يصادف الثالث من ماي من كل سنة اليوم العالمي لحرية الصحافة، وهي مناسبة للوقوف على واقع الممارسة الصحفية واستشراف آفاقها، وفرصة يجدد فيها العاملون في وسائل الإعلام والمواطنون عموما الدعوة إلى تعزيز الصحافة الحرة والمستقلة، باعتبارها رافعة لترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ويحتفل المغرب باليوم العالمي لحرية الصحافة في ظل مجموعة من المكاسب والخطوات المتقدمة التي يشهدها القطاع على درب بناء إعلام حر، مواطن، ومسؤول يواكب التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها المملكة، ويستجيب لتعدد روافدها الثقافية.
وقد حظي الإعلام والإتصال في السنوات الأخيرة باهتمام متزايد. وشكلت الرسالة التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى أسرة الصحافة والإعلام في 2002 بمناسبة اليوم الوطني للإعلام خارطة طريق بالنسبة للقطاع والعاملين به.
فقد أكد جلالة الملك في تلك الرسالة على أنه “لا سبيل لنهوض وتطور صحافة جيدة دون ممارسة لحرية التعبير (..) وأنه لا يمكن للإعلام أن يكتسب المصداقية الضرورية وأن ينهض بالدور المنوط به ويتبوأ المكانة الجديرة به في حياتنا العامة ما لم تمارس هذه الحرية في نطاق المسؤولية”.
فالحرية والمسؤولية، يقول جلالة الملك، “هما عماد مهنتكم ومنبع شرفها”، داعيا جلالته إلى ممارسة الصحافة بكل إقدام وحكمة وموضوعية والتحلي بفضيلتها الأولى المتمثلة في الروية وعمق التبصر.
ومن أجل تعزيز حرية الصحافة، شهد المغرب مجموعة من المبادرات القانونية والتشريعية أعطت للقطاع زخما كبيرا وجعلته ورشا مفتوحا نحو تحقيق مزيد من المكاسب.
وقد أعطى دستور 2011 دفعة قوية لقطاع الصحافة نحو مزيد من الحرية والانفتاح حيث شكل الإطار الناظم للنموذج المغربي في النهوض بحرية الإعلام وتنميته في العصر الرقمي. فقد أكد في فصله ال 25 بشكل صريح على “أن حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها”، ونص في الفصل 28 على أن “حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، و للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة”.
هذا الزخم، غير المسبوق، تلته مجموعة من المبادرات فكان صدور قانون الصحافة والنشر في 2016 والذي شكل إصلاحا كبيرا وطموحا جسد أحكام الدستور والالتزامات الدولية للمملكة، وهو يستجيب بنسبة كبيرة لانتظارات الهيئات المهنية، ووفر البيئة القانونية والتنظيمية لدعم حرية الصحافة وتأهيل قطاع الإعلام.
ومن بين المكاسب التي جاء بها هذا القانون، على مستوى حرية الصحافة، جعل القضاء سلطة حصرية في التعامل مع قضايا الصحافة وفي حماية حريتها، خاصة ما يتعلق بتلقي تصريحات إصدار الصحف والإيقاف والحجب والحجز، كما تم إلغاء العقوبات السالبة للحرية وتعويضها بغرامات مالية، فضلا عن منع الإيقاف والاعتقال الاحتياطي في حالة الاشتباه بارتكاب الجرائم المتعلقة بالصحافة والنشر.
كما تعززت الصحافة المكتوبة أيضا بقانون المجلس الوطني للصحافة الذي يضطلع بالتنظيم الذاتي للمهنة، وقانون الصحافي المهني، بالإضافة إلى مجموعة من المقتضيات تعالج عددا من القضايا المرتبطة بالقطاع لاسيما التوزيع والطباعة والإشهار، فضلا عن تطوير الإطار القانوني المنظم للدعم العمومي للمقاولة الصحفية.