عبد السلام المساوي
1_ما يخشاه باستمرار محبو السلام في فلسطين هو الذي وقع مجددا على يد المتطرفين من الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني ؛
شهداء عديدون سقطوا ليلة الاثنين على يد اسرائيل في غزة بعد أن أصرت حماس على مواجهة التصعيد المتطرف في اسرائيل بتصعيد لا يستطيع مجاراته وألقت بضعة صواريخ لم تصب أحدا بسوء فردت عليها اسرائيل بقصف قتل العديدين.
حماس تفرح عندما يموت الفلسطينيون . تلك هي الخلاصة التي يتأكد منها متابع هذا الصراع الغبي منذ سنوات ، وهي اذ تصدر تلك البيانات التي تنتهي بعبارة ” وقد أعذر من أنذر ” تعرف أنها لا تمتلك قوة خصمها أو عدوها وأنها ستورط الفلسطينيين مجددا فيما لا قبل لهم به لكنها تفعل ذلك لأنه سر وجودها وكينونتها ، والطريقة الوحيدة التي ستصل بها إلى حملة الشعارات وهواة الأناشيد ممن ينتظرون كل مرة جنازة فلسطينية جديدة لكي يشبعوا فيها لطما كاذبا .
فلسطين لن تتحرر بهذه الطريقة الغبية أبدا . والموت الفلسطيني لن يتوقف طالما ظل هذا الغباء الشعاراتي مسيرا اهانه القضية .
نعم مثل هاته العبارات الحقيقية تغضب حملة الشعارات ممن يدعون في صلواتهم على اسرائيل منذ أنشئت لكنهم ينسون الصدق في العمل قبل الدعاء لذلك تتقدم اسرائيل ويتقهقرون هم .
هاته الكلمات لا تعجب لكنها الحقيقة العارية ، وهي الصواب كله ، وعدم تصديقها وعدم القبول بها لا يعني أنها خاطئة بل يعني أنها أقسى في صدقها من أن يتحملها العقل الهارب الى الشعارات والأناشيد ، المغيب عن سبق اصرار وترصد ، الهائم في التخيل يعتقده الواقع لان هذا الأخير غير محتمل بالنسبة له .
ستتحرر فلسطين يوم تكف حماس عن المزايدة بدماء الفلسطينيين ، ويوم يخفت صوت التطرف ، ويوم يعلو صوت العقل والاعتدال والسلام .
فيما عدا ذلك ستجد النشرات الإخبارية الجائعة لمزيد من الموتى اخبارا كثيرة تبثها تحت يافطة ” عاجل ” وهي تنتشي بكل هذا الدمار الذي خلفته لنا كل هذه الشعارات …._ من صميم الأحداث _
2_ يقول الصحافي يونس دافقير :كما أن لحماس وبنيامين نتنياهو حساباتهما السياسية في التصعيد داخل القدس ، يظهر حزب العدالة والتنمية وجماعة العدل والاحسان حسابات سياسية مماثلة في سياق محموم نحو من يكون فلسطينيا أكثر من الاخر !
مع بروز اولى مشاهد الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين في المسجد الاقصى ، سارع نشطاء الحزب والجماعة إلى حشد أنصارهما في مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الصحفية التابعة لهما . حتى هنا الأمر عادي ويتعلق بالتعبير عن مواقف داعمة للفلسطينيين كما جرت العادة بذلك ، لكن خلافات الإسلاميين هذه المرة ظهر تأثيرها على أكبر التيارات الإسلامية المغربية .
ولم يتوقف نشطاء الجماعتين عند شعارات دعم الصمود الفلسطيني ، بل وظفوا ذلك في التعبير عن مواقف سياسية من ” التطبيع ” ومن استئناف العلاقات مع اسرائيل ، بشكل جعل خطابات التضامن مع الفلسطينيين تبدو مجرد مطية في لعبة سياسية داخلية يحكمها تنازع المشروعيات في القضايا القومية .
وحاول نشطاء كل طرف أن يظهروا أنهم أكثر غضبا وانتصارا للموقف الفلسطيني من غيرهم ، وبينما كانت توحدهم الصفوف في السابق ، صاروا اليوم منقسمين على أنفسهم في سباق من يخطف القضية الفلسطينية لتكون ملكيته الخاصة وحده .
وبدا التضامن مع الفلسطينيين فرصة للبيجيدي لمزيد من ايهام الناس بأن أمينه العام ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني لم يوقع على اتفاق استئناف العلاقات مع اسرائيل سوى على مضض ، بل ان بعض نشطاء البيجيدي وجدوها فرصة ” لرد الصرف ” للنظام ” الذي أجبر الحزب على توقيع التطبيع ” .
البيجيدي دعا الى تنظيم وقفة بالرباط تضامنا مع فلسطين تنديدا بالاعتداءات الإسرائيلية ، وهي الوقفة التي منعتها سلطات الرباط بسبب خرقها لقانون الطوارئ الصحية .
وبينما تفرغ البيجيدي لجمع التبرعات المالية لصالح الفلسطينيين ، عادت جماعة العدل والاحسان الى تجريب تحريك الشارع ، وهذه المرة من مدينة الدار البيضاء ، لكن سلطات الأمن ستمنع مسيرة العدل والاحسان بناء على قوانين الطوارئ الصحية .
3_التيارات الاسلاموية تفتقد إلى الروح الوطنية ؛ تحرير أرض مغربية لا يثير فيها أي حماسة أو شهية للتعليق والتعبير عن الشكر لدولتها المسؤولة عن حماية حدودها .
ان الأقنعة التي لبسها الاسلاميون طويلا ، وخدعوا بها الكثير من المغاربة ، سقطت أخيرا وظهرت حقيقة عقيدتهم الخبيثة ،.قضية فلسطين او الأصل التجاري الذي بنوا عليه مجدهم لم يعد ممكنا تخدير عقول البسطاء بها . وبالدارجة المغربية : ساعتهم سالات …ولم يعد لدجلهم أي تأثير لأن المغاربة بدؤوا يكتشفون ، ولو متأخرين من هم أصدقاؤهم الحقيقيون ومن هم أعداؤهم الحقيقيون . المغاربة بدؤوا يكتشفون التقية الإسلاموية ، و ” غموض ” و ” التباس ” وحربائية الإسلامويين ، الفرع المغربي للاخوان المسلمين المنحاز لاخوانه (حركة حماس والاتحاد العالمي ل ” علماء ” داعش …) ضد الوطن ومصالحه….
نفهم موقف التيار الأصولي الديني الذي يلعب على وتر التجييش العاطفي ، وتيار معاداة السامية ، وتهديد اليهود بأنه سيلقي بهم في البحر ذات يوم ، وأنه سيبددهم من على سطح الأرض . ونفهم أيضا أن ينجر بعض صغار العقول أمام لعبة التصعيد المستمرة، التي تسبق أي انتخابات سواء في إسرائيل أو في الضفة والقطاع .
لكن لا نفهم كيف يمكن لمن هم في حكم النخبة ان يسقطوا في الفخ ، المرة بعد الأخرى ، وأن يعتبروا قضايا وطنهم قضايا ثانوية تستحق التهكم والتندر أو تستحق في أحسن الحالات التجاهل وعدم الاهتمام . بالمقابل تتباكى هاته النخبة المزيفة على فلسطين ، وتنادي وتدعو بالويل والثبور وعظائم الأمور ، وتمتشق حسام المزايدات الفارغة ، هي التي لا تقدم لفلسطين في أفضل الحالات الا التدوينات او التغريدات أو الأناشيد المضحكة التي أضاعت بالمناسبة هاته الفلسطين منذ الثلاثينيات من القرن الماضي .
4_ نحن بلد من البلدان التي قالت لا لبيع القضية الفلسطينية في لحظة حاسمة وحازمة . لم ننجر حول شيء ، ولم نمل لشيء . قلنا ان هاته القضية قضية عادلة يلزمنها استمرار التضامن .
المغرب لا عقدة له في هذا المجال ، وما قدمه لفلسطين على امتداد عقود وعقود يكفيه شر التبرير أو شر الدخول بنية حسنة في الحديث مع أصحاب النيات السيئة .
نساند حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته ، الى جانب جاره الإسرائيلي وفق حل الدولتين الذي يومن به العالم المتحضر ، ندين العمليات الإرهابية التي تستهدف المدنيين من هاته الناحية ، وندبن عمليات الاقتحام والتنكيل التي تستهدف المدنيين من الناحية الثانية .
نتمنى ان يعود العقل للحمقى لكي يسود السلام أرض السلام ، والبلاد التي اختارتها العناية الإلاهية لكي تحتضن كل الديانات السماوية ، وذلك هو قدرها يوم تصبح الكلمة الأخيرة للعقلاء وليس للحمقى الموتورين.
هذه هي الخلاصة بكل بساطة وبكل اختصار .
ما عداها نشيد مزايدات جد مزعج في اللحن ، ساعدنا على النوم كل هاته السنوات ، وأضاع بالمناسبة هاته الفلسطين التي ندعي جميعا أنها عزيزة على القلوب .