نوفل البعمري يكتب: هل قايض المغرب الصحراء بفلسطين؟

نوفل البعمري

لست مطمئنا للأخبار التي يتم تداولها عن كون المغرب قد يقبل صفقة الصحراء مقابل إسرائيل، ليس فقط لأنها قد تكون مختلقة أو لأنها قادمة من الاعلام الاسرائيلي الذي ليست المرة الأولى التي يسرب فيها مثل هذه الأخبار، بل لأن المغرب لم يضع يوما وحدته الوطنية مقابل التطبيع مع إسرائيل، منذ افتعال ملف الصحراء و المغرب يفاوض ويضغط و يناور و يرافع بكل الطرق من أجل حل سياسي عادل ومستدام متمثل في مبادرة الحكم الذاتي، كما أن الإدارة الأمريكية وفي عز الازمات التي صاحبت النزاع الفلسطيني الاسرائيلي لم تستعمل ورقة الصحراء للضغط على المغرب، الملفين ومساريهما منفصلين، لم يلتقيا يوما ولا أعتقد أنهما سيلتقيان.

وزير الخارجية عندما يقول ان الدولة المغربية لن تكون فلسطينية اكثر من الفلسطينيين، و انهم سيدعمون السلطة الفلسطينية في اي قرار تتخذه، فهو لا يعبر عن موقف جديد بل عن موقف سياسي رسمي ثابت، هو مساندة قرارات السلطة الفلسطينية لأنها هي الأكثر قدرة على معرفة مصلحة شعبها، وهي التي تمثله، ولا يمكن أن ننوب عنها لانه في نهاية المطاف من يدفع الثمن، دما و ألما وسجنا هو الشعب الفلسطيني و هو الاقدر على تقدير موقفه من أي خطة أو مقترح حل، لذلك المغرب لم يكن له أن ينوب عنهم، على أننا تناسينا جميعا صمود المغرب امان مختلف الضغوط التي قد تكون مورست عليه سابقا وتناسينا استقبال الملك المغربي للعاهل الأردني في عز عزلة هذا الأخير عندما كانت تمارس ضغوط قوية على الاردن وكانت بعض التنظيمات الدينية أداة للضغط على ملك الأردن و نتذكر كيف تم تحريكها لإحداث اضطرابات في الأردن و كيف اختفت جل المسيرات و الهتافات من الشارع الأردني في محاولة لي دراع الملك عبد الله الذي وقف صامدا أمام تلك الضغوط رغم قوتها.

الإعلام و من يتناقل تناسى كل هذه الوقائع، و تناسى ان المغرب ملكا هو من يترأس لجنة بيت مال القدس، و هو من رفض كل محاولات تهويد القدس الشرقية و طمس معالمها الهوياتية و أعلن عن ذلك صراحة في إحدى خطبه، نتناسى كل ذلك و ينساق البعض للترويج لإشاعات تتعلق بمقايضة المغرب للصحراء بفلسطين، و كأن هذه الأخيرة ليس لها شعي و لا سلطة تمثلها!!!!

من يروج لهذه الإشاعات و بهذا الشكل المسيء للمغرب و لمؤسساته، ولتاريخه الوطني ولتاريخ علاقته بالقضية الفلسطينية، المغرب في ظل مواجهته لصفقة القرن حقق انتصارات سياسية في ملف الصحراء، وتحت نفس الإدارة الحالية لترامب التي هي من عززت في مختلف مسودات قرارات مجلس الأمن التي تبناها خيار الحل السياسي الواقعي، بروح جديدة.

للأسف هناك من يروج لهذه الاخبار ببلادة سياسية، و بحس لا هو وطني مدافع عن القضية الوطنية و لا هو قومي مناصر للقضية الفلسطينية، لماذا ببلادة لأنه عندما نروج لهذه الاخبار فإننا نخدم خصوم المغرب و نزكي خطابهم الذي يساوي بين القضية الفلسطينية ونزاع الصحراء « الغربية » ، والذي لطالما المغرب وقف سدا منيعا ضد هذه الإسقاطات الخاطئة المناقضة للتاريخ ولطبيعة الصراعين.

المغرب يدافع عن ملف وحدته الوطنية وسيستمر في ذلك سواء تم حل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي أو لم يحل، و سيظل مناصرا للقضية الفلسطينية داعما للسلطة الفلسطينية ومناهضا لتهويد القدس سواء اقتنعت الأمم المتحدة بمقترح الحكم الذاتي أم لا، لأن المسارين مختلفين، ولأن الحلين المختلفين ولأن أطراف الحل مختلفة،لذلك فلا مجال لهكذا إسقاط و لا مجال للترويج لهكذا إشاعات.

في الاخير نتناسى، ان لفلسطين شعبها الذي وصفه الراحل ياسر عرفات بشعب الجبارين هل نتصور أن المغرب قادر على كبح خياراته سواء كانت مقاومة أو مفاوضات…. وللمغرب شعبه الذي لم يتوانى في التضحية من أجل قضيته الوطنية الأولى ملف الصحراء،و كلا الشعبين في ظل تضامنهما لا يمكن أن يعوض الواحد الآخر و لا يمكن أن يكون الواحد بديلا عن الآخر.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *