على و جوده السياسي و محاولة تجنب سيناريو الاندثار .

فالحزب و كباقي الاحزاب الاخرى ، يراهن خلال الانتخابات على بعض الاعيان الذين يضمنون وجوده بالبرلمان (لم يترشح اي قيادي من الحزب خلال الانتخابات التشريعية الاخيرة ) ، لكن في ضل غيابه عن اي تصور حكومي مقبل ، سيجعل من المستحيل الحفاظ على اوراقه الرابحة انتخابيا .

فيدرالية اليسار …. القوة الصاعدة

لا احد يختلف ، على كون فيدرالية اليسار بأحزابها الثلاثة ، باتت تعيش على ايقاع نسق تصاعدي سياسي و تنظيمي ، انعكس بشكل كبير على وضعها الانتخابي خلال مختلف الاستحقاقات الانتخابية، فخطابها السياسي الواضح و مواقفها الاكثر جرأة و قربا للواقع المجتمعي يجعلها اكثر نفاذا للشعب ، و يدفعها الى تحقيق نتائج متميزة خلال الانتخابات القادمة .

و يبقى الرهان الاساسي بالنسبة للفيدرالية ، هو تدبير هذا الزخم السياسي و التنظيمي الذي باتت تتمتع به ، من خلال تحقيق اندماج كلي و متزن لمختلف مكوناتها و احزابها ، و محاولة جعلها ارضية صلبة لتجميع مختلف قوى و حساسيات اليسار المغربي الديمقراطي ، و تفادي الاخطاء و الممارسات السلبية التي ميزت قوى اليسار المغربي فيما سبق .

في ضل كل ما سبق ذكره يمكننا ان نستنتج خلاصة اساسية ، مفادها ان الانتخابات المقبلة ستجري في ضل بنية حزبية مترهلة و مأزومة ، و غير قادرة على بلورة تصورات سياسية واضحة و فعالة ، تمكن من مسايرة تطلعات الشعب المغربي نحو الديمقراطية ، و من مسايرة الرهانات و التحديات التي سيعرفها المغرب في المستقبل ، فهذه البنية لن تستطيع افراز نخب جديدة ، و لن تستطيع مواكبة التطورات و المتغيرات الكبيرة التي يعرفها المجتمع المغربي ، مما سيطيل من عمر الانسداد السياسي الذي تشهده البلاد ، و سيجعل من المستحيل تطوير بنية مؤسساتية قادرة على الدفع بالمغرب الى مناطق الامان .

فما يجري بالمحيط الاقليمي للمغرب من متغيرات و تأكل للبنيات التقليدية ، يسائل المنظومة السياسية قبل اي احد ، و يفرض عليها التفكير الحكيم في مستقبل المغرب السياسي و في كيفية الحفاظ على استقرار الدولة في اطار تغير بنياتها و مؤسساتها بما يتوافق مع المتطلبات الديمقراطية و ثوابتها التي تقوم عليها .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *