من يشتري البام؟

هاشتاغ

هل لديك حزب ما للبيع؟ لا أظن أن ما تعرضه مناسب لما تطلبه من ثمن، لدي عرض أفضل من هذا، فهناك حزب ببرلمانيين ورؤساء جماعات، وعدد كبير من المناضلين يساوي نصف ما تطلبه..مع السلامة.
ما الذي يمكن أن يتصوره المتابعون، المهتمون، بل وعموم المواطنين من حوار سوق النخاسة الحزبية، في تصريحات محمد الحموتي، الرئيس السابق للمكتب الفيدرالي لحزب الأصالة والمعاصرة، والذي ربط صراعه داخل التنظيم، بوقوفه سدا منيعا أمام بيع البام للتجمع الوطني للأحرار. والواقع أن ردة فعل الحموتي، كانت متسرعة كثيرا.
وطبعا يعلم الحموتي، أكثر من غيره، أن معركة البام في القادم من الأيام، لن تكون إلا ضد التجمع الوطني للأحرار ولدينا في ذلك دليل واحد هو أن التجمع الوطني للأحرار وبعيدا عن كون بابه أصبح اليوم مزدحما بجبناء السياسية الذين يلجؤون لأول مخبأ يقيهم شر السؤال وشر المنقلب، لن يقبل أن يشاركه أحد معركته ضد العدالة والتنمية، وطبعا يعلم الحموتي أن دور المواجهة مع البيجيدي، دور أصيل للبام، ولا يمكن، طبعا أن تناط هذه المهمة بهيئية أخرى دون أن تكون الخسارة مضاعفة.

ما الذي يفيد أن ما ذكر أعلاه مقارب للصحة إن لم يكن صحيحا مئة بالمئة، ملاحظة عادية وسطحية لردود فعل التجمعيين، اتجاه تصريحات الحموتي، تؤكد أن رصاصة الحموتي ارتدت إليه، بل إن مصطفى بيتاس قيادي التجمع الوطني للأحرار وأحد كاتمي سر عزيز أخنوش انتفض دون رحمة اتجاه اتهام التجمع الوطني للأحرار بتحويل الساحة السياسية والحزبية لسوق نخاسة، بل إن الأخير طالب في تصريح صحافي باسترداد مناضلي حزبه الذين رحلوا قسرا نحو البام في فترة من الفترات،

كان على محمد الحموتي، الذي تفادى الجواب على اتهامات بالجملة وضعها الأمين العام للأصالة والمعاصرة حكيم بنشماش في ملعب تيار أحمد اخشيشن، أن يفصل في صفقة بيع البام للتجمع، من كان سيشرف عليها؟ وهل كانت من مضمنات اتفاق الصخيرات، الذي حمل بنشماش لرئاسة الحزب خلفا لإلياس العماري؟ ولِمَ لَمْ يظهر من أثر لهذه الصفقة، ولا لمقاوميها، قبل أن يتخلى بنشماش عن ذاك الاتفاق؟ فعمليات البيع قد تكون طويلة نوعا ما، خاصة وإن كان الأمر يتعلق ببيع هيئة سياسية كاملة، وعلى ذلك ما من الداعي للقول أن المقاومة اندلعت بعد اتفاق الصخيرات الشهير.

لنعد لمنطلق الحكاية، ماذا سيفعل البام عندما يقفل قوس الأزمة التنظيمية؟ إن كان سيزكي المواقع ويبحث عن التحالفات المقبلة ويناقش التزكيات، والحملات الانتخابية المبكرة، فلا فائدة فيه ولا دور له، لكن موقع البام هو العودة لصراع القطبية مع الإسلاميين، هذا دور تاريخي أصيل للبام، نجح فيه في البرلمان وفي الإعلام وفي الشارع، ولا يمكن أن ينحج سلبه هذه المهمة، وكان على الحموتي أن يفطن للسطو على دور حزبه المجتمعي عوضا أن يبحث عن وهم البائع والمشتري.

لا يخفي التجمعيون في عز انشغال البام بمشاكله التنظيمية وصراعات اجنحته، طموحه في تزعم مواجهة البيجيدي، حتى أن المتابعين لا يخفون هم الآخرون التأكيد على القول أن التجمع يعيش في جلباب البام.

تنتعش الحياة السياسية بالقطبية المرجعية، لكن تمقص الدور، وممارسة المعارضة والمواجهة من داخل التحالفات معيق كثيرا لتخليق الحياة السياسية، وهذا جوهر الأزمات التي تهدد اليوم المشهد السياسي، فالتجمع والبيجيدي، حليفين عدوين، ويعلم كليهما أن المواجهة آتية القادمة ستكون انتخابية قبل أن تكون شيئا آخر، فلا خلاف في المرجعية سوى بما يفيد المصالح، فقد ضاعت بوصلة التجمع، على سبيل المثال، في مواجهة مشروع قانون إطار التربية والتكوين، عندما وافق في أول الأمر خيار العدالة والتنيمة في عدم السماح بتدريس المواد العلمية بلغات أجنبية، قبل أن ينقلب كلية في الموضوع، بعدما فطن أن احتراف البيجيدي في تمرير مرجعتيه عبر المؤسسة التشريعية أمر سهل.

من حسنات البام استشتعاره القوي لحاسة البيجيدي ومواقع قوته وضعفه وهذا ما دفعه من الوهلة الأولى مثلا أن يدفع بتعديل اعتماد اللغات الاجنبية، وحيدا دون البقية، قبل أن تصبح هذه الدعوة محل إجماع دون البيجيدي طبعا.

معارك البام في تدبير صراع القطبية مع البيجيدي عديدة، ويصعب حتما، دون إغفال الأخطاء، أن يكون هناك طاقم احتياط يصلح لهذه المهمة.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *