نوفل البعمري يكتب.. تقرير غوتيريس حول الصحراء: بعض المحاذير

نوفل البعمري

تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الحالة في الصحراء الغربية المغربية الذي قدمه رسميا لمجلس الأمن المنتظر عرضه للمناقشة يوم 7 أكتوبر على أساس أن تستمر إلى حين إعداد مسودة القرار من طرف الإدارة الأمريكية و عرضها على المجلس قصد المناقشة النهائية لها و التصويت عليها، اذا كنا قد سجلنا بعض عناصر القوة فيه التي تصب لصالح دعم الرؤية الواقعية لحل النزاع المفتعل حول الصحراء خاصة منها المعايير الجديدة التي وضعها مجلس الأمن في قراريه السابقين، فإنه رغم ذلك سجل التقرير المقدم بعض المنزلقات التي تسللت للتقرير ليس بغرض إحداث التوازن السياسي بين أطراف النزاع،لكن للأسف بهدف تضليل الرأي العام الدولي خاصة منه الدول التي ستناقش التقرير ثم القرار،.

و هو التسلل الذي لطالما نبه إليه المغرب لأنه يؤدي إلى نقل وقائع غير حقيقية بهدف خدمة أجندة طرف على حساب آخر في استنساخ غير حقيقي لواقع النزاع و لواقع الأقاليم الصحراوية مقارنة بالمخيمات خاصة منها في الجانب الحقوقي، رغم أن مجلس الأمن كان واضحا في مختلف قرارته حيق زكي عمل المؤسسات الوطنية المستقلة خاصة منها المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي عليه مسؤولية كبيرة في الحفاظ على مختلف المكتسبات الوطنية-الحقوقية في هذا الجانب.

بالمقابل هناك غياب كلي لأية آلية حمائية لحقوق الإنسان بالمخيمات في ظل تزايد حجم الانتهاكات الكبيرة بالمخيمات و تنوع ضحاياها ليشمل مختلف الأجيال، بتصنيفاتهم المدنية و السياسية المتنوعة،إذ تم تعميم القمع و التضييق على مختلف الأصوات المعارضة للبوليساريو في إطار محاولة قبر أي حركة احتجاجية، ثورية قد تبرز داخل المخيمات يكون الشباب وقودها و قائدا لها.

التقرير و إن كان إيجابيا من حيث بحثه و تشجيعه على حل سياسي عادل،بالمعايير الجديدة التي وضعها مجلس الأمن في قراريه السابقين خاصة منهما ما يتعلق بالحل الواقعي، و الروح الجديدة التي يجسدها الحكم الذاتي،فإنه رغم ذلك كما تمت الإشارة أعلاه هناك فقرة تسللت إلى التقرير تحاول العودة بنا و بالملف في مسألة حقوق الإنسان إلى نقطة الصفر رغم أن مجلس الأمن ظل يدعم في قراراته عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان و لجانه الجهوية بالصحراء،فإنه في هذا التقرير بالضبط في فقرته 25 التي تحدثت عن تلقي المفوضية لادعاءات تتعلق بانتهاكات حقوقية في الأقاليم الصحراوية يتعرض لها المدافعين عن حقوق الإنسان و الصحفيين…. ، دون أن يعرض التقرير وجهة نظر المغرب أو موقفه من هذه الادعاءات، و دون استعراض ما يتحدث من انتهاكات جسيمة بالمخيمات و حالات الاختطاف التي تعرض لها ثلاث نشطاء و هي حالات لا تتعلق بادعاءات كما هو الحال بالنسبة للمغرب بل لاختطاف ثابت خارج القانون الدولي لنشطاء رفعوا صوتهم ضد قيادة الجبهة و فضحوا فسادها أمام الرأي العام بالمخيمات و الدولي و ساهموا في تحرير جزء كبير من ساكنتها التي خرجت للإحتجاج أمام مقر المفوضية نفسها.

هذه الأخيرة يبدو أنها لم تقلق من الوضعية الخطيرة بالمخيمات و لم يثرها الاعتصام المفتوح الذي نظمته عائلة الخليل أحمد و عائلة الفاضل ابريك أمام مكتبها.

كما أنها لم يثر انزعاجها القمع الكبير الذي تعرضت له مسيرات أهالي المختطفين أمام مقر الأمانة العامة للبوليساريو بالرابوني،و لم تكلف نفسها عناء الاستماع لأهالي المختطفين الذين راسلوها قصد إسماع صوتهم.

و لم يقلق ضميرها رفض البوليساريو و الجزائر إحصاء اللاجئين و تمكينهم من بطاقة لاجئ للتمتع بحقوقهم المكفولة في اتفاقيات جنيف الأربع ليتمتع ساكنة المخيمات بحقهم في التنقل،التتظيم،العمل،الصحة…

كما أنها لم يرمش لها جفن عن حالات الاغتصاب التي تعرض لها نساء بالمخيمات من طرف قيادة الجبهة حيث يعد قائدها ابراهيم غالي مطلوبا للعدالة الإسبانية بتهمة الاغتصاب….

لكنها بالمقابل « آزعجها »الوضع الحقوقي بالأقاليم الصحراوية حيث توجد آليات وطنية و جهوية أقر مجلس الأمن بقيامها جميعا بمهمة حماية حقوق الإنسان و النهوض بها في المنطقة ،و بانفتاحها على الآليات و اللجان الأممية المختلفة المعنية بحقوق الإنسان،و بالهامش الكبير من الحرية الذي يتمتع به نشطاء البوليساريو على الأقاليم الصحراوية الذين يتحركون بحرية من و إلى جنيف ثم المخيمات دون أية محاكمة أو تضييق على حقهم في التنقل!!!!

بالعودة لنفس الفقرة فقد سجلت أشبه بحكم قطعي على التضييق الذي ادعت أنه يمارس على الجمعيات بالاقاليم الصحراوية رغم أن المخيمات تعج بجمعيات مناوئة للمغرب و تتحرك بحرية منها من له وصل إيداع قانوني مسلم من طرف السلطات المغربية و منها من لجأ للقضاء المغربي و مكنه من حقه في وصل الإيداع و حصل عليه تنفيدا لآحكام القضاء… بالمقابل فالمفوضية لم يقلقها ما يسمى بدستور البوليساريو الذي يمنع بشكل كلي أي تنظيم مدني مستقل عن الجبهة، في انتهاك كبير للحق في التنظيم، كما لم يقلقها وجود معارضين و تنظيم كخط الشهيد باسبانيا ممنوع عليه التحرك بالمخيمات، و أن المبادرة الصحراوية للتغيير تم تخوينها و اتهامها بالعمالة و أحد قياداتها اليوم مختطف، و أن مدونين منهم من اختطف كحالة محمود زيدان، و منهم من أعلن عن اعتزاله التدوين في وسائل التواصل الاجتماعي بسبب الخوف، و أن مؤتمر الجبهة الذي أجل لمرتين تم تشكيل لجنته التحضيرية ثلثيها من « العسكريين » و الباقي من الأغلبية القبلية… و غيرها من المظاهر المنتهكة لحقوق الإنسان، الحاطة من الكرامة الإنسانية التي أخذت بها علما المفوضية في مراسلات عديدة توصلت بها رسميا من خلال مكتبها بالرابوني لكنها فضلت الصمت المريب الذي يجعل مكتبها و العاملين به في المخيمات متواطئين، بل شركاء في الانتهاكات الحقوقية التي تحدث.

التقرير يؤكد أن الدبلوماسية المغربية عليها أن تستمر في يقظتها و في تحصين المكتسبات التي راكمتها منذ إقرار الحكم الذاتي كحل واقعي، و ذي مصداقية وصولا إلى اقتناع المنتظم الدولي بالبحث عن حل واقعي، و إلى أن تضاعف المؤسسات الوطنية خاصة منها المجلس الوطني لحقوق الإنسان عملها في الأقاليم الصحراوية و الترافع الأممي المنتج و الفاضح للوضع الحقوقي بالمخيمات و للمتسترين عليه، هي معركة حقوقية طويلة يجب أن تقاد بذكاء و بروح وطنية،و باستراتيجية واضحة.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *