قضية الطفل عدنان.. يا أيها المغاربة الإعدام ليس حلاً

بوبكري خالد

بعد أن تم توقيف شخص يبلغ من العمر 24 سنة، مستخدم في المنطقة الصناعية بمدينة طنجة، وذلك للاشتباه في تورطه في ارتكاب جناية القتل العمد المقرون بهتك عرض الطفل عدنان، تناسلت الأحكام وردود الأفعال، وإتجهت في مجملها نحو تنزيل أقصى العقوبات في حق هذا الوحش الأدمي، والمطالبة بإعدامه.

والواقع أن هذه المطالب التي عبر عنها عدد كبير بمواقع التواصل الإجتماعي، تبدو لي تعبيرات ظرفية تلبي رغبات عاطفية بالأساس، وأقصى ما يمكن أن تحققه هو تحييد شخص من بيننا من هذا الكون وإلحاقه بالعالم الآخر.

فالإعدام، يبقى هو الحل الأسهل، الذي يعفينا من عناء التفكير في الحلول البديلة والناجعة لمثل هذه الظواهر التي يبدو أنها تتكاثر وتتعاظم في صمت بمجتمعنا، وهو كذلك الطريق القصير لإخماد غضب الناس وإمتصاصه ولو لحين.

فالمطلوب الآن، هو فتح نقاش عمومي وبصوت مرتفع يتجاوز الطابوهات، ويتخطى الخطوط الصفراء والحمراء، حول مجموعة من المواضيع والظواهر التي تصب في إتجاه الإعتداء على الطفولة ماديا ومعنويا.

فالواضح أن قاتل الطفل عدنان، كان هدفه الأساسي تلبية رغباته الجنسية بالدرجة الأولى، وخوفا من إنكشاف أمره لجأ هو الأخر إلى الحل السهل بإعدام الطفل عدنان، خوفا من العار والعدالة، وللتغطية عن أعطابه الجنسية.

وهذا الأمر يدعو إلى دق ناقوس الخطر ووضع قضية الثقافة والتربية الجنسية فوق طاولة الدولة كأولوية مجتمعية، وإمداد الفرْد بالمعلومات العلميَّة، والخبرات الصحيحة، والاتِّجاهات السليمة، إزاء المسائل الجنسيَّة، وجعل قضية مناقشة الجنس والعلاقات الجنسية بالفضاء العمومي والإعلام الوطنية، قضية عادية كباقي القضايا المتداولة يوميا، التي تحتمل منطق البلوكاج والإستغلال السياسي.

ولن أخفي سرا، إن قلت أني مع فتح مراكز تجارية بعدد من المدن الكبرى، التي تقدم خدمات جنسية، وفق معايير صحية محددة سلفا، كما هو معمول به بعدد من الدول والمجتمعات المتحضرة.

فتقديم الخدمات الجنسية، أو ما يصطلح عليه بمهنة الدعارة عرفها المجتمع المغربي منذ نشأته، وإستمرت وتطورت معه، لدرجة أنها أصبحت في يومنا الحاضر منظومة قائمة الذات ومحرك أساسي للنشاط الاقتصادي، أشبه ما يكون بالقطاعات الاقتصادية غير المهيكلة التي تشغل أفواج من العاطلين وتخلق الثروة.

فلماذا لا يتم تقنين هذه المهنة، وإخراجها من منطق السرية والطبوهات، إلى العلن، فربما تكون لها تأثيرات إجابية، وتعفينا من فقدان أبنائنا وبناتنا، تحت يافظة الكبت والبحث عن المتعة الجنسية المحاطة مجتمعيا وقانونيا بكومة من الأسلاك الشائكة؟

فاليوم نحن مطالبين قبل أي وقت مضى بفتح موضوع الجنس والإعتداء على الطفولة ومناقشة وفق زاويا علمية متعددة، ومؤسسات الدولة هي الأخرى مطالبة بمواكبة هذا النقاش، وفي مقدمتها المؤسسة التشريعية التي نتمنى أن تتجاوز منطق الهواجس والتخوفات، وتدخل هذا النقاش للبرلمان المغربي بغرفتيه الأولى والثانية، بكل شجاعة ومسؤولية.

فتأجيل مثل هذه النقاشات لا يمكن إلا أن يخلق وحوش آدمية، تتربص بطفولتنا وتفتك بأجسادهم ومستقبلها وحاضرة، فالطفل عدنان رحمه الله ليس هو الأول أو الأخير، بل سيكتوي بجحيم هذه الظاهرة أطفال آخرين، وسنردد نفس الأسطوانة، ونطالب بإعدام ذات الوحش، وربما نخسر غدا أعز ما نملك كأباء وأمهات وأجداد بسبب جبننا في الحديث بصوت مرتفع ومسموع ومزعج أحيانا.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *