هل تدعو منيب للثورة بالمغرب؟

هاشتاغ: هيثم الاسماعيلي

قالت زعيمة حزب يساري مغربي إن النظام المخزني المغربي يقوم على مركزة السلطات وعلى «البزنس» ولا يريد التغيير، وإن المغرب يعيش انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان حالياً، منها الاعتقالات السياسية والتعذيب، إلا أنها تمسكت بالمسلسل الديمقراطي ودعت إلى توحيد أحزاب اليسار والنزول للشارع لتعبئة المواطنين للمشاركة السياسية.

وأوضحت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد (يسار معارض) في ندوة نظمتها في طنجة «حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية» حول «الشباب اليساري بين الحراكات الاجتماعية والمشاركة السياسية»، أنه حتى عندما تكلم الملك في خطابه الأخير عن فشل النموذج التنموي، قال إنه لن تكون هناك قطائع، وأكدت أن لجنة النموذج التنموي التي نصبت مؤخراً لن تقدم أي مشروع لإيقاف نزيف الفساد السياسي والاقتصادي، وقالت: «هناك من يقول إن المشاركة في الانتخابات هي تزكية للاستبداد الموجود، لأن النظام متحكم في اللعبة، وأن موازين القوى لن تتغير لأنه لن يقبل بسلطة مضادة. لكن بالرغم من هذا، يجب على اليسار توعية الشعب والنزول إلى الساحات حتى يربح المعارك على المستوى المحلي كبداية».

وشددت منيب على أنه يجب على الدولة أن تعود لتلعب أدوارها الأساسية في القطاعات الخدماتية الحيوية، وأن تقطع مع خوصصة التعليم، وتلغي التعليم الخصوصي والحرص أن يبقى التعليم والصحة عموميين، وأن تضمن كرامة الشعب المغربي، وتخلق فرص الشغل للشباب الذي يهاجر عبر طرق معروفة، وأكدت أن الحكومة مكبلة من جهة من الدستور، ومن جهة ثانية هي التي تكبل نفسها لأنها راضية على الريع السياسي وتسكت عن المستفيدين منه.

وأكدت منيب أن المغرب يعيش أزمة سياسية خانقة مرتبطة بطبيعة النظام المغربي، وبالدستور غير الديمقراطي الذي لم يفصل بين السلط، و»عندنا مؤسسات تظهر من بعيد أنها مؤسسات قوية لكنها في العمق ضعيفة، والناس الموجودون فيها أغلبيتهم الساحقة يسخرون هذه المؤسسات من أجل مراكمة الثروات، فالمندوبية السامية للتخطيط بنفسها تكلمت أن 150 أسرة في المغرب فقط اغتنت»، إلا أنه «لا يمكن أن نترك بلادنا تسير نحو الهاوية، وإن أول كلمة يجب أن تكتب في ذاك النموذج التنموي الذي أنشئت له لجنة بعد ستين ألف لجنة التي لم نر منها خيراً، هي إطلاق سراح المعتقلين السياسيين كلهم، وعلى رأسهم معتقلو «حراك الريف».

واتهمت الأمين العامة للحزب الاشتراكي الموحد، النظام المغربي بضرب الأحزاب الجادة وتفكيك الوحدات العمالية، «لكن الحركات الاحتجاجية لم تتوقف رغم كل محاولات المخزن لوأد كل الحركات الشعبية»، وأضافت أن الشباب ينتفض عبر حراكات شعبية ذات عمق اجتماعي، ولكن في بعدها هي سياسية، وتفضح الفساد لأنها أيضاً تفضح هذه الدولة، لأن هناك غياباً للديمقراطية الحقيقية بالأسس المؤسسة لها.
عندما يكون النظام هو الاستبداد فالجواب هو الثورة، وبما أن شروط الثورة التي كنا نتحدث عنها لا توجد، فهناك اليوم ثورة شبابية، وثورة بأدوات أخرى، وثورة قاعدية، مشيرة إلى أن شبابنا مبتكر يبادر ولا يخاف.

وأضافت منيب أنه «في الوقت الذي اعتقدت فيه الدولة أنها سيطرت على منابع الفكر والمعرفة وضربها لليسار داخل الجامعة، جاءت حركة 20 فبراير، وأن الدولة تحايلت على ما تبقى من اليسار بعدما استدرجت جانباً منه إلى الحكومة، وأدخلت إلى الأحزاب التي ظلت قابضة على الجمر بعض الشخصيات التي كانت عبارة عن قنابل لتفجير ما تبقى من اليسار من داخله»، وتلك الشخصيات هي التي ذهبت إلى «الحركة من أجل كل الديمقراطيين»، وستؤسس في ما بعد حزب «الأصالة والمعاصرة»، لتتلوها ردة، حتى جاء شباب 20 فبراير لينبهنا إلى أن اليسار ما زال حياً ومناضلاً ويبتكر.

وشددت على ضرورة بناء اليسار المغربي من جديد: «كان بالإمكان أن يستدرك اليسار الوضع عندما ضربت المنهجية الديمقراطية، لو خرج عبد الرحمن اليوسفي وحزبه من الحكومة (2002) وكون كتلة يسارية معارضة بنفس جديد، لكن هذا الأمر مع الأسف لم يقع»، وقالت: «اليسار المغربي شكل قوة في بداية مرحلة استقلال البلاد، كانت لدينا نخبة قوية، يسارية، مسيسة، مثقفة، وخاضت النضال من أجل الديمقراطية، لكنها حوربت، وسنوات الجمر والرصاص شاهدة على ذلك، وبعدها اليسار ضعف وتبلقن، وسيحاول أن يستنهض قواه عندما خلق الكتلة الديمقراطية في بداية التسعينيات، وبدأ يطالب بإصلاحات على رأسها إصلاحات دستورية»، مؤكدة على أنه «إذا لم تكن هذه الإصلاحات عبارة عن فصل حقيقي للسلط لن تكون لدينا حكومة ستحكم ولن نبني الديمقراطية»، وأعربت عن استدراج جزء من اليسار للمشاركة في حكومة التناوب التوافقي سنة 1998، وقبلها التصويت على دستور سنة 1996، «لنكتشف أنه وقع تحايل كبير على جزء من اليسار الذي دخل وقبل بأولوية الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية».

واعتبرت نبيلة منيب «أن ما اصطلح عليه بالعهد الجديد الذي أصبح اليوم قديماً بعد مرور 20 سنة، أوهمنا أن هناك جديداً، بحيث جاء بهيئة الإنصاف والمصالحة، ففرحنا بها وقلنا سنقيم عدالة انتقالية، فإذا بنا لم ننتقل ولم تحصل عدالة الانتقالية، لأن التوصيات بقيت حبراً على ورق، بعدها جاء إصلاح مدونة الأسرة البائدة سنة 2004، لكن بقي فيها التعدد وأمور أخرى نحن ضدها، واليوم يجب مراجعتها لنصل إلى قانون أسرة ديمقراطي، ووقع أيضاً انفتاح على الصحافة، لكننا في الأخير فهمنا أن كل هذا وقع لأن هناك سياسة اختارها النظام، حتى يجلب استثمارات خارجية».

وأكدت الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، أن المغرب بقي يتدحرج على مستوى الترتيب العالمي في ما يخص مؤشرات التنمية البشرية، والمغاربة يعيشون من فقر إلى فقر أدقع والجهات متخلفة، المغرب النافع والمغرب الضائع، وهذا ما أدى إلى خروج حوالي 50 احتجاجاً في اليوم في جهات مختلفة لا تسلط عليها الأضواء، معتبرة أن هذه الاحتجاجات اليومية أدت إلى حراكات شعبية قوية .
وقالت إن «اليسار يقول إننا ما زلنا موجودين ليس كأفراد أو كمجموعات، ولكننا موجودون كمشروع بديل، وهذا المشروع البديل مدخله فصل السلط، حتى تكون لدينا حكومات تحكم قادرة على أن تدخلنا لعهد دمقرطة الدولة بمؤسسات قوية تكون في خدمة مصلحة عامة.

وأكدت على أن «اليسار يجب أن يعي تمام الوعي أنه مشرف على محطة جديدة، هذه المحطة التي يجب أن يعتبر فيها الشعب كفاعل سياسي، قادر على أن يعبئ فيها جماهير واسعة، التي لم يعد اليسار يستطيع تعبئتها لأن الناس فقدت الثقة، فرأت سياسيين خذلوا ولم يطبقوا برامجهم، سياسيين تحت مسميات مختلفة خدعوا هذا الشعب وكان همهم هو الريع السياسي الذي استفادوا منه ويتبجحون بذلك».
وعادت منيب إلى حراك الريف: «إذا كان الحراك الشعبي بالريف قد وصف الأحزاب بالدكاكين السياسيية، وقد أكدوا لنا أنهم لا يتحدثون عنا، فنحن نقترب من الحراك لا لنركب عليه، ولكن لنقول لهم إن هناك مشروعاً سياسياً يمكن أن يشكل الجواب السياسي على مطامحه الاجتماعية والاقتصادية وفي الكرامة وفي الحرية، لأنه لا عدالة ولا كرامة ستتحقق دون مشروع سياسي».

وأضافت أن «الدولة اليوم عملت على ضرب كل الوسائط، وأن السياسة معندكوم متديرو بها (ليس عندكم ما تفعلوا بها) حتى تستطيع أن توظف التكنوكراط الذين يسبوننا، ويريدون أن يعيدوا لنا الترابي ديالنا، وتجار الدين الذين يكذبون علينا لنمنحهم أصواتنا ليخرجوا من فقرهم المدقع وأصبحوا فرحين بركوبهم سيارات فاخرة، وهذه الأمور مؤلمة».
وأكدت منيب أن «الحراك الشعبي بالريف يميز بين من معه ومن ضده، وأن هناك قوى في هاته البلاد يمكنه الاعتماد عليها ونحن لن نفرط فيه، حتى لو قالوا «علي دكان» سنناضل إلى جانبهم وسنعمل إلى جانبهم، ولا أعتقد أنهم يقصدوننا نحن بهذا التوصيف»، مبرزة أن «اليسار جاء لكي يرفع الظلم عن شعبنا أينما وجد، لأن اليساري الذي يتخلى عن قيمه ومبادئه ويختار الكرسي ويختار السكوت ويختار الريع السياسي حتى يبلع لسانه، هذا ليس بيسار، ونحن نتبرأ منه».

وطالبت زعيمة الحزب «الاشتراكي الموحد» بوحدة اليسار، مؤكدة أن اليسار يجب أن يتوحد على أساس مشروع وبآليات لتنفيذ المشروع، مؤكدة أن حزبها يشتغل اليوم حتى يستطيع الضغط وتكون كلمته مسموعة، مشيرة إلى أن الضغط يجب أن يكون بالدراسة وبالعلم وبالمعرفة وبالتخطيط الاستراتيجي، وبالآليات وبنكران الذات وليس بالفردانية: «أطالب بأن نتوحد حول هذا المشروع الذي سيرفع الظلم عن شعبنا ونخطط له مع شبابنا وشباتنا».
المصدر القدس العربي

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *