من يستهدف العدالة و التنمية ؟؟؟

علي الغنبوري

من المفارقات العجيبة التي تطبع فعل حزب العدالة و التنمية السياسي، هو تعدد مواقفه و اصطفافاته ، بشكل يجعل الالتباس عنوان بارز لمارسته السياسية ، فالمتتبع لهذا الحزب ، سيجد صعوبة في فهم و ادراك اهدافه و توجهاته ،كما سيعجز عن تحديد موقعه داخل الساحة السياسية المغربية .

فهذا الحزب الذي يترأس الحكومة ، ويتولى مسؤولية التدبير السياسي و التنظيمي لها ، نهج منذ توليه لهذه المسؤولية ، خطا سياسيا ملتبسا و مليئا بالتناقضات ، مبني على ازدواجية المواقف و الخطاب ، و يكرس لتنصله من كامل المسؤوليات الملقاة على عاتقه.

توجه العدالة و التنمية في الدفع بعدم ابراز خطاب سياسي جاد و مسؤول ، و منسجم مع موقعه الحكومي و اصطفافاته السياسية ، هو مجرد شجرة تخفي غابة من الدوافع و النوايا و الاشكاليات التي يتخبط فيها هذا الحزب .

فطول مدة التدبير الحكومي و توالي الكبوات و الفشل و الاخفاق الذي طبع مسيرة الحزب و مسؤوليه ، اظهر للجميع و بوضوح ما كان مخفي في جراب كاتمي اسراره و توجهاته المعلنة و غير المعلنة ،ما جعل الحزب يعجز عن خنق و محاصرة هذه الحقائق التي طفت على سطح حياته التنظيمية و السياسية .

حزب العدالة و التنمية الذي يعيش على وقع ازمة تنظيمية و سياسية خانقة ، لم تعد تخفى على احد و لم يعد الحزب قادرا على مواراتها، خاصة في ظل توالي الاصوات المنددة داخل صفوفه، يحاول اليوم تصدير هذه الازمة ، عبر تبني خطاب المظولمية و الاستهداف الخارجي .

بلاغ الامانة العامة لحزب العدالة و التنمية الاخير ، لم يحد على هذا النهج ، وجعل الحزب مستهدفا من مكونات خارجية ، و للمفارقة فهذه المكونات حسب نفس البلاغ ، توجد داخل الحكومة ،التي يتولى رئاستها .

حزب العدالة و التنمية لم يستسغ، ان يصدح صوت داخل اغلبيته الحكومية ، ينبهه الى خطورة ما يقوم به و انعكاسه على المسار السياسي و الديمقراطي بالبلاد ، فرئيس الحكومة الذي هو الامين العام للحزب في نفس الوقت ، تخلى عن صلاحياته الدستورية ، و عطل كل اليات التشاور داخل اغلبيته ، و مهد لضرب مصداقية العمل السياسي ، و نهج منطق انتخابوي ضيق قائم على مبدأ  » ماشي حنا المسؤولين » ، في ظل ظرفية حساسة تجتازها البلاد، كان من المفروض ان تبرز المقاربة السياسية كاساس متين لاي عمل حكومي .

للاسف ما يقوم به اليوم حزب العدالة و التنمية ، لم يعد موضوع تحذير او جدل خارج صفوفه ، بل اصبح نقاشا علنيا داخل اسواره ، تصدح به حناجر عدد من مناضليه و قياداته ، و هنا استحضر ما قاله القيادي بحزب العدالة و التنمية بلال التليذي في حواره الاخير مع جريدة اخبار اليوم  » فما ألاحظه طيلة هذه الولاية، هو نوع من الارتباك والدهشة التي أنتجت انتظارية شديدة، أفضت في النهاية إلى الوقوع تحت الضغط، وفقدان المبادرة، والاكتفاء بمسايرة مبادرات الدولة، وهو ما سبق للخطاب الملكي أن انتقده على الأحزاب » .

حزب العدالة و التنمية الذي اعتاد السير على الحبلين ، يريد اليوم الهروب الى الامام ، و التغطية على فشله التدبيري و السياسي و التنظيمي ، الغارق في المصالح الذاتية و الانانية لعدد من قياداته و مناضليه ، و القاء الحجر على خصومه ، في محاولة يائسة لخلق صراع وهمي ، يجعل منه ضحية من جديد .

ما يجب ان يفهمه حزب العدالة و التنمية ،هو ان الكل اليوم بات يفهم و يدرك جيدا ،حقيقة ادعاءاته و مناوراته ، فهو غير قادر على الاجابة عن تطلعات المغاربة ، و عاجز عن كبح جماح الصراع التنظيمي و السياسي المتفجر داخله ، و لا يستطيع تقديم الاجابات الواضحة و الموضوعية عن اخفاقه الحكومي .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *