محمد بوبكري : « سعيد شنقريحة » يعيش في حالة رعب شديد

محمد بوبكري

يعيش الجنرال « سعيد شنقريحة » قائد الأركان الجزائري في حالة رعب شديد، حيث صار لا يستطيع قضاء الليل في إقامته، ولا ينام إلا بالمهدئات والمنومات، ولا يركب سيارته الرسمية، ولا يستعمل هاتفه النقال، ويرتدي السترة الواقية من الرصاص، ولا ينزعها ليلا، ولا نهارا.

بالإضافة إلى ذلك، فقد غير فريق حراسته الذي كان مكونا من ضباط كبار، وعوضه بفريق مكون من الضباط الصغار من اختيار « الجنرال مصطفى سماعيل »، الذي هو لواء قريب جدا من « سعيد شنقريحة »، ويحظى بثقته، حيث يقدم له هذا الأخير هدايا وسيارات وأموالا مقابل وفائه وإخلاصه له. فضلا عن ذلك، فشنقريحة لا يستطيع قضاء ثلاث ليال متتابعة في مكان واحد، إذ ينتقل من إقامة إلى إقامة أخرى في منطقة عين النعجة كل ليلتين، كما أن حراسه لا يعلمون أين سيقضي ليلته حتى يحل عليهم ليلا.

وقد دفعه الخوف على حياته إلى تجنب ركوب سيارته الرسمية، لأنه يخاف من أن تقوم جهة معادية له برش مواد سامة فيها قد تفتك به… وفي المقابل، صار يحرص على ركوب سيارة سائقه الشخصي التي هي سيارة مصفحة. فضلا عن ذلك، فقد قام باقتناء معدات تقنية للكشف عن فيروس « كورونا » الهندي، خوفا من تخطيط أعدائه لنقل العدوى إليه بشكل مقصود. وقد بلغ به الرعب إلى حد أنه صار لا يأكل، ولا يشرب إلا إذا تأكد أن طعامه وشرابه خال من أية مادة سامة.

هكذا، فقد أصيب بالهلع من الاغتيال بشكل مرضي، فتحولت حياته إلى جحيم، فبات يشك في أفراد محيطه وأشيائه، ويعيش في عزلة عن الناس.

ويعود ذلك إلى إصابته بالرعب من أن ينتقم منه خصومه، ما يفيد أنه يدرك أنه قام باغتيالات عديدة في صفوف العسكريين والمدنيين، ونكل بجنرالات وضباط سامين كثر، حيث أزاحهم من مناصبهم وعذبهم بهم، وأدخلهم إلى السجن… فضلا عن ذلك، فهو يتخذ ما شاء من القرارات الجائرة باسم كافة مؤسسات الدولة، مما خلق له خصوما كثر.

ويرجع ذلك إلى الصراع الدائم بين مختلف أجنحة جنرالات الجيش، حيث إن هؤلاء لا يسيرون البلاد بشكل جماعي، بل هناك دوما جناح حاكم. أما الأجنحة الأخرى، فهي مبعدة ومهمشة، ما خلق أحقادا بين مختلف أجنحة الجنرالات الذين تعودوا على إقصاء بعضهم البعض، عبر الإعفاء من المسؤولية. وكلما اشتد الصراع بينهم، لجأوا إلى اغتيال بعضهم البعض.

ويؤكد خوف « شنقريحة » وهلعه الشديد أنه يعي تاريخ الاغتيالات التي عرفتها مؤسسة الجيش الجزائري. ومن الأكيد أن هذا الرجل قد شارك في اغتيال بعض رؤساء الجزائر وإبعادهم. وهذا ما يفسر مبالغته في الاحتياط من الاغتيال، أو الإبعاد عبر إجباره على تقديم استقالته…

لقد اشتغل هذا الشخص تحت إمرة الجنرالات « العربي بلخير » و »العماري » و »خالد نزار » و » توفيق محمد مدين ». ويكشف التاريخ المعاصر للجزائر أن هؤلاء كانوا متورطين في إبعاد « الشاذلي بنجديد »، وخططوا لاغتيال المرحوم « محمد بوضياف » ونفذوا ذلك، وشاركوا في إبعاد رؤساء آخرين… أضف إلى ذلك أن « الجنرال القايد صالح قد أبعد « عبد العزيز بوتفليقة » وعصابته، وحاكم مجموعة من العسكريين والمدنيين، وأدخلهم السجن، ومنهم من لا يزالون يقبعون خلف القضبان…

علاوة على ذلك، فقد اغتال « شنقريحة » مجموعة من الجنرالات، واعتقل مجموعة منهم، وأبعد آخرين…، وقرر تبرئة الجنرال خالد نزار المحكوم عليه بعشرين سنة سجنا، وأعاده إلى الجزائر، وأطلق سراح الجنرال « توفيق محمد مدين »، حيث قام بإبطال مختلف الدعاوى المرفوعة ضد هذين الجنرالين…

فوق ذلك، يرى بعض المتتبعين الجزائريين أن الجنرالات هم من كانوا وراء اغتيال « الجنرال القايد صالح ». وليس مستبعدا أن تكون لـ  » سعيد شنقريحة  » يد في ذلك، بتنسيق مع خالد نزار وتوفيق وآخرين، حيث تم منحه منصب قائد الأركان، فحل محل « القايد صالح » ضدا على الجنرال « بن علي بن علي » الذي كان أقدم منه وأعلى رتبة منه. وقد قام « شنقريحة » هذا الجنرال خالد نزار إلى الجزائر على متن طائرة رئاسية، وخصص له استقبالا رسميا…، وأطلق سراح « الجنرال توفيق » ضدا على قرار القضاء الجزائري، لأن هذين الجنرالين قد أسسا معا جماعات إرهابية بهدف تسويغ العنف الذي مارسه العسكر ضد الشعب الجزائري الذي تمثل في قتل ما يفوق ربع مليون جزائري.

ونظرا لأن « سعيد شنقريحة » شارك في كل هذه العمليات، أو كان قريبا من جناتها، فإنه صار على وعي بها، ما جعله يخاف أن يعرف مصير « الشاذلي بن جديد » أو « محمد بوضياف، أو « عبد العزيز بوتفليقة »، أو « القايد صالح »…

هكذا، فإن تاريخ الجنرالات هو تاريخ الانقلابات على بعضهم البعض؛ ومليء بالاغتيالات من أجل الاستئثار بالسلطة والسطو على خيرات الشعب الجزائري، حيث إنه رغم غنى الجزائر، فإنهم أفقروا شعبها، وباتوا يهددون كيانها…

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *