عيشة قنديشة.. المرأة التي حيرت عقول الصغار والكبار

قبل انتشار التلفاز في البيوت ، كانت معظم الأسر تجتمع ليلا في جو حميمي ، تتبادل القصص والأحاجي والألغاز على وهج الشموع والقناديل..

وكان موضوع عيشة قنديشة يتخذ الحيز الأكبر من الإهتمام .. يحتل المخيال الشعبي بشكل ملفت .. لها أسماء مختلفة .. فهي بغلة القبور وهي تامغارت نمسدال وهي عروسة القبور ….

وصفتها الحكايات بكونها كانت امرأة ذات وجه فاتن .. تلبس الأبيض دائما .. قدماها يشبهان حوافر البغال ..تنطلق من المقابر باحثة عن ضحية تغريه فيستسلم لها.. ولما تنال ما تريد تلتهمه دون رحمة .

جداتنا كن مقتنعات بأنها امرأة توفى زوجها لكنها لم تقم بما يلزم حينما تترمل النساء من احترام أيام العِـدّة ( حقّ الله ) .. ولهذا السبب أصابتها اللعنة الإلهية : تتعذب بسلاسل تجرها وراءها ،تكره النور، تسكن في المقابر….ولعل الجدات بهذا الحكي يمررن انذارا أو وصلة اشهارية تحسيسية لكافة المترملات من أجل حثهن على التقيد بشروط العدة .

ورد ذكر عيشة قنديشة في كتاب  » الاعلام  » الجزء 9 اذ تحدث المؤلف القاضي السملالي عنها مشيرا الى انها كانت ولية صالحة عاشت في فترة سيدي محمد بن عبد الرحمان المتوفى سنة 1873 م والذي كان يزورها للتبرك بدعواتها ..عايشت مجموعة من الأولياء كسيدي الزوين المشهور ..كانت  » تغزل الشتب وتعمله حبالا تخاط به البرادع و تقتات من ذلك  ». كانت تقول زجلا  » تشير فيه الى الغلاء..وانحباس المطر..وذهاب الأخيار وظهور الأشرار .. توفيت رحمها الله و دفنت بمقبرة باب غمات . » ص416 و 417 .

مقابل هذه الروايات نجد بعض الدراسات المعاصرة التي تناولت سيرتها ( مثلا الفرنسي بول باسكون ـ الفلندي ويـست مارك ـ السوري مصطفى العتيري …) وأنجزت بعض الأفلام مستوحاة من هذه الأسطورة (مثلا beowulf عام 2007 ).

لكن أكثر الدراسات أكدت أن الأمر يتعلق بأميرة مسلمة طردها المسيحيون من الأندلس إبان محاكم التفتيش أوائل القرن 16 حينما تم تهجيرحوالي 275.000 مسلم من الموريسكيين و كذا قتل الألاف)

ولأخذ ثأرها تعاونت مع المجاهدين المغاربة أثناء مقاومتهم للبرتغاليين ..

اسمها عايشة لاكونتيسا contessa ..أي عائشة القديسة أو النبيلة .

كانت تستغل جمالها لإغراء بعض الجنود البرتغاليين فتتجه بهم الى كمين أعدَّته مسبقا بمؤازرة المقاومين . ولما أظهرت شجاعة باهرة في القتال والمناورة خاف المحتل من ازدياد شعبيتها وتوسُّع مناصريها .. فروّجوا بين الناس تلك الأسطورة المعروفة لكي ينفر منها الجميع ..فكان اعوان المستعمر في الأسواق يحذرون الناس منها و من تربصها بالبيوت و تتنكرها في هيأة قريب حتى تختطف أحد الذكور إلى وكرها الموحش.. فتضاعفت الإشاعة عنها واستمرت الى يومنا هذا .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *