لا يمكن أن نبني مشروعا تنمويا ديمقراطيا بالتشكيك في دور الأحزاب….رسائل إلى الشيخ الوالي !!!

عبد السلام المساوي

1_ في خطاب افتتاح البرلمان _ 12 أكتوبر 2018 _، جلالة الملك محمد السادس يعلي من قيمة العمل الحزبي ويعتبره إحدى رافعات التحول الاجتماعي في المغرب . وهكذا دعا جلالة الملك إلى الرفع من الدعم العمومي للأحزاب وتخصيص جزء مهم منه ” لفائدة الكفاءات التي توظفها ، في مجالات التفكير والتحليل والابتكار ” ، وذلك من أجل تحفيز الاحزاب على تجديد اساليب عملها ، مما يساهم في الرفع من مستوى الأداء الحزبي ومن جودة التشريعات والسياسات العمومية .

وحين يعلن الخطاب عن الزيادة في الدعم المالي المخصص للأحزاب السياسية ، فذلك من أجل مساعدتها على تحقيق التزامين : يتعلق الاول بممارسة وظيفتها في التأطير والانتشار كي تستعيد سلطتها كمؤسسة للوساطة ، فيما يرتبط الثاني بتحفيزها على استقطاب الاطر….

وهكذا ، أكد جلالة الملك ، بالقول والفعل ، ان السياسة لم تنته وان دور الاحزاب ضروري لإنجاح المشروع الديموقراطي الحداثي الذي تنشده بلادنا ، باعتبار الاحزاب ركيزة أساسية للنظام الديموقراطي ، ولا يمكن أن نتصور اي تحول ديموقراطي او ديموقراطية بدون أحزاب ، فالديموقراطية كما تحققت في العالم هي ديموقراطية الاحزاب السياسية ، من هنا لا يمكن أن نؤسس ونبني مشروعا تنمويا ديموقراطيا بالتشكيك في دور الاحزاب وتبخيس فعاليتها ، أو بمحاولة تجاوزها او إلغائها…هناك الان ، وقبله ، تحامل على الاحزاب وبالذات الاحزاب الديموقراطية . ولايستبعد ان يكون الهدف هو خلق الفراغ ، والفراغ اقتل من القمع ، فالقمع يمكن أن يكون مجرد فترة وتمر ، ويمكن أن يصيب الوهن مرتكبه ، أما الفراغ فهو يقتل القريحة ويستمر مفعوله عدة احقاب …

جلالة الملك يكره الفراغ فرفع من شان الاحزاب ، وكان التنويه من المغاربة الوطنيين الديموقراطيين، وكان التنويه من النخب السياسية ؛ التنويه بإعادة الخطاب الملكي الاعتبار للعمل السياسي والحزبي ، مؤكدا أن الاحزاب السياسية رافعة أساسية لتقوية المؤسسات والدفاع عن المسار الديموقراطي ، الذي قطعت فيه بلادنا اشواطا هامة واساسية .والجميع أشاد بالحرص الملكي على مواكبة الهيئات السياسية ودعم الخبرات والكفاءات الحزبية ، حتى تتمكن من المساهمة الفاعلة في التأطير السياسي والرفع من جودة التشريعات والسياسات العمومية .
2_ لا ندري هل هو عامل السن فقط ، الذي جعل حارس أختام السياسة المالية والنقدية يخرج من عقاله ؟ أم رغبة في توجيه ” دفة ” الاستحقاقات المقبلة الى وجهة ” معينة ” ؟ أم فقط مجرد نزوة من نزوات الثقة الزائدة في النفس ، حين تجلس أمام غابة من الميكروفونات، ويخيل لك ، في لحظة انتشاء، أنك ” الكل في الكل ” ؟

لقد أكثر ” شيخنا ” في حق الأحزاب السياسية ، التي يحاول الجميع اصلاح حالها بالتي هي أحسن ، والتجاوز عن زلاتها وأخطائها بمزيد من الثقة فيها ، لا بتبخيس عملها وتنفير المواطنين منها ، لأن ما سيهدم في النهاية ، ليست الأحزاب ، بل هذا البناء الديموقراطي العسير ، الذي يحاول الجميع وضع لبنة فيه .
لقد اعتقد الجواهري أنه يسدي صنيعا للوطن ، حينما هاجم الأحزاب بعبارات سوقية ، وبخس وجودها الى درجة تشبيهها بالباكور والزعتر !

والواقع أنه وجه طعنة الى خصر الوطن ، حين بعث رسالة إلى المواطنين ( وخصوصا الشباب ) ، بحثهم على سحب الثقة من أحزاب تستعد لاستحقاقات تمثل فيها المشاركة المكثفة رهانا أساسيا .

وفي الوقت الذي كان الجواهري يعطي الدروس الى الأحزاب ، واتهامها بابعاد المواطنين عن السياسة ، كان عليه أن يتذكر أنه يحرق القانون وما كان عليه فعل ذلك ، وهو ” رجل دولة ” الخبير والمحنك والمحاط بواجب التحفظ .

3_جاهل بقواعد اللعبة السياسية من يعتقد أن الحياة السياسية الديموقراطية يمكن أن تقوم بلا أحزاب ، لذلك فإن انتقاد هذه الهيئات هو واجب وطني من تقويم اعوجاجها في تدبير الشأن العام وفي الحرص على احترام قواعد الديموقراطية .

لكن بالمقابل فإن الخطاب النقدي لا بد أن يراعي اقبال البلاد على انتخابات تشريعية تفرض مشاركة واسعة للمواطنين من أجل اختيار من يتحمل مسؤولية تدبير شؤونهم ، وبالتالي فإن الخلط بين الانتقاد وأشياء أخرى قد بعمق أزمة الثقة في المؤسسات …لا ممارسة ديمقراطية بدون أحزاب سياسية ، وزلات الشيخ الوالي هي ” تخاريف ” خريف العمر ….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *