الأكيد أننا في هذا الوطن الذي يحتضننا جميعا، محتاجين اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لرجال ونساء، ومسؤولين عقلاء، قادرين على تدبير مرحلة كوفيد-19، بحكمة ونباهة، وفق ما حددته وسطرته السلطات الحكومية ببلادنا.
فمرحلة كورونا التي نعيشها تتطلب من المسؤول والمواطن، على حد سواء، كثير من التلاحم وإحترام شروط السلامة الصحية بعيدا عن التشكيك في وجود هذا الفيروس القاتل من عدمه، أو الاستخفاف به، وإعتباره مؤامرة دولية.
مناسبة هذا الكلام، ما قام ويقوم به الكاتب العام لقطاع البيئة التابع لوزير الطاقة والمعادن والبيئة، عزيز الرباح، والذي صرح ما مرة أمام مدراء ورؤساء الأقسام والمصالح والموظفين، أن فيروس كورونا مجرد إشاعة وأكدوبة دولية، ليعود بعد إصابة رئيسه المباشر ويقول؛ إن الدولة تبالغ في التدابير المتخدة للحد من تفشي هذه الجائحة العالمية.
كلام الكاتب العام لقطاع البيئة، الذي يردده في المكاتب والاجتماعات وممرات الوزارة، يعاكس للأسف الخطاب الملكي الاخير لثورة الملك والشعب، الذي قال فيه ملك البلاد؛ إن “هناك من يدعي بأن هذا الوباء غير موجود؛ و هناك من يعتقد بأن رفع الحجر الصحي يعني انتهاء المرض؛ وهناك عدد من الناس يتعاملون مع الوضع، بنوع من التهاون والتراخي غير المقبول، وهنا يجب التأكيد على أن هذا المرض موجود؛ و من يقول عكس ذلك، فهو لا يضر بنفسه فقط، و إنما يضر أيضا بعائلته وبالآخرين”.
والأدهى من هذا أن الرجل الذي يدعي أنه “intouchable”, يعقد إجتماعاته اليومية مع المسؤولين التابعين له، دون إحترام أدنى قواعد السلامة الصحية التي وضعتها الحكومة، سواء تعلق الأمر بالتباعد أو وضع الكمامة التي نادراً ما يرتديها.
إستخفاف الرجل وإستهتاره بهذا المرض ذهب أبعد مما نتصور، عندما طلب التستر على حالتي إصابة بكورونا يوم الخميس الماضي، وعدم إخبار أي أحد بهما، وهو الذي يعلم أن أعلى سلطة في البلاد أمرت الحكومة بالشفافية في التعاطي مع هذا الموضوع وإخبار الرأي العام، بحقيقة حالات الإصابات ببلادنا.
ورفض حتى مقترح الإتفاق مع مختبر طبي، للكشف عن حالات الإصابة في صفوف موظفي القطاع، مطالبا في نفس الوقت المصابين بالبقاء في منازلهم والتكفل الشخصي بمرضهم، وإخلاء المرض.
فالكاتب العام الذي يأمر بحضور جميع المسؤولين لإجتماعاته، طبق نفس النهج في أحد الإجتماعات التي ترأسها الوزير الرباح، قبل أيام قليلة من إعلان مرضه بكوفيد-19 ، وأحضر عددا كبيرا من المسؤولين، رغم أن العالم ينهج طريقة العمل عن بعد أو تقنية التواصل عن طريقة الفيديو كونفيرونس .
ورغم أن الرباح نفسه قال في عدد من اللقاءات التي حضرها الكاتب العام شخصيا، إن العمل عن بعد يجب أن يكون هو القاعدة، حتى بعد إنتهاء جائحة كورونا، لنجاعته ومردوديته.
فالرجل الذي يشكك في هذا المرض الفتاك عالميا، لم يكلف للأسف قطاعه، بالقيام بالتحاليل الضرورية للموظفين الذين يتجاوز عددهم 400 مواطن مغربي، كإجراء إحترازي، بعد عودتهم من عطلهم وتنقلاتهم.
وأمام هذا الوضع، وما تتطلبه الظروف الاستثنائية من حزم وعدم التراخي مع مثل هذه السلوكات الرعناء، فالمطلوب من الوزير الرباح التحري اولا في سلوكات الرجل وطريقة تعاطيه داخل الوزارة مع هذا الوباء القاتل، كإجراء إحترازي، حتى لا يجعل من هذا القطاع بؤرة موبوءة.
ولنا عودة للموضوع…