من القصر الملكي إلى الأطلسي.. شراكة بثقل سياسي ومشاريع تعزز السيادة

هاشتاغ _ الرباط

استقبل الملك محمد السادس، يوم الجمعة 20 دجنبر 2024، بالقصر الملكي بالدار البيضاء، محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية. لقاء يجسد عمق العلاقات الثنائية بين الرباط ونواكشوط، في لحظة إقليمية دقيقة تستدعي توحيد الرؤى وتعزيز التعاون المشترك.

بلاغ الديوان الملكي، الذي وصف اللقاء بأنه يجري في إطار “علاقات الثقة والتعاون القوية بين البلدين”، يشير إلى توجه واضح نحو تطوير شراكة استراتيجية، تتجاوز القضايا الثنائية لتشمل مشاريع ذات بعد إقليمي ودولي. ومن أبرز هذه المشاريع أنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، واللذان يمثلان نقطة التقاء بين التنمية الاقتصادية والسيادة السياسية.

ويُعد مشروع أنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي أكثر من مجرد ربط طاقي، بل هو رؤية جيوسياسية كبرى تسعى لتثبيت حضور المغرب وموريتانيا كفاعلين رئيسيين في رسم معادلات الطاقة في إفريقيا. هذا المشروع يعزز مكانة المغرب كبوابة إفريقيا الأطلسية، فيما يمنح موريتانيا دورًا محوريًا كجسر حيوي في هذا المشروع الطموح الذي يربط القارة بالقوى الدولية.

أما مبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى الأطلسي، والتي ترتبط بشكل مباشر بميناء الداخلة الجديد، فهي مبادرة استراتيجية تعكس رؤية مغربية-موريتانية لتعزيز التكامل الإقليمي. موريتانيا، بحكم موقعها الجغرافي، تُعد حلقة وصل لا غنى عنها لتنفيذ هذه المبادرة، ما يعكس أهمية التعاون بين البلدين في إنجاح هذا المشروع الذي يفتح أفقًا جديدًا للتجارة والتنمية في المنطقة.

كما أن الحديث عن الثقة في بلاغ الديوان الملكي ليس تفصيلًا عابرًا، بل هو إشارة سياسية بالغة الأهمية في سياق التوترات التي شهدتها العلاقات الثنائية خلال الفترة الماضية. قرار موريتانيا برفع الرسوم على المنتجات المغربية، وقرار المغرب بتعزيز خطوطه البحرية مع السنغال، أظهرا أن الشراكة بين البلدين تحتاج إلى إعادة صياغة تعيد بناء الثقة وتعزز المصالح المشتركة.

وفي ظل التحركات الإقليمية المتسارعة، خاصة تلك الصادرة عن الجزائر التي تسعى لتعزيز حضورها في نواكشوط، يمثل هذا اللقاء الملكي رسالة واضحة بأن المغرب وموريتانيا يعملان معًا لتثبيت دعائم شراكة استراتيجية متوازنة، قائمة على الاحترام المتبادل والرؤية المشتركة لمستقبل المنطقة.

لقاء الدار البيضاء يعكس مرحلة جديدة في العلاقات المغربية-الموريتانية، تتسم بالتركيز على مشاريع استراتيجية ذات أبعاد تنموية وسياسية. هذه المشاريع ليست مجرد أدوات للتعاون الثنائي، بل هي إعلان واضح عن إرادة مشتركة لإعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة، وتعزيز التكامل الإقليمي في وجه التحديات المشتركة.

من القصر الملكي بالدار البيضاء إلى الأطلسي، تثبت الشراكة المغربية-الموريتانية أنها ليست خيارًا مرحليًا، بل هي ضرورة استراتيجية تُرسخ مكانة البلدين كركيزتين للاستقرار والتنمية في إفريقيا.