كيف يُعرِّض فيروس كوفيد-19 حقوقَ النِّساء في السَّكن والأرض والمُلكيَّة للخطر؟

أبرار وهدان

ليس لجائحة كورونا (كوفيد-19) حول العالَمِ تداعياتٌ صحيَّةٌ فقط، وإنَّما أيضًا لها إمكانيّةُ التَّأثيرِ على المسكن والأرض والمُلكيَّة لدى الفتياتِ والنِّساءِ وخصوصًا في الدُّولِ ذاتِ الدَّخلِ المُنخَفضِ والمُتوسّط.

النِّساءُ في خطر:
في بقاعٍ عدَّةٍ من العالَمِ تُعاني النِّساءُ والفتياتُ الكثيرَ من العوائِقِ بحدَّةٍ كفُرَصِ التَّعليمِ والعمل وقِلَّةِ المُمتلكاتِ الاقتصاديَّةِ، وبانتهاءِ الجائحةِ من المُمكِنِ أنْ يَجدْنَ أنفسهُنَّ مُتأخّراتٍ في المضمار؛ تَعملُ العديدُ من النِّساءِ في القَّطاعِ غيرِ الرّسميّ وتنقُصُهنَّ الحماياتُ الوظيفيَّة أو إمكانيّة الحُصولِ على ضمانٍ اجتماعيّ أو برنامجِ تأمين، وعلى الأرجحِ فإنَّ كثيرًا من النَّساء مُثقلات برعايةِ أفراد أُسرِهنَّ خلالَ الأزماتِ -الأطفالُ الذَّين يقضونَ يومَهم من المدرسةِ إلى البيتِ، وأفرادُ الأُسرة المرضى-، وما يزيدُ ذلك تعقيدًا أنَّه من المُتوقَّعِ أنْ يؤدي تطبيقُ الحجرِ الصّحيّ والتَّباعد الاجتماعيّ إلى زيادةِ العُنفِ المنزليّ والعُنفِ القائِمِ على النَّوعِ الاجتماعيّ.

إذًا لماذا علينا أنْ نهتمَّ بحقوقِ النّساء في السَّكن والأرض والمُلكيَّةِ؟
تُمثِّلُ الأرضُ حول العالَمِ أساسًا للأمنِ والمأوى والدَّخِل ومصدر الرِّزق، لكنَّ حقوقَ العمل ليست موزَّعةً بإنصافٍ على الجميعِ وهذا يَنطبِقُ بشكلٍ كبيرٍ على النِّساءِ؛ في الحقيقةِ لا تزالُ النِّساءُ تواجِهُ عقباتٍ مستمرَّةً في سبيلِ حقِّهنَّ في تَملُّكِ الأرض -ويشملُ ذلك عقباتٍ قانونيَّةً- في 40% من الدُّول، ويسعى البنكُ الدّوليّ وشركاؤه لمعالجةِ هذهِ المُشكلةِ من خلالِ حملة “Stand for her Land” (دافع عن حقِّها في الأرض) التَّي نعملُ من خلالِها على هَدْمِ هذه الحواجزِ، لكنَّنا بحاجةٍ إلى إجراءٍ عاجلٍ خلالَ أزمةِ كورونا كي لا تتأخّر النِّساءُ أكثرَ.

اقرأ أيضًا: مفهوم الرجولة كمرآة عاكسة لوضع حقوق النساء
أظهرت أوبئةٌ سابقةٌ وحالاتُ ما بعد النِّزاعِ أو ما بعدَ الكارثةِ أنَّ النّساءَ على الأرجحِ محروماتٌ من الحُصولِ على حقوقهنَّ في الأرضِ والمسكنِ والمُلكيَّةِ إنْ لم تكنْ هذهِ الحُقوقُ مَصونةً، فخلالَ جائحةِ الإيدزِ فقَدَ أغلبُ الأيتامِ والأراملِ حقوقَهم من أملاكِ أفرادِ أُسرِهم وأصبحوا مُشرَّدين بلا مأوى في اللَّحظةِ التَّي واجهوا فيها الحالةَ الطّبيّة التَّي طرأَت عليهم، وعلى الرّغم من وجودِ دليلٍ مرئيّ خلال أزمةِ فيروس إيبولا كانت حقوقُ النّساءِ العُرفيّة محميّةً إنْ كنَّ أراملَ، فإنَّ الأراملَ بشكلٍ عامّ يواجهن خطرًا أكبرَ للحرمانِ من الميراثِ خلالَ الأزماتِ.

إنَّ السَّكنَ والأرضَ ملكيَّاتٌ مُهمَّةٌ لذواتِ الثَّروةِ المَحدودةِ، لكنَّ النِّساءَ اللّواتي تُوفّيَ آباؤهنَّ أو أزواجُهنَّ من المُمكِنِ أنْ يَفْقدنَ هذهِ المُمتلكاتِ لصالحِ أفرادِ العائلةِ من الذُّكورِ؛ لأنَّ حقوقهنَّ في المسكنِ والأرضِ مُعتَرفٌ بها اجتماعيًا أو قانونيًا فقطْ عن طريقِ الزَّوجِ أو أيّ رَجُلٍ من أقاربهنَّ، ونرى دليلًا مرئيًا بالفعلِ في كينيا عن أراملَ مَطروداتٍ من بيوتهنَّ خلالَ فترةِ التَّباعُدِ الاجتماعيِّ كما لو أنّهنَّ عبءٌ إضافيّ ولسنَ جزءًا من العائلةِ.

والنِّساءُ في خطرٍ أكبرَ في حالة الزّيجاتِ العُرفيَّةِ والتَّقليديَّةِ المُتعدّدةِ وغير الرَّسميَّةِ لأنَّ الحُقوقَ القانونيَّةَ في السَّكن والأرض والتَّملُّكِ تعتمدُ في العادةِ على أنْ يكنَّ مُتزوجاتٍ رسميًا (أي في العلاقاتِ المُعتَرف بها لدى الدَّولةِ).

وعلى نحو أكثر تحديدًا فإنَّ النِّساءَ والفتياتِ معتمداتٌ على أقاربهنَّ الذُّكورِ بشكلٍ كبيرٍ للوصولِ إلى الأرض والمسكن والمُلكيَّةِ، وعندَ خُضوعِ أقاربهنَّ من الذُّكورِ لما تستدعيهِ الجائحةُ فإنَّ حمايةَ الحِيازةِ (المُلكيَّة) للنِّساءِ والفتياتِ قد تَضعف كذلك نظرًا لمحدوديَّةِ الحمايةِ القانونيَّةِ ونقصِ التَّوثيقِ والأعرافِ الاجتماعيَّةِ المُقيِّدةِ، وقدْ يَكنَّ مُعرَّضاتٍ لخطرِ أخذِ أراضيهنَّ غصبًا عنهنَّ من قِبَلِ أقاربِ أزواجهنَّ.

وقدْ تُقلِّلُ الجائحةُ أيضًا من مُمتلكاتٍ ماديَّةٍ أُخرى كالأُجورِ والمُدَّخَراتِ، والتَّي تَجعلُ من السَّكنِ والأرضِ والمُلكيَّةِ جزءًا أكثرَ أهميَّةً من مُجمَلِ أُصولِ الأُسَرِ المَعيشيَّةِ، وهذا قد يزيدُ المنافسةَ والصِّراعَ على الأرضِ والمسكنِ والمُلكيَّةِ، وفي بعضِ الحالاتِ قد تَنقص النّساء الموارد الماليَّة والمعلومات أو الدَّعم لإنفاذِ حقوقهنَّ في الملكيَّةِ.

إذًا ماذا يمكنُنا أنْ نفعلَ؟
على المدى القصيرِ فمنَ الهامِّ جدًا تطبيقُ أحكامٍ وقائيَّةٍ واسعةِ النِّطاقِ تَضمنُ ألَّا يخسرَ أحدٌ منزلَهُ خلالَ فترةِ الجائحةِ سواءً أكانَ ذلكَ من خلالِ نَزْعِ ملكيَّةِ عقارٍ مرهونٍ أو إخلاءِ المَسكنِ لعدمِ دفعِ الإيجار أو قضايا تتعلَّقُ بالميراثِ ويَشملُ ذلك منْ يسكُنونَ في المساكِنِ العشوائيَّةِ غيرِ الرَّسميَّةِ.

وبالنِّسبةِ للميراثِ على وجهِ التَّحديدِ فمن المُهمِّ ألَّا تسمحَ الدُّولُ خلالَ الجائحةِ لورثةِ المرأةِ توقيعَ مُلكيَّتِها لصالِحِهم.

وعلى المدى البعيدِ، فإنَّ إصلاحَ قوانين الميراثِ وأنظمةَ المُلكيَّةِ الزَّوجيَّةِ سيكونُ المِفتاحَ لتحسينِ إنفاذِ وتطبيقِ حقوقِ المرأةِ بالسَّكن والأرض والمُلكيَّةِ.

وأظهرتِ التَّجربةُ بالأنشطةِ الفعليَّةِ على الأرضِ لما بعد الكوارث ِفي أتشيهِ في إندونيسيا، ومن برامجِ ردّ الأراضي بعدَ النّزاع ِفي كولومبيا أنَّهُ مع الرَّغبةِ والتَّركيزِ على الحواجز التَّي تُعيقُ النّساءَ يمكنُ أنْ نصنعَ فارقًا.

لقد حان الوقتُ لإزالةِ الحواجزِ أمامَ وصولِ النّساء للأرض حول العالَمِ وأنْ نتأكَّدَ من حمايةِ حُقوقهنَّ بينما تضعُهنَّ الجائحةُ في حالةٍ محفوفةٍ بالمخاطرِ.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *